إيموزار مرموشة، أرض المقاومين والشهداء، ذلك ما تخبرك به لائحة وضعت بالقرب من المقبرة التي توجد بمدخل «مرموشة» بأسماء المقاومين الذين فدوا الأرض بأرواحهم. شراسة وصلابة رجال، يشهد لهم التاريخ، وأيضا اعترافات المستعمر في كتابات عدة على قلتها، لدرجة تصنيفه لمقاومي مرموشة ضمن مثلث الموت الذي شمل كلا من الريف، وتيزي أوسلي.. تاريخ حافل ذلك الذي تتداول بطولاته ألسن الشباب والصغار قبل الكبار، حيث يعيشون على مفخرة أجدادهم، الذين نهلوا منهم صلابة وشدة وعدم اليأس في المطالبة بحقوقهم المشروعة والمتمثلة في شروط حياة كريمة، تقيهم وذويهم من الفقر والبطالة والتهميش الذي لن تحتاج الكثير لتستشف معالمه البادية على كل المصالح الموصدة أبوابها، قبل أن تسأل السكان ويفتحون لك قلوبهم للبوح بحكاية مواطنين يئنون، يعانون ويكابدون في إصرار على نيل المطالب بالرغم من قلة الحيلة، اللهم مسيرات احتجاجية متواصلة منذ سنوات وسيرا على الأقدام.... «المساء» وفي زيارة ميدانية التقت عددا من سكان «إيموزار مرموشة» الذين يصل عددهم إلى ما يقارب 30 ألف نسمة، من مختلف الأعمار، يعيشون على العفاف والكفاف وضيق اليد، يتدافعون نحوك لأجل إبلاغك معاناتهم التي لا تعد ولا تحصى وإن كانت الدوافع السياسية والصراعات حاضرة أيضا. عندما تطأ قدماك إيموزار/مرموشة، تطالعك مقبرة عند مدخل المدينة الصغيرة وأيضا قبور لشهداء المقاومة ونصب تذكاري يؤرخ لمرور رجال فدوا الوطن بدمائهم من تلك الأرض. وما أن تتقدم بخطوة ثانية وثالثة إلى الأمام حتى تتراءى لك أبواب موصدة وضعت عليها أقفال للعديد من المرافق الحيوية، محكمة الأسرة، مركز فلاحي، المتحف المحلي للمقاومة وجيش التحرير، وأيضا تجد مرافق أخرى وقد طالها الصدأ، ولا تحمل من وجود لها غير الاسم المرسوم على لافتات، نال منها التهميش والنسيان، شأنها شأن السكان الذين بمجرد ما التقت بهم «المساء» حتى تقاطر عليها عدد هائل من الشكايات والبيانات والمراسلات التي بعث بها حقوقيون وجمعويون لمسؤولين ومازالوا ينتظرون، مما يجعلهم مجبرين على تنظيم وقفات احتجاجية والسير بالمئات إلى مدينة فاس، لعلهم يجدون من يسمع لواحدة من مشاكلهم التي هي ذات طبيعة اجتماعية، وتهم الحياة اليومية لأي مواطن من صحة وتعليم وبنيات تحتية ومسالك تفك العزلة عن سكان الدواوير المجاورة الذين تكلفهم التساقطات الثلجية في كل سنة مصدر رزقهم بنفوق ماشيتهم. في ضيافة الأهالي «المقبرة هي الوحيدة اللي بلافلوس في مرموشة» عبارة استهل بها أحد الشباب المندفعين في حديث الجلسة التي ضمت غالبية فعاليات المجتمع المدني، والتي استمعت خلالها «المساء» لمجموعة من الأسئلة التي طرحها الشباب قبل الكبار والمسنين، وجلها تصب في السبب الكامن وراء تهميش المسؤولين ل»مرموشة» التي فدت الوطن في الأمس القريب برجالاتها، ليعاني الأبناء والأحفاد مرارة عيش يجعلهم يرون في اختيارهم لولوج الخدمة العسكرية رحمة وامتيازا يخلصهم وذويهم من جحيم الفقر والعوز.. أسئلة وحقوق هي بسيطة ومشروعة لا يمكن لأحد أن ينكر ذلك ومن شروط العيش الكريم لكل مواطن لكنهم محرمون منها، ويرونها امتيازا يحظى به غيرهم من المغاربة في مناطق مختلفة، الشيء الذي يجعل المستمع