ما الذي يمكن أن يربط اليوم بين إعفاء وزير الشبيبة والرياضة محمد أوزين من مهامه بسبب فضيحة ملعب الرباط، وبين ما عاشته المناظرة الوطنية حول الرياضة التي احتضنتها الصخيرات في 2008؟ ثمة الكثير من نقط الإلتقاء. لكن أهم هذه النقط، هو أن الملك هو من نبه لما تعيشه الرياضة المغربية من مآسي وأحزان. لذلك قال في رسالته للمناظرة كل شيء، وعاد بعد ست سنوات ليتخذ قرارا غير مسبوق في ثقافتنا السياسية، وهو إعفاء وزير القطاع من مهامه. في رسالة الصخيرات، قال الملك دون لف أو دوران، إن في الرياضة المغربية فساد وسوء تدبير وتبذير.. وفيها الكثير ممن يبحثون عن مصالحهم الخاصة.. وفيها أيضا مرتزقة يوظفون كل شيء من أجل أهدافهم الشخصية. وعلى الرغم من أن تدبير هذا القطاع تناوب عليه أكثر من وزير من نوال المتوكل في النسخة الأولى لحكومة عباس الفاسي، إلى منصف بلخياط في نسختها الثانية، قبل أن يتم اختيار محمد أوزين ضمن فريق بنكيران، إلا أن مجالات الفساد وسوء التدبير والارتزاق لم تتغير في جل الجامعات الرياضية. لنتساءل كم من مكتب جامعي خضع للإفتحاص خلال هذه السنوات التي تفصلنا عن مناظرة الصخيرات؟ وكم من رئيس جامعة قدم للمحاكمة بسبب سوء التدبير والتبذير؟ وما هي الجامعات التي غيرت جلدها إلى الآن؟ بل لماذا لم يفتح قضاة المجلس الأعلى للحسابات ملف الرياضة المغربية التي تتحرك اليوم بملايير الدراهم، دون أن يأتيها الحساب لا من بين يديها ولا من خلفها؟ إلى اليوم، يوجد رؤساء جامعات معمرون. وإلى اليوم، توجد جامعات رياضية لا تعقد جموعها العامة في الوقت المحدد، بما في ذلك الجامعات الكبرى. وإلى اليوم، تتربع اللجنة الأولمبية الوطنية على عرشها لا تتزحزح بأعضائها الذين لا يتغيرون ولا يتبدلون، على الرغم أن من مهام هذه المؤسسة هو وضع السياسة الرياضية للبلد. مرت ست سنوات على دق الناقوس، دون أن ينتبه أحد. وانتظرنا أن تفضحنا الكراطة والإسفنج في ملعب الرباط، ونحن نحتضن تظاهرة عالمية في كرة القدم، لكي نعود إلى ذواتنا، ونكتشف نموذجا حيا لطرق تدبير القطاع الرياضي حينما قال بلاغ الديوان الملكي، إن الجهة التي كلفت بمشروع إعادة هيكلة ملعب المركب الرياضي مولاي عبد الله، لم تحترم دفتر التحملات، ولم تحترم المدة الزمنية الواجب احترامها بين بداية الاشغال، وانطلاق التظاهرة. لذلك لا بد أن يدفعنا القرار الملكي بإعفاء وزير من مهامه، للنظر في الكثير من الملفات الرياضية وغير الرياضية التي يعشعش فيها الفساد والارتزاق وسوء التدبير والتبذير. وهي نفس العناوين التي حملتها رسالة الملك في 2008، وعادت لكي تكتشفها اليوم في 2014. بقي فقط أن نأمل أن يكون درس الوزير أوزين، عبرة للكثيرين ليس فقط في الرياضة، التي يبدو أنها تعيش خارج الحساب بجامعاتها وأنديتها وعصبها الجهوية، ولكن في عدد من القطاعات الأخرى. فربط المسؤولية بالمحاسبة لا يجب أن يكون مجرد شعار نردده في الحملات الانتخابية، ومن على منصة البرلمان.