زوجتي «تغيرت.. وولات معصبة..بعد الولادة..» ولا تطيق طفلها ولا تريد إرضاعه، شكوى وأخرى تتردد على لسان كثير من الأزواج الذين أنجبت نساؤهم أطفالا جدد، غير أن العديد من الأزواج لا يدركون أن زوجاتهم مصابات باكتئاب ما بعد الولادة وأنهن يعانين من حالة نفسية تستدعي الاهتمام والرعاية وليس اللوم والابتعاد عنهن كما يفعل غالبية الأزواج.. لأجل معرفة الأسباب وكذا سبل العلاج والوقاية كان لنا لقاء مع المعالج النفساني «ابراهيم عبد الحليم». - ماذا نقصد باكتئاب المرأة بعد الولادة؟ يتمثل اكتئاب ما بعد الولادة في نزوع الأم حديثة العهد بالولادة إلى التفكير السلبي والإحساس بالقنوط، الحزن والقلق اللذين يترافقان مع الاكتئاب. وتخشى النساء اللواتي يعانين من اكتئاب بعد الولادة، من أن يلحق هذا الأمر أضرارا بالطفل بطريقة أو بأخرى، مما يكرس لديهن الإحساس بأنهن أمهات غير صالحات. - ما هي الأعراض الأكثر شيوعا لإصابة الأم حديثة العهد بالولادة بالاكتئاب؟ تصاب الأم الجديدة غالبا بالاكتئاب خلال اليوم الأول أو الثاني بعد الوضع، وقد يستمر إن لم ينتبه له الزوجان، وهو اضطراب شائع بين الأمهات ويعتبر اضطرابا طبيعيا على الرغم من أن الأم لا تشعر بأنها طبيعية، فقد تشعر الأم بالراحة للحظة ثم فجأة قد تنفجر بالبكاء. وبالإضافة إلى الكآبة والإحباط هناك أعراض أخرى تشمل: فقدان الطاقة وعدم القدرة على النوم وفقدان الشهية والشعور بالتعب بعد النوم والتوتر والقلق الزائد والارتباك والخوف المفرط من التغيرات البدنية وفقدان الثقة. - هل تختلف أعراض اكتئاب ما بعد الولادة من امرأة إلى أخرى، وهل كل النساء معرضات له مباشرة بعد وضعهن ؟ تختلف الأعراض من امرأة إلى أخرى، وتشمل أيضا الإحساس بالتعب والإرهاق الشديد وفقدان الأمل والعجز وتغيرات في الشهية والتوتر وصعوبة في التركيز وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وخفقان القلب والفزع الذي يؤدي إلى نوبات ذعر ورغبة في إيذاء الطفل أو النفس وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر والهوس بصحة الطفل. ويختلف أيضا من حيث الشدة، فقد يستمر عند بعض النساء لعدة شهور. - ما أسباب الاكتئاب الذي يصيب المرأة أثناء فترة الحمل وبعد الوضع؟ لا يوجد سبب محدد للأزمات العاطفية التي تعاني منها العديد من النساء بعد الوضع، وعلى كل حال، يعتقد الخبراء أن التغيرات السريعة التي تحصل بعد الوضع في مستوى الهرمونين الأنثويين الأستروجين والبروجيستيرون، تؤثر بشكل كبير إلى جانب عوامل نفسية، ترتبط أساسا بالزوج في علاقته العاطفية والجنسية مع زوجته من خلال اهتمامه الزائد بالطفل، وعدم إقباله عليها واشتياقه لها كما كان عليه الأمر قبل ولادتها للطفل. وبالإضافة إلى التغيرات الفيزيائية، هناك عوامل أخرى ربما تساهم في الإصابة باكتئاب ما بعد الوضع، وتشمل الحمل الصعب أو الولادة الصعبة والرضيع المتطلب جدا وإحساس المرأة بأنها لم تعد حاملا. والواقع أنه لا يمكن تحديد النساء المعرضات للإصابة باكتئاب ما بعد الوضع من خلال مستوى الهرمونات، ولكن هناك فئات عديدة من النساء أكثر عرضة من غيرهن للإصابة بالمرض. - هل من نصائح تجنب المرأة المضاعفات النفسية لمرض الاكتئاب عند وضعها للطفل؟ لا يوجد علاج أو طريقة علاجية خاصة بكل امرأة على حدة، لتبقى المساندة من قبل الزوج والعائلة هي السبيل الوحيد لمساعدة المرأة على تجاوز محنتها، وخاصة إذا كانت مرضعة، حيث يتعذر على الطبيب المعالج تزويدها بمضادات الاكتئاب. ويمكنني أن ألخص العلاج في: المعالجة المعرفية والمعالجة النفسية الاجتماعية. وتهدف المعالجة المعرفية؛ تعويد الأم المعنية على الاستجابة للأحداث والتفاعل معها بطريقة جديدة، فعلى سبيل المثال، قد تجد الأم صعوبة في تهدئة طفلها أو تخفيف الآلام التي يعاني منها، مما يدفعها إلى الاعتقاد بأنها أم غير صالحة. وأما بالنسبة للمعالجة النفسية الاجتماعية، فتقوم على فكرة أن هناك علاقة بين اضطراب المزاج والعلاقات الشخصية الاجتماعية كالعلاقة مع الزوج أو الوليد الجديد. وتساعد هذه الطريقة العلاجية الأم على تحقيق توازن بين دورها كأم وزوجة. وأؤكد أن الزوج، يمثل حبل السلامة بالنسبة للزوجة التي تعاني من الاكتئاب بعد الحمل، وباستطاعته أن يساعد زوجته على تجاوز محنتها، ولا ينبغي للزوج الحكم على مشاعر وردود أفعال زوجته بانتقادها أو عرض الحلول التي ليست هي بحاجة إليها، بل على العكس عليه أن يصغي إليها ويتعاطف معها.