لكلماتهم يشعر باحتقان وألم دفينين. مصالح مهملة وأخرى مغلقة -مركز صحي وحيد: يفتقر لأبسط الشروط المناسبة لتوفير التطبيب للسكان، حيث يفتقر لجهاز الكشف وكذا مولدة، مما يدفع النساء إلى الذهاب إلى مراكز تبعد عنهن بأميال، وينتج عن ذلك وفاة المواليد في الطريق في غياب سيارة إسعاف وكذا قسم المستعجلات. -دار الشباب: لا تحمل من وظائفها غير اسمها المكتوب، والذي نال منه الصدأ، حيث تفتقر لصالة عروض وهي أقرب إلى الخرابة من دار لتأطير الشباب واحتضان مواهبهم الإبداعية وتطويرها، وفي الموضوع ذاته قال حسن باسيم (مؤطر وطني في جمعية الأخوة للفن والثقافة) « لدينا دار شباب بالاسم فقط، حيث نضطر لأجل القيام بعروضنا الفنية، السفر إلى سكورة وتحمل عناء ما يصل إلى 70 كلم من منطقتنا». -محكمة أسرة بدون قاضي: يعاني سكان «مرموشة» ومنذ سنين من الغياب الكامل لمرفق القضاء، مما يضطر معه المتقاضون إلى التنقل إلى المحكمة الابتدائية بميسور أو إلى مركز القاضي المقيم ببولمان، مما يزيد من معاناتهم ويعرض مشاكلهم لكثير من التعقيدات. -مركز فلاحي: رغم التوسع الهام للنسيج الجمعوي من جمعيات فلاحية وتعاونيات، فقد ظل المركز الفلاحي الموجود بمركز إيموزار مرموشة مغلقا منذ سنوات، مما يحول دون تطور الجمعيات الفلاحية وإنجاز برامجها، وكذا غياب تأطير وتكوين أطرها. -بنيات تحتية غائبة: طرق غير معبدة تربط الدواوير المحاذية لمرموشة -كدوار تاوريرت، أيت إبراهيم وأيت ثابت، تاغرامت، أيت وارياش دوماوير- اللهم الممرات المستعملة والتي أكد المرموشيون ل»المساء» أنها هي نفسها التي خلقها المستعمر لمطاردة المجاهدين والمقاومين في الجبال والهضاب. احتقان ومسيرات احتجاجية لا يمر شهر من دون أن يخوض أهالي إيموزار مرموشة، احتجاجات ونضالات لأجل المطالب الاجتماعية ذاتها، التعليم، التطبيب وفك العزلة، والمطالبة بالتفاتة تخرجهم وذويهم من التهميش والفقر الذي طالهم منذ عقود، بفعل انخفاض مؤشرات التنمية في منطقة تصنف في خانة المغرب غير النافع وغياب البنيات التحتية. واقع يجثم على صدور المرموشيين ويشعرهم بالغبن الذي أوجزه أحد شباب المنطقة في قوله « حنا هنا مكيتفكرونا غير فالانتخابات لاطرق ولا صحة ولا خدمة ...جدودنا ضحاو من أجل البلاد ومسؤولوها سادين وذنيهم على مطالبنا المشروعة...» كلمات مؤثرة تلخص معاناة سكان «مرموشة» الذين لا يملكون من سبيل لإيصال أصواتهم غير خوض أشكال نضالية عدة ومتتالية، وكذا مسيرات احتجاجية بقطعهم لمئات الكيلومترات مشيا على الأقدام، رصيدهم شعارات ضد التهميش والواقع الاقتصادي والاجتماعي المزري الذي يتخبطون في ويلاته، في انتظار مقابلتهم من مسؤول بمدينة فاس يرأف بالحال. نداء مشروع حلم مشروع وغيرة على انتماء، ذلك ما عبر عنه شباب «مرموشة» ل»المساء» والذي أوجزه محمد هروش رئيس جمعية تيفناغ للثقافة والفن في تصريحه «لا نريد أن تظل مرموشة منطقة نزاعات سياسية أو خدمة مصالح أشخاص بعينهم، نحن شباب نغار على هذه المنطقة ونريد تنميتها والنهوض بأوضاع أبنائها الاجتماعية، واستغلال مؤهلاتها الطبيعية الغنية، حيث هضاب وتلال قبائل مرموشة من شأنها أن تجعل من المنطقة ودواويرها المجاورة، قبلة للسياح المغاربة