مرة أخرى، تتناقل وسائل الإعلام خبر اعتداء بالسلاح الأبيض وسط حرم مؤسسة تعليمية في مدينة الدارالبيضاء، والضحية كما المعتدي هما تلميذان يدرسان في المؤسسة نفسها. والمؤسف أن حوادث مماثلة صارت تتكرر، ويكاد لا يمر أسبوع حتى نقرأ خبر اعتداء على تلميذ أو معلم أو إطار إداري، وكأن المدرسة المغربية صارت مشتلا لتخريج المجرمين بدل أن تكون مكانا للتحصيل والتعلم وفضاء لإنتاج القيم. العنف في المدارس أو في محيطها صار ظاهرة يفترض الوقوف عندها طويلا لدراستها، لأنها لم تعد مجرد حالات معزولة؛ ومن الضروري أن نطرح أسئلة عن سبب هذا التحول في الأدوار التي دأبت المدرسة على لعبها منذ عقود، حيث كانت فضاء للتربية قبل أن تكون فضاء للتعليم، وفيها كان التلاميذ يتلقون أسس احترام الآخر وحب الوطن وغيرها من القيم الجميلة.. اليوم، للأسف، تخلت المدرسة عن كل أدوارها أو تكاد، فلا تربية يتلقاها التلاميذ داخل حجرات الدرس ولا تعليم يساير حاجيات المجتمع، بدليل البرامج الفاشلة التي جربت منذ عقود دون نتيجة، وهي حقيقة لا يخفيها أي مسؤول اليوم، ومعترف بها رسميا من أعلى سلطة في البلاد؛ ولهذا فالأمر جدي ويفرض علينا دق ناقوس الخطر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بدءا بالأسرة ومرورا بوسائل الإعلام التي صارت مشاهد العنف فيها أكثر ما يغري بالمتابعة، ووصولا إلى الشارع حيث معدلات الجريمة في تزايد مستمر ومخيف.. وإلا فليس أمامنا إلى الاستعداد للأسوإ في ما سيأتي مستقبلا.