لا نملك إلا أن ندين الجريمة الشنعاء التي استأصلت جريدة «شارلي إيبدو» بقتل أغلب أعضاء هيئة تحريرها؛ فمهما كان اختلافنا مع الجريدة وصحافييها ورساميها، ومهما اشتد رفضنا لخطها التحريري، لا يمكن أن نقابل «القتل الرمزي» الذي قامت به «شارلي إيبدو» لرموز الإسلام وقبلها رموز المسيحية وعدد من رموز الفكر والسياسة في فرنسا والعالم، بقتل مادي للعاملين في هذه الجريدة. القتل الرمزي للرموز الدينية والسياسية هو حكم قابل للاستئناف، والنقض، ومرتكبوه معرضون لمراجعة أفكارهم والاعتذار، مثلما حدث لرسام الكاريكاتور الدانماركي «كورت فسترغارد» الذي اعتزل الرسم بعد أن فوجئ بحجم الرفض والاحتجاج الذي قابل به المسلمون وغيرهم رسوماته المسيئة إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم؛ لكن القتل المادي لصحافيي «شارلي إيبدو» هو حكم غير قابل للمراجعة، فضلا عن كونه فعلا إجراميا إرهابيا. للأسف، سنكون مضطرين، مرة أخرى، إلى التذكير بأن الإسلام بريء من هذا الفعل، وأن الإرهاب، عموما، مردّه إلى عوامل مُركّبة، منها التأويل الانفعالي والعنيف للنص الديني، الذي يذكيه التهميش والاستبداد.. وأن إقرار عدالة دولية قد يساهم بشكل كبير في التقليل من منسوب العنف، كما أن تنسيب أحكامنا على الآخر ورؤيتنا له سيشكلان المدخل الرئيسي للتعايش بين كل الأجناس والأديان. وختام القول أن لا شيء يبرر القتل والإرهاب.