أدانت الهيئة القضائية لدى محكمة الاستئناف بأكادير ليلة الخميس الجمعة الماضيين أغلب معتقلي ومتابعي أحداث سيدي إفني، البالغ عددهم 22 شخصا، بأحكام قضائية تصل في مجملها إلى سبع عشرة سنة، موزعة على 118 شهرا نافذا لأحد عشر شخصا، و86 شهرا موقوفة التنفيذ لسبعة آخرين، فيما برأت المحكمة أربعة أفراد فقط من التهم المنسوبة إليهم مع تغريم الحقوقية الوحيدة المتابعة في القضية ب1500 درهم، وذلك في أطول جلسة محاكمة يشهدها ملف إفني آيت باعمران عقب أحداث السابع من يونيو المنصرم، حيث بلغت ساعات النقاش والتداول والاستماع إلى المعتقلين والمتابعين خمس عشرة ساعة كاملة. ومباشرة بعد إعلان أحكام الإدانة في حدود الثالثة من صباح الجمعة، سادت أجواء من الحزن بقاعة المحكمة التي غصت عن آخرها بعائلات المعتقلين وأبناء المدينة، كما انهمرت دموع العديد من النساء الحاضرات بالقاعة منذ الساعات الأولى للمحاكمة، ورددت الشعارات والهتافات المؤيدة للمعتقلين، وبالرغم من الإجراءات الأمنية المشددة بالمدخل الرئيسي للمحكمة، فقد تمكن العديد من ساكنة المدينة من حضور أطوار المحاكمة، فيما منع آخرون من حضور الجزء الأول من المحاكمة بدعوى امتلاء القاعة عن آخرها، وهو ما اضطر العديد من الممنوعين إلى التظاهر داخل بهو المحكمة قبل أن تتدخل فعاليات محلية لثنيهم عن مواصلة الاحتجاج داخل أسوار قصر العدالة بأكادير مخافة التأثير على الأجواء العامة داخل المحكمة. وعلى الرغم من الشلل الذي أصاب قطاع النقل بالإقليم والجهة بفعل الإضراب العام لوسائل النقل العمومية، فقد حضر المئات من أبناء المنطقة منذ البداية ورابطوا بالمحكمة إلى حين الإعلان عن الأحكام القضائية في وقت متأخر، كما استقطبت المحاكمة ما يزيد عن 120 محاميا سجلوا أسماءهم بمختلف الهيئات بالمغرب للدفاع عن المتابعين، بالإضافة إلى عدد من المراقبين الدوليين وبعض الجمعيات الحقوقية وممثلي وسائل الإعلام المغربية والإسبانية. كما نظمت الفعاليات الحقوقية والجمعوية الحاضرة على هامش المحاكمة وقفة احتجاجية أمام البوابة الرئيسية لمحكمة الاستئناف، رفعوا خلالها شعارات ولافتات تطالب بإجراء محاكمة عادلة للمتابعين على ذمة الأحداث، فيما اكتفت القوات العمومية التي طوقت المحكمة من جميع الجنبات بمراقبة الوضع من بعيد دون تدخل، فيما شلت الحياة بمدينة سيدي إفني من جديد، تزامنا مع أطوار المحاكمة حيث أغلقت معظم المحلات التجارية والمؤسسات الفندقية أبوابها، استجابة لنداء الإضراب العام المعلن بالمدينة، التي قضى معظم سكانها ليلة بيضاء بالشوارع في انتظار ما ستسفر عنه أطوار المحاكمة، وأكدت مصادر من عين المكان حصول تذمر كبير في صفوف الساكنة المحلية بعد إدانة أغلب المتابعين بالقضية. وفي سياق المحاكمة ذاتها، رفضت الهيئة القضائية جميع الدفوعات الشكلية التي تقدم بها الدفاع، والتي ركزت بالأساس على انتفاء شروط التلبس لدى جميع المتابعين، الذين اعتقل أغلبهم –حسب الدفاع- بمنازلهم وفي مدد زمنية مختلفة، كما رفضت المحكمة اعتبار الاعتقالات الحاصلة تدخل ضمن إطار الاختطافات التي يعاقب عليها القانون، كما لم تأخذ بعين الاعتبار العديد من الملاحظات الشكلية المقدمة حول محاضر الضابطة القضائية وإشعار أسر المعتقلين في الآجال المحددة قانونيا، وخرق القوات العمومية لإجراءات تفتيش المنازل المنصوص عليها في المسطرة الجنائية. من جهتها، التمست النيابة العامة إدانة جميع المتهمين، استنادا إلى التقارير المرفوعة إلى الدوائر الرسمية من طرف السلطات المحلية بالمدينة، واعتماد تصريحات المتهمين المضمنة في محاضر الضابطة القضائية في إثبات الوقائع المنسوبة للمعتقلين، وعللت طلب الإدانة بتقديم كرونولوجيا عامة للأحداث وتأكيد مسؤولية المتابعين المباشرة عليها، فيما طالبت هيئة الدفاع بإعمال منطق التناسب في المحاكمة، وإحضار جميع المسؤولين المتورطين –حسب تعبيرها- في الانتهاكات المرتكبة بالمدينة، والتي أكدها تقرير لجنتي التقصي الحقوقية والبرلمانية، كما طالبت بالبحث في مدى صلاحية حجية المحاضر المنجزة من طرف الضابطة القضائية، وقالت إن المحاضر «مزورة ولا علاقة لها بالواقع»، وأضافت أن «ما يؤكد ذلك، هو أن جميع المتهمين رفضوا التوقيع عليها بدون استثناء». يشار إلى أن التهم الموجهة لمعتقلي الأحداث تتعلق بتكوين وقيادة عصابة إجرامية، والمشاركة في إضرام النار عمدا في ناقلة ليس بها أشخاص، ومحاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لموظفين عموميين أثناء مزاولتهما مهامهما وإهانتهما، بالإضافة إلى تخريب منشأة صناعية ووضع أشياء تعوق مرور الناقلات، وعرقلة السير بهدف مضايقته، نتجت عنه جروح وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة، والاعتداء على موظفين عموميين أثناء مزاولتهم مهامهم أدت إلى كسر وتخريب منشأة الميناء وطريقه والتجمهر المسلح، والمساهمة في مظاهرة غير مرخصة، وحمل سلاح ظاهر أثناء المظاهرة، ويتابعون جميعا طبقا لثلاثة فصول من الظهير الصادر بتاريخ 10 أبريل 1976، وأربعة عشر فصلا آخر من القانون الجنائي. الأحكام الصادرة في حق معتقلي أحداث سيدي إفني < زين العابدين الراضي (سنة ونصف حبسا نافذا). < محمد عصام، حسن أغربي، الحسين تيزكاغين، زكرياء الريفي (سنة واحدة حبسا نافذا). < إبراهيم بارا (سنة واحدة، منها 10 أشهر نافذة، وشهران موقوفا التنفيذ). < خليل الزين، عبد الرحمان بن أحمد، بوشعيب الغيثي، فيصل مخيليف، عبد اللطيف مكيزرة، أحمد الحلاوي، منير زكي (سنة واحدة حبسا موقوفة التنفيذ). شارة كريم (10 أشهر حبسا نافذا). < عبد القادر أضبيب (9 أشهر حبسا نافذا). < محمد الوحداني ، أحمد بوفيم (8 أشهر حبسا نافذا). < عبد المالك الإدريسي (7 أشهر نافذة). < خديجة زيان (البراءة، مع تغريمها مبلغ 1500 درهم). < خالد بشرى، حسن المومني، بومراح (البراءة).