شبابنا المحترم: أنت من الأعمدة الأساسية للتنمية داخل بلدك المغرب الذي، طبعا، نحبه جميعا لأنه جزء منا ونحن جزء منه. هل تعلم، شبابنا، أن نسبة الشباب البالغ من العمر بين 18 و25 سنة المسجل في اللوائح الانتخابية لا يمثل سوى 7 في المائة. هل تعلم بأن نسبة الشباب الذي تتراوح أعماره بين 25 و35 المسجل في اللوائح الانتخابية لا تتجاوز 22 في المائة. لماذا، شبابنا، تغض الطرف عن كل ما له علاقة بالانتخابات إلا النزر القليل منك رغم النداءات المتكررة؟ ألست أنت الذي عجلت بالإصلاحات الدستورية والسياسية بالتعاون مع أطراف أخرى خلال 20 فبراير؟ إذن لمَ تتخلى عن التنزيل الديمقراطي للدستور بعد المشاركة المكثفة في مراحل التحضير للاستحقاقات المتنوعة؟ كيف لشريحة مهمة في المجتمع، تساهم في تقويم المشهد السياسي بالمغرب من خلال المواقع الاجتماعية ولها مؤهلات على مستوى الثورة التكنولوجية، أن يبتعد أغلبها عن الانخراط الفعلي في عملية التنزيل السياسي؟ إني أعرف أن هناك إشكالات مطروحة على المستوى السياسي، لكن هل الابتعاد عن الميدان هو الحل؟ إن قضاياكم وقضايا الأمة عامة يحددها القرار السياسي، فلماذا لا نساهم في هذا القرار، سواء من خلال الفعل المدني أو السياسي أو هما معا، خاصة وأن الدستور يتيح فرصا متعددة في هذا المجال وأنتم من المساهمين فيه؟ إن انخراطكم في المشهد السياسي مؤشر على مساهمتكم في التنمية وبناء دولة المؤسسات والتنزيل الديمقراطي للدستور... لقد أصبح حضور الشباب ضروريا سياسيا وقانونيا، سواء على مستوى البرلمان أو الجماعات الترابية أو المؤسسات المدنية، فلماذا نفوت هذه الفرصة تاركين فراغا على مستوى المساهمة في عمارة الأرض والبناء المؤسساتي؟ إن الوطن السياسي ليسا ملكا لأحد وإنما هو ملك للجميع، وهويته مرتبطة بمدى الدفاع عنه والانخراط فيه وتفعيل الديمقراطية في كل مناحيه، وإني واثق بأن الشباب قادر على أن يساهم في وضع النقط على الحروف في هذا المجال. إذن، شبابنا، هذه فرصتك فلا تتركها تنفلت من يدك، فلك مسؤولية تاريخية. أيرضيك أن السبعة ملايين من المواطنين الذين يتوفرون على البطاقة الوطنية غير مسجلين في اللوائح الانتخابية مع حذف بعض الاستثناءات من الزاوية القانونية؟ وأنتِ أيتها الأحزاب السياسية، ما هو الدور الذي تقومين به من أجل تحسيس الشباب ودعوته إلى الانخراط في المجال السياسي، البوابة الكبرى للتنمية؟ أي قدوة وأسوة يقدمها السياسيون، في غالبهم، من أجل جلب الشباب إلى الانخراط في مراحل المشاركة السياسية المتوجة بالاستحقاقات؟ إن المستشارين في الجماعات والمقاطعات مطالبون، اليوم، بتنظيم لقاءات مع الشباب من أجل تقديم حصيلتهم الجماعية، مع إبراز أهمية الانتخابات الترابية في الرفع من مستوى التنمية مجاليا؛ وهذا أضعف الإيمان. ولمَ لا يطلب الشباب من المستشارين تقديم حصيلتهم إلى المواطنين الذين صوتوا عليهم، وهذا هو عمق الديمقراطية التي من آلياتها ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ كان بودنا أن تصدر المندوبية السامية للتخطيط نتائج الإحصاء حتى نبرز نسبة الشباب، لأن هذا مؤشر على الاهتمام بهذه الشريحة التي تشكل، لا محالة، موقعا استراتيجيا على مستوى التنمية في بلادنا. إن انخراط الشباب في مراحل الاستحقاقات المقبلة، بما في ذلك التسجيل في اللوائح الانتخابية، مسؤولية الجميع لأنه بدون إشراك الشباب في العملية السياسية نكون قد أسسنا لثغرة ديمقراطية كبيرة تنعكس حتما على اختياراتنا التنموية، لأن الشباب هو المؤهل للمساهمة في وضع سياسات عمومية خاصة به وتفعيلها وتتبعها وتقويمها. شبابنا العزيز، إذا اقتنعت بمضامين هذا الخطاب، فإني أدعوك إلى التواصل مع أقرب مركز إداري من أجل التسجيل في اللوائح الانتخابية أو توظيف الموقع الإلكتروني المخصص لهذا الغرض، وبذلك تثبت للجميع أنك قادر على أن تساهم في تفعيل المشهد السياسي وترسيخ المعرفة السياسية وتعزيز الدور الانتخابي في البناء المؤسساتي والديمقراطي والمناخ التنموي والتبسيط الإداري وتقوية التواصل السياسي بين الأحزاب السياسية والمواطنين وإثبات أن بعض العزوف السياسي ليس مرتبطا بالسياسة وإنما بطرق التعامل معها، والشباب مفروض عليه حضاريا أن يساهم في بناء الحكامة السياسية لأن السياسة نبل وأخلاق. نور الدين قربال