ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتخابات التشريعية بتونس.. نتائج غير متوقعة تسائل تجربة الإسلاميين
تونس تشق طريقها نحو الديمقراطية ..
نشر في المساء يوم 29 - 10 - 2014

بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت الأحد المنصرم بتونس، أكد التونسيون للعالم أنهم سائرون على درب بناء أسس الدولة الديمقراطية. فبعيدا عن الاختلافات والتشنجات التي تعودت المنطقة أن تعرفها بسبب التنازع على المقاعد الانتخابية، وتشكيك الجهة الخاسرة في مدى نزاهة العملية الانتخابية، خرجت حركة النهضة عن صمتها الانتخابي وهنأت الحزب الذي حل قبلها في المرتبة الأولى، حزب «نداء تونس»، على النتيجة حتى قبل صدور النتائج الرسمية النهائية.
لم ينتظر حزب النهضة، الذي فاز بأول انتخابات في تونس بعد الإطاحة ببنعلي في أكتوبر 2011، حتى لحظة الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات، التي جرت الأحد، بعدما اعترف الحزب أنه حل ثانيا في الانتخابات وراء الوافد الجديد، حزب «نداء تونس»، ولم تقف حركة النهضة عند هذا الحد، بل قام زعيمها راشد الغنوشي بتهنئة الباجي القايد السبسي، وهي الخطوة التي حسبت للحركة، بصفتها مبادرة تنم عن روح الديمقراطية والالتزام بنتائج الاقتراع كيفما كانت نتيجتها. وحسب النتائج الأولية، التي ظهرت تباعا يوم الاثنين، حلت «حركة النهضة» الإسلامية ثانية بالانتخابات التشريعية التونسية التي أجريت الأحد، خلف حزب «نداء تونس» العلماني.
وأفاد زياد العذاري، المتحدث الرسمي باسم حزب النهضة، استنادا إلى إحصائيات مراقبي حزبه لمراكز الاقتراع بأن «لدينا تقديرات غير نهائية، أنهم (نداء تونس) في المقدمة (...) سيكون لنا حوالي 70 مقعدا (في البرلمان) في حين سيكون لهم نحو 80 مقعدا».
وبذلك أصبح شبه مؤكد أن يكلف حزب «نداء تونس» بتشكيل الحكومة المقبلة من قبل رئيس الجمهورية التونسية، بصفته الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد، في انتظار النتائج الرسمية النهائية التي تحمل إمكانية حصول فوارق طفيفة في النتائج الكاملة.
وحسب نتائج أولية شبه كاملة نشرتها وكالة الأناضول، أول أمس الاثنين، استنادا لإحصاء خاص بها، حصد نداء تونس حوالي 38 بالمائة من مقاعد البرلمان مقابل نحو 31 بالمائة حققها حزب النهضة، ليصبح نداء تونس هو الحزب الذي سيعهد إليه بتشكيل الحكومة، لكنه سيتوجب عليه التحالف مع أطراف سياسية أخرى لضمان الأغلبية البرلمانية.
وحقق نداء تونس بهذه النتائج مفاجأة لم تكن لتتحقق قبل ثلاث سنوات، بعدما نجح في التفوق على حركة النهضة، التي فازت بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات أكتوبر 2011 ، التي تعد أول انتخابات شعبية تجرى بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بنعلي، والتي تشكل في خضمها المجلس التأسيسي، خاصة أن معظم التوقعات كانت تذهب باتجاه أن يكون «نداء تونس» بزعامة الباجي قايد السبسي، الحزب «الثاني» في البرلمان بعد النهضة.
وبحكم الفصل 89 من الدستور التونسي، يكلف رئيس الدولة الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة.
وحسب ما نقلته وكالة الأنباء التونسية، فقد أفاد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، شفيق صرصار، أن نسبة تجميع النتائج في مراكز الفرز بلغت إلى حدود الساعة السابعة من مساء الاثنين، 52.96 بالمائة.
وأكد صرصار خلال مؤتمر صحفي أن النتائج التي تقدمها الهيئة هي نتائج جزئية لعمليات الفرز بالنسبة للانتخابات التشريعية 2014 وليست النتائج الأولية التي يحددها القانون الانتخابي وتقوم الهيئة بتعليقها في مقرها، موضحا أن آجال الطعون ينطلق احتسابها ابتداء من الإعلان عن النتائج الأولية.
