يتمثل اكتئاب ما بعد الولادة في ميل المرأة بعد ولادة طفلها إلى التفكير السلبي وإلى الإحساس بالقنوط بالإضافة إلى الحزن، وهي عوامل نفسية تستحضرها الأمهات اللائي يخشين بالمقابل من تعرض أطفالهن لتداعيات ذلك بطريقة أو بأخرى، الامر الذي يكرس لديهن إحساسا بأنهن أمهات غير صالحات. وينقسم الاكتئاب الذي يصيب النساء بعد الحمل إلى ثلاثة أنواع هي: ?أسى الأمومة?، و?اكتئاب ما بعد الوضع? ، و?ذهان ما بعد الوضع?. تصاب الأم الجديدة ب»أسى الأمومة « خلال اليوم الأول أو الثاني بعد الوضع وقد يستمر لمدة ثلاثة أسابيع، وهو اضطراب شائع بين الأمهات حديثات الولادة، ويعتبر اضطرابا طبيعيا على الرغم من أن الأم لا تشعر بأنها طبيعية. فقد تشعر الأم بالراحة للحظة ثم فجأة قد تنفجر بالبكاء في اللحظة التالية. وبالإضافة إلى الكآبة والإحباط هناك أعراض أخرى تشمل: فقدان الطاقة وعدم القدرة على النوم وفقدان الشهية، والشعور بالتعب بعد النوم ،والتوتر، والقلق الزائد، والارتباك، والخوف المفرط من التغيرات البدنية وفقدان الثقة. أما بخصوص «اكتئاب ما بعد الوضع»، فهو عبارة عن اضطراب في المزاج، يتمثل في التفكير السلبي والشعور بالخيبة والحزن والقنوط. وبخلاف ?أسى الأمومة?، فقد تتأزم هذه الحالة وتستمر لأكثر من شهر بعد الوضع. وتعاني من هذا الاضطراب ما بين 10 إلى 15 بالمائة من النساء بعد الوضع. وتفقد النساء المصابات، المتعة بالأشياء والعادات اللواتي كن يمارسنها. كما تختلف الأعراض من امرأة إلى أخرى وتشمل أيضا الإحساس بالتعب، والإرهاق الشديد، وفقدان الأمل، والعجز، وتغيرات في الشهية، والتوتر، وصعوبة في التركيز، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، وخفقان القلب، والإحساس بالفزع الذي يؤدي إلى نوبات ذعر ورغبة في إيذاء الطفل أو النفس، مع عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر، والهوس بصحة الطفل. كما يختلف اكتئاب ما بعد الوضع من امرأة إلى أخرى من حيث الشدة، فقد يستمر عند بعض النساء لعدة شهور. في حين بإمكان الأمهات اللواتي يعانين من اكتئاب ما بعد الوضع المعتدل، الاعتناء بأطفالهن وممارسة انشطتهن اليومية، في حين يستحوذ على الأخريات التوتر والقلق لدرجة يفقدن معها القدرة على الاعتناء بأنفسهن أو أطفالهن. من جهة أخرى فإن «ذهان ما بعد الوضع»، هو أحد الاضطرابات الحادة والنادرة في نفس الوقت، على اعتبار انه يصيب امرأة واحدة من بين كل 1000 امرأة. وتبدأ هذه الحالة عادة ما بين 3 على 10 أيام الأولى التي تعقب الوضع، حيث تعاني المرأة المصابة مما يمكن أن نسميه الانفصال عن الواقع، فتخسر الوزن بسرعة من دون اتباع أي نظام غذائي خاص ولا تستطيع النوم أحياناً لفترة تتجاوز ال 48 ساعة، وتعاني من الأوهام والتخيلات. ويمكن القول بان «ذهان ما بعد الوضع»، هو أزمة صحية تتطلب تدخلا فوريا من قبل طبيب مختص. دور الأزواج يمثل الزوج حبل السلامة بالنسبة للزوجة التي تعاني من الاكتئاب بعد الحمل، وباستطاعته أن يساعد زوجته على تجاوز محنتها، ولذلك ينبغي عليه أن يكون متنبها لبعض الأعراض الرئيسية التي تشمل الشعور بالحزن والإحساس بعدم القيمة ، ومشاكل النوم، والتعب الشديد، والانعزال والابتعاد عن الأصدقاء والعائلة، والشعور بالتوتر والقلق، والإحساس بالذنب والغضب. وهناك الكثير من الأشياء التي يجب أن يضعها الزوج وجميع أفراد العائلة والأصدقاء، في اعتبارهم، منها أن اكتئاب ما بعد الوضع هو مرض حقيقي، والأم التي تعاني منه لم تصب بالجنون بل إنها تتفاعل مع بعض التغيرات الجذرية في حياتها وحياة طفلها. ولا ينبغي على الزوج الحكم على مشاعر وردود أفعال زوجته إن بانتقادها أو عرض الحلول التي ليست هي بحاجة إليها، بل على العكس عليه أن يصغي لها ويتعاطف معها. وعليه أيضا أن يعرض المساعدة من دون أن تطلب ذلك الزوجة وذلك من خلال القيام ببعض الأعمال الإضافية في المنزل مثل تنظيف المنزل والاواني وغسل الثياب، إذ من شأن ذلك أن يخفف عن الزوجة. كما لا يجب التساهل مع الاكتئاب بعد الوضع مطلقا. فإذا ما تركت هذه الحالة من دون علاج، فإنها قد تؤثر على الأطفال. فقد كشفت دراسة تم عرضها في مؤتمر العلوم النفسية في أمريكا أن بعض الأطفال الذين أمهاتهم مصابات بالاكتئاب معرضون للإصابة بالاكتئاب أيضا، حيث تبين أنهم يمتلكون نسبا عالية من ?الكورتيزول? في الدم وهو الهرمون المرتبط بالضغط النفسي