مولاي إدريس المودن حذرت مصادر من داخل شركة «رام إكسبريس»، فرع مجموعة الخطوط الملكية المغربية، من خطر حدوث حوادث طيران لأسطول الشركة المتخصصة في الرحلات الجهوية بسبب الضغوط الكثيرة التي تفرض على أطقم الطائرات من أجل تأمين الرحلات المبرمجة. وقالت المصادر ذاتها إن تجاوزات كثيرة تحدث على صعيد جدولة الرحلات، مما يهدد بحصول حوادث خطيرة مثلما حصل مع رحلة الخطوط الجوية الجزائرية، التي كانت تؤمنها طائرة مستأجرة من الشركة الإسبانية «سويفت إير» وتحطمت في شمال مالي قبل أسابيع، والتي تشير معطيات متسربة من التحقيقات المتواصلة بشأنها إلى وجود رابط بين الحادث وبين نظام العمل القاسي، الذي يُجبر أطقم الطائرات على الخضوع له. وكانت رسالة إلكترونية مسرّبة من طاقم طائرة «سويفت إير» الإسبانية كشفت أن طاقم الطائرة أخضع لدوام عمل شاق وصل إلى سبعة أيام على سبعة، وتنبأ البريد الإلكتروني بحدث عظيم ومشاكل في القريب العاجل إذا استمر الوضع على حاله. وأضافت رسالة مضيف الطائرة المنكوبة: «لقد اكتشفنا إرهاقا جسديا ومعنويا وقد تعمم على الجميع خلال القيام بالمناوبة»، مضيفا أن «الطاقم كان من الصعب عليه أن يحافظ على انتباهه ويقظته خلال عمليات الإقلاع والهبوط وهذا خلال الأيام الأخيرة من المناوبة». وحصلت «المساء» على وثائق داخلية تكشف وجود اختلالات في جدولة الرحلات تصل، حسب المصادر ذاتها، إلى حد «التلاعبات من طرف مسؤولي قسم البرمجة إرضاء للبعض وانتقاما من آخرين»، وهو ما يؤدي إلى حدوث خرق للوائح التي تضعها مديرية الطيران المدني، والتي تضع حدودا لعدد ساعات وأيام العمل وتفرض عددا مقابلا من ساعات وأيام الراحة الإجبارية، وفي حالات كثيرة تضطر أطقم الطائرات إلى الاشتغال ما بين 9 و10 أيام متواصلة بدل 7 أيام التي يفرضها القانون كحد أقصى. ونفت إدارة التواصل لدى شركة الخطوط الملكية المغربية بشدة هذه الاتهامات، وقالت في توضيحات استقتها «المساء»: «ليست هناك أي تجاوزات في عملية جدولة الرحلات ويستحيل على الشركة القيام بهذه المخالفات». وبالمقابل، رمت الكرة في ملعب أطقم الطائرات، محملة إياها مسؤولية أي تجاوز لساعات العمل المحددة قانونا، وقالت في هذا الصدد: «إن أطقم الطائرات ملزمون خلال مزاولتهم مهامهم باحترام اللوائح، وفي حال أي تجاوز غير قانوني، سيصيرون عرضة لإجراءات مديرية الطيران المدني والتي قد تصل إلى حد سحب رخصة الطيران بشكل نهائي». وتنص لوائح مديرية الطيران على ضرورة ألا تتجاوز ساعات العمل 13 ساعة في اليوم، مع وجوب التوقف عن العمل لمدة تتراوح بين 10 و12 ساعة والاستفادة من 36 ساعة راحة إجبارية بعد 7 أيام متواصلة من العمل. وتساءلت المصادر ذاتها عن مسؤولية إدارة شركة الخطوط الملكية عما يحدث من تجاوزات خطيرة على مستوى برمجة الرحلات، التي تمتد إلى بعض الوجهات الأوربية، إذ يتم فرض برمجة قاسية تزيد من متاعب الأطقم، مما أجبر عددا من الربابنة والمضيفين خاصة المغاربة- على الاستقالة، مضيفة أن الأمر مطروح بشدة على مكتب إدريس بنهيمة، رئيس المجموعة، لأن الأمر خطير ويستوجب فتح تحقيق داخلي وآخر مواز على مستوى مديرية الطيران المدني، لأن الأمر يهدد سلامة المسافرين وأرواحهم. وفضلا عن إجبار إدارة «رام إكسبريس» الأطقم على تنفيذ البرمجة المخالفة للوائح المنظمة للطيران المدني، تحدثت مصادر «المساء» عن وجود اختلالات بالجملة في الشركة التي تأسست في يونيو 2009، منها تعيين مساعد ربان سابق في الخطوط الملكية المغربية مديرا للطاقم، وهي سابقة في المجال، لأن تكوينه ومساره المهني لا يؤهلانه لشغل هذا المنصب، فضلا عن وجود اختلالات بقسم الموارد البشرية، الذي أُلحق بقسم البرمجة بعد استقالة مسؤولة الموارد البشرية السابقة، وهو ما يتسبب في تراكم الملفات الإدارية وتأخير حل مشاكل المستخدمين، بالإضافة إلى المشاكل التي يعرفها قسم الجودة والأمن والسلامة، الذي توكل إليه مهمة توفير الوثائق الضرورية للعمل على متن الطائرات من قبيل كتيب تعليمات خاص بالطائرة وكتيب منهجية العمل وكتيب السلامة واستمارة التقارير.. وهي الوثائق التي تفتقر إليها بعض طائرات الأسطول، رغم أن عددها لا يتعدى 5 طائرات فقط. وفي ردها على هذه النقاط، قالت إدارة الخطوط الملكية المغربية: «إن تعيين مساعد ربان سابق في منصب مدير للأطقم لا يعدو أن يكون تكليفا مؤقتا في انتظار تعيين مدير بشكل رسمي، وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على منصب قسم الموارد البشرية الذي تشغله مسؤولة البرمجة بالنيابة في انتظار تعيين مسؤول للقيام بالمهمة»، وبالنسبة لمدير الأطقم، أكدت الإدارة «أن تجربته في المجال تؤهله لأن يشغل هذا المنصب بحكم درايته الكبيرة بمجال الطيران». إدارة «لارام» قالت أيضا، بخصوص غياب الوثائق الضرورية للعمل على متن الطائرات: «إنه لا يوجد أي إجراء يرغم الشركة على التوفر على هذه الكتيبات التي تعد مجرد أداة للتواصل»، لكنها عادت وأكدت على أنه «في حال تعلق الأمر بكتيب أساسي فيمنع على الأطقم القيام بأي مهمة تحت طائلة سحب رخصة الطيران»! على صعيد متصل، كشف مستخدمون بالشركة عن وجود تمييز ممنهج يمارس على المستخدمين ذوي عقود «رام إكسبريس» مقارنة مع الامتيازات الكثيرة التي يستفيد منها زملاؤهم ممن لديهم عقود «AMS»، سواء على مستوى الأجور التي تتفاوت بشكل كبير أو على مستوى العطل السنوية أو التحفيزات، آخرها حرمانهم من «منحة الاعتراف» لشهري غشت وشتنبر، مما يعد تمييزا بين المستخدمين في الشركة نفسها، وهي الوضعية التي قالت عنها إدارة الشركة في توضيحاتها: «إنها ستسهر على تجاوزها من خلال ملاءمة وضعية الفئة المذكورة لنفس نظام AMS وتمكينها من مستوى الأجور والتحفيزات نفسها، بما في ذلك «منحة الاعتراف»، متذرعة بكون هذه الفئة تم توظيفها قبل توظيف المستخدمين في إطار AMS.