وقد تم خلال المؤتمر استعراض نتائج الفرز في دائرتي توزر وتطاوين، باعتبارهما من الدوائر الصغرى التي يسهل فيها احتساب النتائج، واللتين تصدرت فيهما حركة النهضة المرتبة الأولى بنسبة 65.4 بالمائة من الأصوات في تطاوين وبنسبة 27.30 بالمائة من الأصوات في دائرة توزر.
وبخصوص حضور بعض الأحزاب في العديد من المنابر الإعلامية، قبل انتهاء فترة الصمت الانتخابي، أفاد الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات، كمال التوجاني، بأن الأمر يعود أساسا إلى حصول خلط، بسبب بيان الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، والذي أعلنت فيه أن «الصمت الانتخابي ينتهي بغلق مكاتب الاقتراع داخل تراب الجمهورية وليس خارجها «.
أما فيما يتعلق بطريقة احتساب النتائج التي أعلنت عنها بعض الأحزاب، أوضحت عضو الهيئة المستقلة للانتخابات، لمياء الزرقوني، أن «الأحزاب لها ممثلون داخل مكاتب الاقتراع ومراكز التجميع، بإمكانهم الإطلاع على النتائج والحصول على نسخ لمحاضر الفرز وبالتالي بإمكانهم التوصل إلى نتائج قريبة من الواقع «.
وأشارت في هذا الصدد إلى أن الهيئة تقوم بتجميع كافة المحاضر من مراكز التجميع وتتعامل معها رسميا، وفق عملية إجرائية دقيقة، قبل إصدار النتائج الأولية.
ردود فعل
أولى ردود الفعل بخصوص النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، جاءت على لسان الحزبين اللذين تبوآ المرتبة الأولى والثانية، إذ قال رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي، في أول تصريح إعلامي له منذ الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي أظهرت تقدم حزبه، إن حزبه مستعد للحكم مع الأقرب له، في حين قال رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، إنه لا مجال لإقصاء أحد في تونس بعد اليوم، وإن الحركة حريصة على الوحدة الوطنية.
وأضاف السبسي «نحكم مع الأقرب لنا، والعائلة الديمقراطية (دون أن يذكر أسماء معينة) الأقرب لنا، ولكن ينبغى الأخذ بالاعتبار النتائج النهائية''.
ونقلت وكالة الأناضول عن السبسي تصريحاته لقناة الحوار التونسي الخاصة، مساء أول أمس الاثنين، التي بيّن فيها أنه توقع الانتصار في الانتخابات، مشيرا إلى أنهم «يتجاوبون مع وجدان التونسيين أكثر من غيرهم».
كما بيّن السبسي أن «نجاحهم في الانتخابات التشريعية له تأثير على الانتخابات الرئاسية».
وجاءت تصريحات السبسي بينما قال الأمين العام لحركة «نداء تونس» الطيب البكوش إن حركته لن تنفرد بالحكم مهما كانت النتائج.
في سياق متصل، قال راشد الغنوشي خلال مؤتمر شعبي أمام مقر حركة النهضة بالعاصمة تونس، مساء أول أمس الاثنين، إن «المستقبل في تونس اليوم للحرية وللإسلام والوحدة الوطنية ورفض العنف والإقصاء والإرهاب».
وأضاف الغنوشي في مهرجان خطابي حاشد لأنصاره أمام مقر الحركة في العاصمة تونس، أن بلاده تعتبر الدولة العربية الوحيدة التي تجري فيها الانتخابات دون تدخل مؤسسات الدولة.
كما أكد أن النهضة «لن تسمح بعودة أصنام الحزب الواحد والزعيم الأوحد والانتخابات المزيفة والمال الفاسد إلى الأبد».
من جانبه، قال نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، إن «الخط السياسي لحركة النهضة والتحالفات المحتملة مع باقي الأحزاب ستكون مشروطة بتطبيق البرنامج الثوري وضمان استقرار تونس وبتحقيق أهداف الثورة، وإن الموقع السياسي غير مهم بقدر أهمية البرنامج الذي ستضطلع به مستقبلا».
وأضاف أن «الحركة سيكون لها دور رئيسي في السنوات القادمة وستكون ضمن مفاتيح المشهد السياسي الجديد، فهي قوة وطرف رئيسي».
إشادة دولية
الانتخابات البرلمانية التي جرت في تونس لاقت ترحيبا وإشادة دوليين، فقد هنأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول أمس الاثنين، تونس على إجراء الانتخابات التشريعية واصفا إياها بأنها «خطوة حاسمة من أجل مستقبل البلاد»، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية التونسية. وقال في بيان نشر على الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة على شبكة الإنترنت: «إن الانتخابات التي أجريت الأحد هي حجر زاوية في عملية التحول الديمقراطي»، مضيفا أن هذه الخطوة «لئن تأتي بأمل كبير، إلا أنه ما تزال هناك العديد من المهام الضرورية أمام الحكومة القادمة». وأكد بان كي مون في البيان ذاته أن المنظمة العالمية مستعدة لدعم تونس في هذا الشأن.
