لازالت تداعيات إعفاء المدير التنفيذي لمنتدى الكرامة محمد حقيقي من مهامه مستمرة بشكل ينبئ بزلزال غير مسبوق داخل هذه الهيئة التي تعد الذراع الحقوقي لحزب العدالة والتنمية. وانتفض عدد من الأعضاء على قرار الإعفاء، وأكدوا على أن حقيقي لا يزال مديرا تنفيذيا للمنتدى إلى أن يجتمع المكتب التنفيذي ويقرر خلاف ذلك. هذه التطورات جاءت مع البيان الناري الذي «قلب الطاولة» على رئيس المنتدى عبد العالي حامي الدين، وحمل توقيع أسماء بارزة، من بينها النائبة الأولى للرئيس جملية مصدر، ونائبه الثاني حميد ابكريم، وعبد المالك زعزاع الكاتب العام للمنتدى، إضافة إلى الحسين اهناش، الذي يشغل منصب مستشار بنفس الهيئة، وهو البيان الذي كشف أن قرار إعفاء حقيقي لم يصدر عن المكتب التنفيذي. ووجه بيان الأعضاء الأربعة لائحة طويلة من التهم إلى حامي الدين تماشت مع ما سبق أن أدلى به حقيقي من أسباب وخلفيات كانت وراء إصدار حامي الدين قرارا «منفردا» بإعفائه من مهامه، حيث أكد الأعضاء الأربعة أن «المكتب التنفيذي للمنتدى لم ينعقد منذ مدة». وقال نفس الأعضاء إن بيان حامي الدين غير مؤسس من الناحية الواقعية والقانونية، وأنه لم «يتم احترام قاعدة أن المكتب التنفيذي يصدر قراراته بالأغلبية المطلقة». كما «لم تتم دعوتنا كأعضاء في المكتب التنفيذي بصفة قانونية لحضور أي اجتماع لأخذ رأينا في الموضوع. لهذا نعتبر البيان باطلا ولا يعبر عن رأي الجهاز التقريري للمنتدى». وفي أخطر أزمة يمر بها المنتدى منذ تأسيسه اتهم نفس الأعضاء رئيس المنتدى حامي الدين ب«إساءة الأدب» و«تبني أسلوب غير أخلاقي وغير حضاري، الهدف منه هو الإساءة للمناضلين الشرفاء الذين يستحقون الوفاء والتقدير والاحترام» بعد أن نعت حقيقي بأنه كثير الطلبات المادية. ونوه البيان بأداء حقيقي، وكشف أن تبني منتدى الكرامة لملف المعتقلين بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب ارتكز على قاعدة حقوقية محضة، وأنه «تمت بوضوح مناقشة ضرورة أخذ المسافة بين المنتدى واللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين»، وأن «موضوع الخلاف بين الرئيس والمدير التنفيذي كان بسبب تنصل الدولة من التزاماتها بتاريخ 25 مارس 2011 بحضور المندوب العام لإدارة السجون والأمين العام للمجلس الوطني والكاتب العام لوزارة العدل ورئيس المنتدى السابق والمدير التنفيذي»، وأن «الخلاف بدأ وتأزم بحضور المدير التنفيذي للوقفات الاحتجاجية المنظمة من طرف اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين ضد الحكومة». ونبه البيان إلى أن القول بأن المدير التنفيذي «يتماهى مع الجماعات المتشددة فيه إيحاءات خطيرة وغير بريئة، وهذا أمر يتسم بالحيف ويتنافى مع الحقيقة والواقع، لذلك فنحن نستنكره ونرفضه». وفي صراع مكشوف بين رئيسه وعدد من أهم أعضائه حمل البيان اتهاما صريحا لحامي الدين بمحاولة توظيف المنتدى سياسيا، وقال إن «مبدأ الاستقلالية التامة عن السلطة العمومية والأحزاب السياسية كان من الأهداف النبيلة التي اجتمعت عليه الفعاليات المؤسسة لهذه التجربة الحقوقية»، وأن «هذا المبدأ كان محل خلاف بين الرئيس وبعض أعضاء المنتدى، خصوصا بعد ظهور بعض المؤشرات والانزلاقات التي تمت تزكيتها عبر بعض التصريحات». وحمل الأعضاء الأربعة حامي الدين «المسؤولية الكبرى فيما يعرفه المنتدى من مشاكل، سواء على المستوى التنظيمي أو العملي». ودعا البيان حامي الدين إلى الاتصال بكافة الأعضاء الذين انسحبوا في صمت في ولايته لعقد لقاء مكاشفة ومصارحة لرأب الصدع. وأضاف «إن لم يكن لدى الرئيس النفس الطويل لذلك، فليعقد جمعا عاما استثنائيا ليقرر ما يراه مناسبا». وردا على ما ورد في البيان أوضح حامي الدين في اتصال هاتفي مع «المساء»، بأنه ليس لديه تعليق. وأضاف بأن المكتب التنفيذي سيعقد اجتماعه، وأنه هو من سيتولى هذه المهمة، و«ما يمكن تأكيده هو أن البيان صدر بأغلبية أعضاء المكتب»، يقول حامي الدين، مضيفا «نحن لدينا أغلبية وأقلية، والأغلبية كانت مع إصدار بيان للرد على التصريحات المسيئة للمنتدى، في حين عارضت الأقلية ذلك».