إذا كنت تشعرين أن الدنيا اسودت في عينيك وأنه لا وجود لأي شيء يدعوك للتفاؤل، ولكي تنظري للمستقبل بعين مليئة بالتفاؤل نرجوك أن تتوقفي قليلا عند هذه الدراسة العلمية الجديدة التي نشرت نتائجها مؤخرا في أمريكا. فقد كشفت دراسة أُجريت خلال فترة زمنية طويلة أن المتفائلين يتمتعون بعمر أطول من المتشائمين الذين ينظرون بضجر الى المستقبل، حيث وجد الباحثون أن الذين كانوا متفائلين في شبابهم، والذين بلغ عددهم نحو سبعة آلاف بالغ شملتهم الدراسة وتوبعوا منذ كانوا يدرسون في الجامعات, قلت احتمالات وفاتهم في الأربعين سنة التالية مقارنة مع أقرانهم الأكثر تشاؤما. وأوضحت نتائج الدراسة التي نشرت في دورية «مايو كلينيك بروسيندنجز» الطبية أن الأشخاص الأكثر تشاؤما من عينة الدراسة، زادت في المتوسط احتمالات وفاتهم لأي سبب بنسبة 42 في المائة عن نظرائهم الأكثر إيجابية. وقد أكدت نتائج هذه الدراسة ما توصلت إليه عدة دراسات سابقة بشأن العوامل الشخصية والصحية، بينها دراسة ربطت التفاؤل بطول العمر، ووجدت دراسة أخرى أجريت على البالغين الكهول أن احتمالات وفاة أصحاب النظرة الايجابية للمستقبل أقل من احتمالات وفاة المتشائمين خلال السنوات العشر التالية، بغض النظر عن حالتهم الصحية في بداية الدراسة. ووفقا لمعدي الدراسة بقيادة الدكتورة بيفرلي بروميت من المركز الطبي في دورهام، التابع لجامعة دوك في ولاية نورث كارولاينا، فإن النتائج الراهنة قد تفسرها عدة أسباب. فعلى سبيل المثال يقال إن المتفائلين تقل احتمالات اصابتهم بالاكتئاب عن المتشائمين، مما قد يؤثر في المقابل على صحتهم البدنية، كما أنهم يعيشون على الأرجح بأسلوب حياة أفيد للصحة ويولون اهتماما أكثر لعاداتهم الغذائية والرياضية. واعتمدت النتائج الأخيرة على متابعة استمرت 40 عاما لنحو 6958 رجلا وامرأة دخلوا جامعة نورث كارولاينا في تشابل هيل منتصف الستينيات، ومع بدء الدراسة، أُجري لهم اختبار الشخصية المعيارية الذي يقدر نزعات الناس لأن يصبحوا متفائلين أو متشائمين. ومن خلال هذا الاختبار اتضح أن المتفائلين ينظرون للأحداث السلبية على أنها أحداث مؤقتة ولا يجعلونها تؤثر على اتجاههم العام إزاء أنفسهم والعالم، أما المتشائمون فعلى النقيض من ذلك، حيث يتأثرون بشدة بتلك الأحداث وكثيرا ما يلومون أنفسهم ويعتقدون أن الأوقات العصيبة ستستمر إلى الأبد. واذا كان التشاؤم سببا محتملا للوفاة المبكرة، فان ذلك يفترض أن يثير سؤالا بشأن ما اذا كان من الممكن عمل شيء بشأنه. وبهذا الخصوص قالت بروميت هيلث انه من الصعب تغيير القواعد الأساسية لشخصية الإنسان، ومع ذلك هناك جوانب عديدة للشخصية يمكن تعديلها لدرجة معينة إذا كان الفرد لديه دافع للقيام بذلك . وكمثال على ذلك فإن أصحاب المزاج العدائي، الذي يرتبط بمرض القلب والوفاة المبكرة قد يتمكنون من تغيير أساليبهم بمساعدة علاج للغضب.