كما هنأ الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الشعب التونسي على الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الماضي والتي وصفها ب»الديمقراطية».
وقال الرئيس الأمريكي في بيان: «باسم جميع الأمريكيين أهنئ شعب تونس على الانتخاب الديمقراطي لبرلمان جديد، وهو مرحلة مهمة في الانتقال السياسي التاريخي لتونس».
وتابع أوباما «إن التونسيين بوضعهم بطاقات الاقتراع في الصناديق اليوم إنما يواصلون إلهام الناس في منطقتهم وفي العالم كما فعلوا خلال ثورة 2011، ومع اعتماد دستور جديد خلال هذا العام».
وأضاف الرئيس الأمريكي في بيانه: «إن الولايات المتحدة تكرر التزامها بدعم الديمقراطية في تونس وإقامة شراكة مع الحكومة المقبلة للاستفادة من الفرص الاقتصادية وحماية الحرية وضمان الأمن لجميع التونسيين».
كما هنأت الخارجية الفرنسية تونس على الانتخابات، بعدما أشاد وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، بحسن سير الانتخابات التشريعية في تونس.
وقال فابيوس، في تصريح إعلامي، أول أمس الاثنين، «بعد قرابة أربع سنوات من اندلاع الثورة التونسية، أقبل التونسيون على هذا الاقتراع الحاسم، الذي يدشن مرحلة تنصيب المؤسسات الدائمة والديمقراطية للجمهورية التونسية الثانية»، مضيفا أن «فرنسا مسرورة بذلك».
وأضاف وزير الخارجية الفرنسي «لقد حقق التونسيون تقدما تاريخيا يوم الأحد، بتأكيد تمسكهم بالديمقراطية...، إنهم يثبتون أن الديمقراطية ممكنة في كل القارات وفي كل الثقافات»، على حد تعبيره.
الحزب الفائز لن يحكم بمفرده
من جهته أشاد رئيس الوزراء مهدي جمعة، أثناء قيامه بالتصويت في مكتب اقتراع بشمال العاصمة تونس، ب «اليوم التاريخي» وقال إن «في نجاح هذه العملية ضمان للمستقبل وكذلك ضمان لانفتاحنا على الخارج، وبصيص أمل نعطيه للشباب في المنطقة حيث أوضاعه في كثير من البلدان صعبة». وتعيش البلدان العربية الأخرى، التي شهدت ما سمي ب «الربيع العربي»، أوضاع فوضى وقمع.
الحزبان اللذان حلا في المراتب الأولى مختلفان لحد ما، فحزب «النهضة الإسلامي» الذي أمسك بزمام الحكم بين 2011 و2014 يعد من الأحزاب الإسلامية التي استطاعت الصمود بعد ثورات الربيع العربي، أما حزب «نداء تونس» فيتكون من أطراف مختلفة تشمل نقابيين ومستقلين ومعارضين سابقين لبنعلي، كما أعضاء سابقين في «التجمع الدستوري الديمقراطي» الحاكم في عهد الرئيس المخلوع. لكن طبيعة الاقتراع التي تترك مجالا للأحزاب الصغيرة للفوز بمقاعد في البرلمان لن تمكن أيا من الأحزاب في حال فوزها بالحكم بمفردها. وسيتم تقاسم السلطة بين مختلف الأحزاب حسب الائتلافات التي ستتكون لاحقا.
فحزب «النهضة» الذي ترك الحكم بداية 2014 لصالح حكومة تكنوقراط، بعد أن عرف أزمات عديدة في 2013، قال قبيل الانتخابات إنه سيسعى في حال فوزه إلى تشكيل حكومة توافقية، مؤكدا استعداده حتى للتحالف الظرفي مع «نداء تونس».
أما «نداء تونس» الذي يقدم نفسه كبديل وحيد للنهضة ويصفه بانتظام بالظلامي، فيتوقع التحالف مع أحزاب قريبة منه «إيديولوجيا»، لكنه لم يستثن قطعا التعاون مع «النهضة».
