التصريحات التي أطلقها عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، بخصوص «تورط» برلمانيين في تلقي رشوة بمبلغ ملياري سنتيم للضغط من أجل تمرير تعديل على قانون المالية يخدم مصلحة شركة تبغ معروفة، لا يجب أن تمر مرور الكرام بالنظر إلى خطورة الاتهامات التي ساقها النائب، وبالنظر إلى المعطيات التي أوردها، ومنها أن العملية تمت على مراحل، وأن لقاء تم لهذه الغاية بين «الراشي والمرتشين» في فيلا معروفة بالرباط. ما قاله بوانو -خلال الجلسة العامة لمناقشة مشروع قانون المالية- يتجاوز الجدل السياسي، الذي صار يطبع منذ أسابيع جلسات البرلمان، حيث يستعمل نواب الأمة كلاما أقرب إلى كلام السوق منه إلى كلام يليق بممثلين للشعب. إذ أن خطورة اتهامات بوانو تقتضي أن تكون موضوعا لبحث جنائي لكشف المتلاعبين في القضية، لأن النائب قدم تفاصيل كثيرة لا يمكن للجهات المختصة أن تغفلها. الأمر في اعتقادنا لا يتعلق بمجرد رشوة في مجال سياسي ضيق، بل يتعداه إلى اتهامات صريحة وعلنية بتلقي رشاوى في مجال يهم المغاربة دون استثناء، والخطورة تكمن في أن الأفعال التي أوردها النائب من شأنها أن تسبب ضررا بالغا لميزانية الدولة، لأن من شأن ذلك حرمان الخزينة من موارد مالية مهمة هي في أمس الحاجة إليها. الكرة اليوم في ملعب وزير العدل، ولا نظن أن زمالته لعبد الله بوانو في الحزب، ستمنعه من إعطاء الأمر بفتح تحقيق في النازلة، لأن من شأن ذلك أن يكشف أجزاء أخرى من جبل الجليد الذي خفي عن بوانو نفسه، وهي فرصة للحكومة بأن تثبت للمغاربة بأنها أتت فعلا لمحاربة الفساد أينما وجد.