تعد فترة الحمل إحدى التجارب العاطفية المليئة بالتحديات والتي تعرف خلالها النساء الحوامل تغيرات فيسيولوجية، وتعشن اضطرابات هرمونية، تجعل من حالة الحمل حدثا نفسيا يواجه فيه كلا الزوجين حالة من الخوف والتوقعات التي تتعلق بالأمومة والأبوة وتحديد أسلوب التربية الخاص بهما . تتعدد التغيرات النفسية التي قد تعاني منها الحامل في فترات حملها المختلفة وقد تتداخل مع نمط الحياة اليومي والحياة الاجتماعية. ومن بينها التغيرات المُصاحبة للثلث الأول من الحمل، فعلى الرغم من عجز الأشخاص المحيطين بالمرأة الحامل عن ملاحظة التغيرات في الأسابيع الأولى من الحمل، إلا أنها تبدأ بالشعور ببعض منها، كالتغيرات العاطفية والانفعالية المفاجئة، فمثلا قد تتسبب الظروف أو المواقف التي لم تكن تؤثر في الحامل قبل الحمل ببكائها في هذه الفترة، إصابتها بالاكتئاب أو غضبها المُفرط والمؤثر على من حولها. التغيرات المُصاحبة للثلث الثاني من الحمل : وفي هذه الأشهر تتمتع الحامل بمزاج لطيف حيث يبدأ الخوف من الإجهاض بالتلاشي وبالتالي يبدأ الشعور بالراحة نوعا ما. وتمثل هذه المرحلة قمة الأحداث العاطفية في حياة المرأة الحامل نظراً لبدء جنينها بالحركة، والتي تبدأ بالتحديد عند بلوغ الحمل الأسبوع العشرون، وقد تحدث الحركة في وقت مبكر في حال لم يكن الحمل الأول للمرأة. ويزداد اعتماد المرأة في الثلث الثاني على شريكها نظرا لازدياد احتياجاتها. أما فيسيولوجيا فتزداد الإفرازات المهبلية في هذه المرحلة، ويرتفع مستوى تدفق الدم لمنطقة الحوض، وتقل أعراض كلا من الغثيان، وفرط حساسية الثديين، التي تتفاقم في الثلث الأول من الحمل مما يزيد من رغبة الحامل في الاتصال الجنسي . التغيرات المُصاحبة للثلث الثالث من الحمل: وفي هذا المرحلة الجوهرية تبدأ الحامل بالتحضير لولادة طفلها عاطفيا وفيزيائيا، كما يزداد قلق وخوف الحامل من المخاض والولادة. وتحتاج المرأة في هذه المرحلة إلى المزيد من الاهتمام من شريكها وأسرتها، كما يلزمها المزيد من التشجيع فيما يتعلق بمظهرها الخارجي، وخاصة في حال ضعف الرغبة الجنسية تجاه شريكها مما يزيد من ثقتها بنفسها لتكون أما صالحة. تزداد الاضطرابات العاطفية اثناء فترة الحمل وخاصة في الفترة الزمنية التي تسبق الولادة وتلك التي تليها , ففي المرحلة التي تسبق الولادة تتمثل الاضطرابات باختلاط المشاعر المتعلقة بحالة الحمل بحد ذاتها , الخوف من مواجهة الامومة , تفاقم المسؤولية العاطفية , ظهور اعراض ثانوية للاكتئاب قد تكون غائبة في الثلث الاول من الحمل , القلق والخوف المُتعلق بلحظة الولادة وأخيراً الوسوساس القهري المُتعلق بسلامة الجنين وخاصة في الثلث الاول من الحمل . اما عن الاضطرابات التي تشيع بعد الولادة فتظهر مع أول 24 ساعة تتبع الولادة وتتمثل بتقلب مزاج الام , الشعور بالاثارة , فرط النشاط وبدء الاضطرابات المُتعلقة بالنوم . في فترة لاحقة وبعد مرور ما يُقارب اسبوعين على الولادة تُعاني ما يُقارب 80% من النساء من عدة اعراض تُصنف على انها متوسطة وتزول بشكل تلقائي في غالبية الحالات كالاعياء العام , فقدان الشعور بخفة في الحركة , صعوبة النوم والبكاء المُتكرر دون وجود مُسبب فعلي . قد تظهر بعض اعراض الاضطرابات النفسية والعاطفية والتي تستدعي المزيد من المتابعة نظراً لخطورتها ومنها : - الاصابة بنوبة من الهلع والخوف . - اضطراب مزاج الام لمدة زمنية تتعدى الاسبوعين . - فقدان احترام الذات . - الشعور بالذنب وفقدان الامل . - التفكير بالانتحار . - أي اضطرابات في المزاج قد تؤثر على الحياة الاجتماعية ونشاطاتها . -ظهور الاعراض البيولوجية كفقدان الشهية والضعف المُبكر .