اقتراع حاسم لإرساء
مؤسسات دائمة
وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات الأحد 61.8 بالمائة، حسب أرقام رسمية جزئية، أي ما يمثل نحو ثلاثة ملايين ناخب مقابل مشاركة أكبر في انتخابات 2011 لاختيار مجلس تأسيسي، والتي كان في طليعتها حزب «النهضة».
وتعد هذه الانتخابات التشريعية مهمة، فهي ستمكن تونس من إرساء مؤسسات واستقرار على المدى الطويل بعد مرور قرابة أربع سنوات على الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدين بنعلي في يناير 2011. وتعتبر نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية متوسطة نسبيا، لكنها مرضية بالنسبة للعديد من المراقبين الذين توقعوا نسبة أكبر من الامتناع عن التصويت جراء الخيبة التي أصابت التونسيين تجاه الطبقة السياسية في السنوات الأخيرة.
وتعيش تونس صعوبات اقتصادية واجتماعية، وهي المطالب التي قامت من أجلها الثورة. ثم مرت بأزمة سياسية بلغت ذروتها في 2013، حيث قامت حسب السلطات مجموعات متطرفة بقتل العشرات من رجال الأمن وعناصر الجيش إضافة إلى تورطها في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي المعارضين للنهضة. وجعل أغلب الأطراف السياسية من المسائل الأمنية والاقتصادية أهم محاور الحملة الانتخابية في بلاد تنهكها البطالة ويضنيها الفقر. واعتبر المراقبون، ورغم الخروقات التي سجلت في عديد من المكاتب وسوء التنظيم الذي ساد أخرى، خصوصا في الخارج، أن عملية الاقتراع كانت مرضية إجمالا. وسينبثق عن الانتخابات التشريعية برلمان وحكومة منحهما الدستور الجديد صلاحيات واسعة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.
أهم اللاعبين
تنافس في الانتخابات التشريعية التي أجريت بتونس الأحد أكثر من 1300 قائمة مرشحين، في ما يصل إلى 33 دائرة انتخابية وعلى 217 مقعداً في البرلمان. ويمكن تقسيم هذا العدد الهائل من المتنافسين السياسيين إلى أربع كتل رئيسة.
الكتلة الأولى هي حركة «النهضة» وهي الحزب الإسلامي الذي يتزعمه راشد الغنوشي. وقد حصدت الحركة 41 في المائة من الأصوات وأكبر عدد المقاعد في انتخابات 2011. ولكنّ شعبيتها تراجعت في خضمّ أعمال العنف والأزمة السياسية التي تلت ذلك في عامي 2012-2013. لكن يحسب للحركة أنها التيار السياسي الوحيد ذو المرجعية الإسلامية في المنطقة الذي قام بالتخلي عن الحكم طواعية من دون انتخابات، حيث يعتقد مراقبون أن ذلك القرار نجح في تسهيل عملية الانتقال في تونس، كما حافظ على مستقبل الحركة نفسها.
منذ عام 2012، بدأت تظهر حركة «نداء تونس» منافسا رئيسا لحزب «النهضة»، واجتذبت مزيجا من الليبراليين العلمانيين وحتى اليساريين وأنصار النظام السابق الحريصين على موازنة تقدم الإسلاميين، ويظل زعيم الحركة السبسي من أبرز المنافسين لمنصب الرئاسة، مما يجعل الحزب ثاني أهم كتلة بتونس.
أما الكتلة الثالثة فظهرت منذ أوائل عام 2013، بعدما شكل ما يقرب من عشرة أحزاب سياسية علمانية كتلة انتخابية تعرف باسم «الجبهة الشعبية». وكان السياسيان شكري بلعيد ومحمد براهمي، اللذان اغتيلا على يد مسلحين من أنصار الشريعة عام 2013، من بين الأعضاء في «الجبهة الشعبية»، وغالبية المنتمين للجبهة عرفوا بمشاركتهم الفعالة، أكثر من غيرهم، في الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي.
أما الكتلة الرابعة فتضم الأحزاب الأصغر حجماً والمستقلين. منذ عام 2011، ظهرت مجموعة من الأحزاب السياسية أو الشخصيات المستقلة كمجموعة إضافية على الساحة السياسية. وتشمل هذه المجموعة «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية» و»حزب التكتّل» المشاركين في حكومة التكنوقراط الحالية، وأحزاب علمانية ليبرالية مثل «الحزب الجمهوري» و»آفاق تونس». ومن أبرز تلك المجموعات التي حققت مفاجآت في الانتخابات السابقة «تيار المحبة» الذي شارك وقتها باسم «العريضة الشعبية» وأسسه عضو النهضة السابق محمد الهاشمي الحامدي المقيم في لندن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.