حذرت فاعلات جمعويات ينشطن في مركز استماع وتوجيه لضحايا العنف من تنامي ظاهرة الاعتداء على النساء من قبل أزواجهن. وقالت أمينة العابدي، رئيسة مركز إبداعات للاستماع والتوجيه القانوني بمدينة صفرو، ل«المساء»، إن العنف الذي يستهدف الزوجات من قبل الأزواج أصبح لا يقتصر فقط على العنف النفسي عن طريق السب والشتم والكلام النابي، أو العنف الاجتماعي عبر حرمان الزوجات وأبنائهن من النفقة، بل اتخذ بعدا آخرا يتجلى في الاستعانة بالأسلحة البيضاء في حسم الخلافات بين الطرفين. محنة عاشت زوجة وأم لطفلين في منتجع إيموزار كندر، ليلة الخميس/الجمعة، ساعات من الرعب، بعدما عمد زوجها في وقت متأخر إلى مهاجمة المنزل الذي تقطن فيه، مما استدعى تنقل رجال الدرك وعناصر من القوات المساعدة، لكن الزوج تمكن من الفرار. وقالت المصادر إن الزوجة «جميلة. أ» سبق لها أن تقدمت بشكاية في مواجهة زوجها الذي اعتدى عليها باستعمال السلاح الأبيض بتاريخ 14 يوليوز الماضي، مباشرة بعد مغادرته السجن، حيث قضى عقوبة حددت مدتها في 8 أشهر. الزوجة، طبقا للمصادر، وجراء نزاعات متواصلة بينها وبين زوجها، قررت رفع دعوى الطلاق، ما أغضب الزوج، وعمد إلى مهاجمتها عن طريق السلاح الأبيض. وأسفر هذا الاعتداء عن إصابتها بجروح على مستوى الكتف والعنق والفخذ والبطن، وأشارت المصادر إلى أن أصابع يدها مهددة بعاهة مستديمة جراء هذا الاعتداء البشع. وحصلت الزوجة، بعد إحالتها على المستشفى الجامعي بفاس، على شهادة طبية تحدد مدة العجز في 60 يوما. تنازلات ويتوصل مركز إبداعات للاستماع والتوجيه بمدينة صفرو بحوالي 30 حالة تعنيف للزوجات في الشهر، أي بمعدل حالة تعنيف كل يوم. ويمكن للمركز أن يتوصل في اليوم الواحد بما يقرب من 4 حالات. وتواكب مراكز الاستماع والتوجيه هذه الحالات عن طريق الاستماع إلى الضحايا. وقالت أمينة العابدي، رئيسة المركز، إن التوجه العام لدى أغلب مراكز الاستماع هو تفضيل خيارات الصلح والوساطة. وعندما يتعلق الأمر بخلافات عائلية بسيطة، فإن المركز الذي تترأسه ينجح في مهمته، لأن هاجس الزوجات هو الحفاظ على الزواج والتمسك بالأسرة، وتربية الأبناء في كنف آبائهم، لكن الأمر يخرج عن نطاق السيطرة عندما يتعلق الأمر باستعمال الأسلحة البيضاء في تعنيف الزوجات. ومع ذلك، تسجل رئيسة المركز بأن أغلب الحالات من اللواتي استمع إليهن المركز على خلفية مثل هذه الاعتداءات، «يختمن» المساطر القانونية المتبعة، بتقديم تنازلات ضد متابعة أزواجهن، لتجنب الزج بهم في السجن. أما عندما تخرج القضية من مركز الاستماع، توجه الحالة إلى خلية العنف بالمحكمة الابتدائية والتي تدرس بدورها الملف وتحيله على عناصر الشرطة أو الدرك، بحسب الاختصاص الترابي، لكن المفاجأة تحدث عندما يقدم الأزواج في حالة اعتقال إلى المحكمة، حيث تسارع الزوجات إلى التقدم بتنازلات عن دعوى المتابعة لأنهن لا يقبلن رؤية أزواجهن وهم يدخلون السجن بسبب شكايتهن. هشاشة تتحدر أغلب الحالات المعنية بالتعنيف باستعمال الأسلحة البيضاء، حسب المصادر، من الأحياء الشعبية، ومن مناطق قروية، وغالبا ما تكون العائلات المعنية بمثل هذه النزاعات الفتاكة، تعاني من الهشاشة الاجتماعية، ومن نقص في التكوين والتأطير، وضعف في المستوى التعليمي. وأغلب الأزواج المتورطين في هذه الاعتداءات يغيب لديهم الوعي بواجباتهم تجاه الأسرة، وبعضهم له سوابق قضائية، ومعظمهم لا يتوفر على دخل قار، ويعاني من أوضاع اجتماعية مزرية، بينما زوجاتهم هن ربات بيوت، ويعجزن عن تدبر شؤون حياتهن خارج «رعاية» الأزواج. مدينة صفرو عاشت، في بداية شهر غشت الجاري، حالة اعتداء أخرى ارتكبها حارس ليلي في حق زوجته في حي «ستي مسعودة». فبعد غياب طويل عن منزل الأسرة، دام لأكثر من أربعة أشهر، عاد الزوج بشكل مفاجئ، حيث اعتدى على الزوجة ورسم عليها ندوبا باستعمال السلاح الأبيض، انضافت إلى ندوب تاريخية سبق له أن رسمها في أنحاء متفرقة من جسمها. ودخل مركز إبداعات للاستماع والتوجيه على خط القضية، لكن الزوجة تخلفت عن مواعيد كثيرة حددت معها لتظل القضية عالقة إلى حين، بالرغم من أن الزوج عاود الهجوم على زوجته بعدما تقدمت بشكاية ضده، وتمكن مجددا من الفرار إلى وجهة غير معروفة، خوفا من الاعتقال...