لا يتأخر الجمهور في تقديم الدروس للمسؤولين المغاربة. وإذا كان فصيل «حلالة بويز» يقدم دائما كنموذج للجمهور العريق الذي لا يبح صوته حين يكون الفريق في مأزق، فإن جمهور اتحاد طنجة لم يتوقف، رغم نزول الفريق منذ عدة مواسم إلى القسم الثاني، عن التنقل عبر أفواج وعبر جميع مدن المملكة لمساندة الفريق والوقوف إلى جانبه. وغير هؤلاء وأولئك تتغير الأسماء والأماكن وألوان الفرق وتحدث هنا وهناك انفلاتات، تتحمل كثير من الأطراف مسؤوليتها وليس فقط الأفراد، لكن يستمر الجمهور المغربي، أو على الأقل قسط منه في إبهارنا بقدرته على الإبداع وفي بعث رسائل جميلة إلى كل من يهمه الأمر، بل إنه كثيرا ما نجح في أن يكون العوض عن كرة لم تعد ممتعة في كثير من المباريات. أما في الرجاء حيث يتبادل منذ بضعة أيام رؤساء فروع النادي السب والقذف في بلاغات تجد طريقها إلى الصحف، فلم يتأخر الجمهور في إعطاء درس بليغ إلى هؤلاء في المواطنة. وفي الوقت الذي يعيش فيه النادي «موتا سريريا» وتخاصم فيه النتائج فريق كرة القدم، في هذا الظرف بالذات يتسابق رؤساء فروع النادي لضمان مقاعد لهم في المكتب المديري بينما يجتهد مجموعة من الشباب لإنجاح مبادرتهم غير المسبوقة على الصعيد الوطني. هذا الجمهور الذي رفع قبل سنوات قليلة «تيفو» باسطا» في وجه المكتب المسير السابق، يسابق شبابه اليوم الزمن لجعل مباراة الرجاء ضد المغرب الفاسي والتي يذهب نصف مداخيلها لفائدة المهدي، نجل لاعب الرجاء الراحل زكرياء الزروالي، مباراة مثالية ودرسا في المواطنة. هؤلاء الشباب يريدون أن يثبتوا –لمن هو في حاجة إلى ذلك- أنه يمكن أن تكون مدرجات الملاعب المغربية نظيفة من الأزبال وأيضا من الكلمات الساقطة، وأنه من الآن فصاعدا يمكن أن تتابع العائلة مجتمعة مباريات كرة القدم من على مدرجات الملعب دون أن تكون مضطرة لوضع القطن في أذنيها. تنفيذ المبادرة قطعا ليس سهلا، لكنه تحدي يراهن الشباب على إنجاحه، وهم قادرون على فعل ذلك. ومن أجل فعل ذلك يمضون ساعات طويلة خلف حواسيبهم وأمام شاشات هواتفهم النقالة لإقناع الآخر بقوة اقتراحهم، ومع ذلك يصرون أن يقع كل ذلك دون الكشف عن هوياتهم أو الظهور إلى العلن، لكن في هذا الوقت الذي يجتهدون فيه لجعل الرجاء فريقا متفردا في مبادراته، يستغرق المسؤولون بالفريق ورؤساء فروع الرجاء في تبادل السب والقذف عبر بلاغات تحمل شعار الفريق ويستمر المنتخبون في إهمال معلمة من قيمة ملعب محمد الخامس، الشاهد على العديد من الأحداث الرياضية. فهل ستكون لرؤساء فروع الرجاء والمنتخبين شجاعة مشاركة الشباب مبادرتهم؟ هل بينهم من سيتواضع مثلهم ويشارك في تحسيس الجمهور بأهمية المساهمة في تنظيف مكانه وتحفيز اللاعبين دون أن يكون مضطرا لشتمهم؟