والأجانب، فقط تتطلب قليلا من البنية التحتية والتنمية؟» شلالات تحتضر.. ألم يتقاسمه المرموشيون وأيضا شلالات إيموزار التي تحتضر بفعل وجود مطرح للأزبال بالقرب من منابعها و»الواد الحار» الذي يصب في مياهها. روعة وجمال طبيعي رباني وخرير مياه لوث بمياه الصرف الصحي العارية قنواته (الواد الحار) في اتجاه الوادي(ايموزار مرموشة). يجعل من يقترب يبتعد إلى أبعد نقطة ممكنة احتراسا من رائحة تزكم الأنوف، وأيضا خوفا من سور متآكل انهار منه الكثير فصار يشكل خطرا على القريبين منه. وأيضا انتشار بعض البنايات العشوائية على طول الطريق المؤدية إلى هذا المكان، مما يزيد من مأساوية المكان. يقول أحمد التفاحي حقوقي ومن أبناء المنطقة، إن الشلالات كانت منتعشة في عهد الاستعمار، إذ قامت سلطات الحماية آنذاك بتعبيد مسالك تؤدي إلى أسفل الشلالات عبر درج يتكون من مئات الأدراج، يقطعها الزوار من عشاق المغامرة عبر المشي بين أشجار التين والأحجار الكبيرة المترامية على أطراف الوادي، ليطال هذه المعلمة السياحية اليوم يضيف التفاحي التهميش بعد أزيد من نصف قرن على استقلال البلاد ويعاني السكان المجاورون للوادي من تسربات لمياه الصرف الصحي، مما يلحق ضررا بأغراسهم ومزروعاتهم» وفي الشأن ذاته سبق لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن رفع في أكثر من مرة بياناته لأكثر من جهة ومسؤول بخصوص الاختلالات التي همت موضوع الصرف الصحي للنفايات السائلة على مستوى الدراسة والإنجاز والتتبع، وحمل مسؤولية ما تسبب فيه من أضرار اقتصادية فلاحية وبيئية، صحية واجتماعية لجميع الأطراف المسؤولة عن تنفيذ المشروع. مطالب المرموشيين بالرغم من التضحيات الجسام التي أقدم عليها أجدادنا وآباؤنا خلال ثورة 2 أكتوبر 1955 ، ...فقد ظلت مطالبنا خارج الاهتمام الحكومي رغم مرور أكثر من نصف قرن،لأجل ذلك: -نطالب بإعادة القراءة لملفات طالبي صفة المقاوم بإيموزار مرموشة وتصفية هذا الملف بشكل نهائي وجبر الضرر الفردي والجماعي. -على المستوى الصحي مازال المركز الصحي غير كافي للاحتياجات المتزايدة للسكان لأجل ذلك نطالب ب: جهاز الكشف، مختبر، مولدة، وإعادة بناء المركز وتجهيز قسم الولادة وتوفير أسرة، وكذا توفير سيارة الإسعاف مجانا للنساء الحوامل. -يعرف قطاع التعليم اختلالات كبيرة على مستوى التعليم الابتدائي بالجماعات القروية أو على مستوى ثانوية 2 أكتوبر..نقص الأطر التربوية ببعض المؤسسات، الحالة المزرية للبنايات التعليمية ومشكل المنح الدراسية وتوفير حجرات دراسية لتمكين المئات من الأطفال من حقهم في التمدرس والتحصيل وتوفير الأطر التربوية الضرورية. - إيجاد حل للانقطاعات المتكررة للكهرباء ومراجعة التسعيرة المعتمدة خاصة في فصل الشتاء. -إعادة فتح المركز الفلاحي بشكل فوري وإصلاحه وإعادة توسيعه. - فك العزلة عن الدواوير المتواجدة بتراب الجماعات القروية: تالزمت، أيت بازة، أيت ألمان وربطها بشبكة المواصلات والماء والكهرباء. -الاهتمام بدار الشباب وتوسيعها ووضع حد لمروجي المخدرات والأقراص المهلوسة وتوفير الأمن. -فتح مصلحة البيطرة بعد إغلاقها وتوفير طبيب بيطري حيث يعتمد السكان في أنشطتهم على تربية الماشية بما يقارب 100 ألف رأس.