اعتبر الخبير الاقتصادي، محمد يونس (بنغلاديش)، الفائز بجائزة نوبل للسلام لجهوده في مجال مكافحة الفقر في العالم (2006)، أن اعتماد آليات الاقتصاد التضامني بديلا عن الاقتصاد الربحي كفيل بالتخفيف من حدة الفقر في العالم. وأبرز يونس، في كلمة مطولة ضمن أشغال ندوة حول «الإدماج المالي والتنمية البشرية تمكين المهمشين اجتماعيا واقتصاديا» نظمها برنامج الخليج العربي للتنمية (الأجفند) والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية أول أمس الاثنين بالصخيرات، أن النظام الاقتصادي الحالي القائم على مراكمة الأرباح يستمر في خلق عالم طافح بالتفاوتات الاجتماعية، ويسهم في توسيع الهوة بين الأثرياء والفقراء. وتحدث عن فكرته المتعلقة بالتمويل الأصغر التي نهلت من تصوره المخالف للنموذج الاقتصادي الربحي، والتي تجسدت في تطوير نموذج لبنك لا يسعى للربح، وهو ما حصل بإنشائه بنك (جرامين) في بنغلادش الخاص بإقراض الفقراء لإدارة مشاريع صغيرة دون ضمان. وأنشأ يونس نوعا مختلفا من البنوك عام 1976 يوفر التمويلات الضرورية المدعومة بالادخار والتحويلات النقدية وتعزيز القدرات في مجال إدارة المشاريع الصغيرة، حيث تستغل الأرباح في إقراض فقراء جدد لدعم مشاريعهم. كما يصبح المقترض مالكا لأسهم في البنك، مؤسسا بذلك لنظام جديد للقروض الصغرى وجد صداه في دول أخرى من العالم. واعتبر الخبير الاقتصادي أن «الفقر ليس سببه الفقراء، بل سببه النظام الاقتصادي الذي يصنع الفقر»، منتقدا «النظرية الاقتصادية الحالية التي تسيء للإنسان عندما تعرفه على أنه كائن يبحث عن الربح باستمرار». كما انتقد غياب أي تشجيع على المبادرة الفردية وإحداث المقاولات والتشغيل الذاتي في المقررات التعليمية والمسالك الجامعية لعدة بلدان، بحيث الفكرة الوحيدة التي يتم غرسها في الطلبة هي «أن عليهم أن يدرسوا ليجدوا عملا لا لأن يوجدوا هم أنفسهم فرص عمل للآخرين». وشدد على أهمية الحلول المبتكرة والجذرية وغير المسبوقة التي يقدمها الاقتصاد التضامني في مساعي الدول لمكافحة الفقر. من جانبه، أكد مدير حملة الإقراض العالمية حول الإدماج المالي للفقراء، لاري ريد، على أهمية التمويلات الصغرى في محاربة الإقصاء الاجتماعي والتهميش الذي ينال الفئات المعوزة، منوها في الآن ذاته بالطابع الشامل لتدخلات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمملكة المغربية. وأشاد، في هذا السياق، بكون المبادرة المغربية في هذا المجال تدمج جميع الجوانب الكفيلة بالإسهام في تنمية الإنسان، سواء السياسية أو الاقتصادية أو التمويلية أو ما يتصل بإرساء قيم المواطنة والانتماء. وأكد على ضرورة تصميم نظام للإدماج المالي يتيح إمكانية الوصول إلى أشد الفئات عوزا داخل المجتمع عبر إحداث بنوك متخصصة في التمويلات الصغيرة جدا تحاكي نموذج بنك (جرامين) في بنغلادش. ويقوم هذا النظام، وفقا للاري ريد، على قياس مستويات الفقر ضمن الفئات المستهدفة، وإتاحة إمكانية الادخار أمام المستهدفين، اعتبارا لأهمية الادخار في إخراج الفئات الهشة من دائرة الفقر وإتاحة الإمكانية أمامها لتملك الأصول.