يرى محللون سياسيون وعسكريون إسرائيليون أن تل أبيب تتوجس من دخول حرب استنزاف مع المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة، نظرا للخسائر الإستراتيجية والاقتصادية التي ستلحقها بها هذه الحرب. وفي ظل أزمة الثقة الكبيرة التي تتصاعد بين الحكومة والجيش من جهة، وبينها وبين سكان المستعمرات المحيطة بالقطاع من جهة أخرى، تتزايد هذه المخاوف بسبب عدم توفر الأمن لهؤلاء على الرغم من وعود الحكومة بتوفيره لهم. وقد عبر وزير شؤون الاستخبارات، يوفال شطاينتس، عن مخاوف إسرائيل من «حرب استنزاف» في حال عدم إحراز تسوية سياسية في الوقت الراهن. وقال شطاينتس لإذاعة جيش الاحتلال، أول أمس، الثلاثاء إن هذا الأمر «غير وارد بحساباتنا». الوزير الإسرائيلي ذهب حد التهديد باجتياح القطاع برا في حال فشل التسوية السياسية التي ترعاها القاهرة، وقال إن الاجتياح سيكون «لإسقاط حكم حماس وتطهير القطاع» رغم «الثمن الباهظ» الذي يمكن دفعه. وتابع: «لن نقبل بالعودة لحرب استنزاف ترد فيها إسرائيل على صواريخ غزة بقصف جوي». ويتفق المعلق العسكري بصحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل مع معلقين آخرين يقولون إن إسرائيل «تخشى الدخول في حرب استنزاف تنهكها وسط انشغال العالم بما يجري في العراق». وأشار إلى أن إسرائيل بدأت ترى نتائج هذه الحرب في هجرة المستوطنين من البلدات اليهودية المحيطة بقطاع غزة ومنها «ناحل عوز» التي هجرها سكانها بالكامل. وهاجم رئيس السلطة المحلية بمستوطنات «أشكول» حاييم يالين الحكومة، ودعاها لاتخاذ قرار إذا ما كانت المنطقة المحاذية لغزة «جزءا من إسرائيل أم لا»؟ وتساءل يالين في تصريح للقناة العاشرة: «هل ستقبل إسرائيل بالدخول في حرب استنزاف جديدة قد تمتد 14عامًا ؟». ويشير المعلق العسكري يوآف ليمور إلى أن المقاومة الفلسطينية «قادرة اليوم على الاستمرار بحرب استنزاف حتى لو انخفض معدل صواريخها اليومي من 150 إلى حوالي أربعين صاروخا». وفي حديث للقناة الأولى، قال ليمور إن استمرار تساقط الصواريخ «يشوش مجرى الحياة الاعتيادية في جنوب البلاد، ويحرج إسرائيل لأنها تخشى دفع ثمن حملة برية واسعة». وأكد أن حماس «تعي» الأثمان الاقتصادية والسياسية المترتبة على حرب استنزاف، مشيرا إلى أن جنوب إسرائيل «معطل وسكانه محبطون وغاضبون جدا على الحكومة والجيش». ووفق وزارة المالية الإسرائيلية، فقد بلغت تكلفة الحرب على غزة حتى الآن أكثر من ثلاثة مليارات دولار، وتؤكد وزارة السياحة أن أعمال المرافق السياحية تراجعت بنسبة 90% منذ بدء العدوان. وبناء على هذه المعطيات، دعا الكاتب الصحفي دان مرجليت إلى منع حرب الاستنزاف المتوقعة «بالقوة». وأشار بمقال نشرته صحيفة «إسرائيل اليوم « إلى ما وصفها «خيبة الأمل» التي لحقت بقطاع واسع من الإسرائيليين بعد «نجاح المقاومة» في استئناف إطلاق الصواريخ بعد انتهاء الهدنة الأولى. في هذا السياق، يقول المحلل الاقتصادي أمين فارس إن الخسائر الاقتصادية الكبيرة لحرب استنزاف كهذه «تحول دون عودة عشرات آلاف العمال لعملهم».