قضى عبد الحق كتامي، مدرب حراس مرمى المنتخب الوطني لكرة القدم، مدة طويلة في انتظار ضخ الراتب الشهري في حسابه البنكي دون نتيجة، فقرر التطوع باسم الوطن لخدمة المنتخب وإعداد حراس مرمى ب«بلاش»، نفس الإجراء يطال أحمد تيمسيح ممرض الفريق الوطني، والذي يعتبر عنصرا أساسيا ضمن الطاقم الطبي للمنتخب، حيث لازال ينتظر تسوية وضعيته وضخ أجرة تأخرت عن موعدها لمدة سنة كاملة. يعيش لكتامي وتيمسيح غضبا صامتا يبتلعان معاناتهما ويبذلان جهدا كبيرا في الحصص التدريبية وسفريات المنتخب الوطني، وفي المباريات الرسمية والودية وكأنهما ينالان رواتب محترمة جدا، لكن واقع الحال يكشف عن معاناة حقيقية مع راتب شهري يتجاوز ببضعة دراهم الحد الأدنى للأجور مع وقف التنفيذ. طالب مدرب الحراس والممرض المعالج بحقهما في نيل راتب شهري مقابل جهد وعرق العمل المضني، لكن الوساطات لم تنفع في شيء، لأن الأولوية حسب أحد أفراد الإدارة التقنية الوطنية، للناخب الوطني ومواطنه مورلان اللذان يتوصلان في الوقت المحدد برواتبهما الدسمة بالعملة الصعبة، أما الأطر والكفاءات المغربية التي تعمل في الظل فالانتظار هو قدرها. قدم امحمد أوزال قبل مغادرة الجامعة تطمينات للإطارين، ووعد لومير بالتدخل لأنه من غير المنطقي أن يكون ضمن فريق عمله أطر تعمل بالمجان، لكن سرعان ما توقف المطلب عند حاجز المصلحة المالية للجامعة الملكية المغربية التي تغدق على الكبار وتضيق الخناق على الصغار حسب المصدر ذاته. رفض المعنيان الخوض في هذا الموضوع وفوضا أمرهما إلى الله، رغم أن نبرات صوتهما وتقاسيم وجهيهما تنطق بالحيف والظلم، كما رفضت المصالح المالية تقديم مبررات التأخير في تسديد رواتب أعضاء الطاقم التقني والطبي للمنتخب، واكتفى المسؤول بالقول إنه يسدد راتب المؤطرين إذا تلقى أمرا من المسؤولين في إشارة إلى امحمد أوزال. قبل سنتين غادر أحمد العينين مدرب حراس المرمى معسكر المنتخب الوطني دون سابق إشعار وركب الطائرة صوب الخليج، بعد أن تبين له أن انتظار العقد والراتب قد يطول. اعتبر أعضاء جامعيون قرار العينين بالمغادرة الطوعية الاضطرارية ضربا لقيم الوطنية، لكن المعني فضل الرد بعقد دسم مع الاتحاد القطري لكرة القدم. وقبل ثلاثة أشهر رفض هشام الإدريسي راتبا شهريا دون الحد الأدنى للكرامة، وقرر عدم التوقيع على عقد وصفه بالمهين، دون أن يتحرك أحد لاستدراك الخطأ، حينها قرر الإدريسي الالتحاق بالوداد بدل حمل بذلة المنتخب بجيوب فارغة. قبل أن يغادر رئيس جامعة الكرة الجنرال دو كور دارمي حسني بنسليمان كرسي الرئاسة، قام بزيارة إلى مقر المركز الوطني لكرة القدم بالمعمورة، واجتمع بالأطر التقنية العاملة تحت إشراف الإدارة التقنية الوطنية، واستمع إلى مشاكلهم ومشاغلهم وكلها كانت تختزل معاناة مع رواتب معطلة، استغرب الجنرال للوضع وطالب من أحد مرافقيه العسكريين الاهتمام بالملف، لكن بعد عشرة أيام خسر المغرب أمام الغابون وخسر المؤطرون رهان التسوية. غادر مجموعة من المدربين المغاربة الإدارة التقنية لأنهم رفضوا الاشتغال بالمجان، في الوقت الذي تحرص فيه المصالح المالية على احترام موعد رواتب الناخب الوطني والمدير التقني لصرفها في وقتها المحدد وبالعملة الصعبة. رحل سعيد الخيدر لأنه لم يجد مخاطبا و«تصدق» بشهر من تدريب الفئات الصغرى بالمجان، وعلى نفس المنوال سار مدربون آخرون ظلوا يتوصلون في نهاية كل شهر بتحويلات عبارة عن وعود مع تنويه يومي بروح الوطنية. ومن المفارقات الغريبة في هذا الملف، إصرار ودادية المدربين المغاربة على الصمت وعدم إصدار أي بيان احتجاجي في الموضوع، بل إن الجامعة سددت أزيد من 70 مليون سنتيم لوكالة اتصال قامت بتنظيم الجمع العام الأخير للجامعة، وهو ما ينفي وجود خصاص على مستوى السيولة المالية. تبقى الإشارة إلى أن عبد الحق لكتامي كان وراء توفير رصيد هام من حراس المرمى المميزين، مما حول المغرب الفاسي إلى مزود رئيسي للأندية الوطنية بحراس المرمى على الصعيد الوطني والدولي، كما أن الممرض الحاج تيمسيح ارتبط طويلا بالوداد البيضاوي ورافق النادي في أكبر المواجهات القارية والعربية والمحلية قبل أن يختار المغادرة الطوعية.