تزامنا مع انطلاق الجلسة الأولى الخاصة بمحاكمة معتقلي الأحداث التي شهدتها منطقة سيدي إفني آيت باعمران، احتج صباح أمس الخميس العشرات من أبناء المدينة بينهم أفراد من أسر المعتقلين ونشطاء حقوقيون بالمركز المغربي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى طلبة آيت باعمران وأعضاء بالسكرتارية المحلية وفاعلين محليين بجمعية أطاك المغرب، أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بأكادير، للمطالبة بالإطلاق الفوري للمعتقلين، حيث رفعوا بالإضافة إلى صور المعتقلين عددا من اللافتات المنددة باستمرار الاعتقال، كما رددوا الشعارات خارج غرفة الجلسات مباشرة بعد إعلان القاضي المكلف بتسيير أشغالها تأجيل النظر في القضية إلى الخامس من شهر مارس المقبل، وبالرغم من الإجراءات الأمنية بمحيط المحكمة، فقد ظلت القوات المرابطة أمام بوابتها الرئيسية تراقب الوضع من بعيد، دون أن تمنع المتوافدين على المحكمة من الدخول إليها، حيث غصت جنبات المحكمة بالعشرات من أبناء المنطقة، وبأزيد من 106 محامين الذين جاؤوا من عدة مدن مغربية لمؤازرة المتابعين البالغ عددهم 22 شخصا، بينهم ناشطة حقوقية وعشرة أفراد متابعين في حالة سراح. ويواجه المتابعون تهما ثقيلة تتعلق بتكوين وقيادة عصابة إجرامية، والمشاركة في إضرام النار عمدا في ناقلة ليس بها أشخاص، ومحاولة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لموظفين عموميين أثناء مزاولتهما لمهامهما وإهانتهما، بالإضافة إلى تخريب منشأة صناعية ووضع أشياء تعوق مرور الناقلات وعرقلة السير بهدف مضايقته، نتجت عنه جروح وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة، والاعتداء على موظفين عموميين أثناء مزاولتهم لمهامهم أدى إلى كسر وتخريب منشأة الميناء وطريقه والتجمهر المسلح، والمساهمة في مظاهرة غير مرخصة، وحمل سلاح ظاهر أثناء المظاهرة، ويتابعون جميعا طبقا لثلاثة فصول من الظهير الصادر بتاريخ 10 أبريل 1976، وأربعة عشر فصلا آخر من القانون الجنائي. وحسب بعض المصادر فقد عادت أجواء الاحتقان إلى سيدي إفني صبيحة يوم أمس الخميس، بعد انطلاق أولى جلسات محاكمة معتقلي الأحداث التي شهدتها قبل ثمانية أشهر، أي منذ الصيف الماضي، حيث أغلقت أغلب المحلات التجارية أبوابها استجابة لنداء عفوي انتشر كالنار في الهشيم بالمدينة، كما شوهدت تعزيزات أمنية جديدة تدخل المدينة في اتجاه الثكنة العسكرية المتواجدة بحي كولومينا، مخافة اندلاع مواجهات جديدة بالمدينة، نتيجة الانخراط الجماعي في قرار الإضراب العام الذي شل الحركة التجارية بالمدينة منذ ساعات الصباح. وارتباطا بموضوع التفاعلات الحاصلة لدى البعمرانيين بالخارج وبمختلف تراب الوطن، نظم العشرات من أفراد الجالية المغربية المنحدرة من منطقة إفني آيت باعمران، أول أمس بالعاصمة الفرنسية باريس، وقفة تضامنية مع معتقلي الأحداث، رددوا خلالها عددا من الشعارات ورفعوا اللافتات المطالبة بالإطلاق الفوري لسراح المعتقلين، وسلموا إثر ذلك ملتمسا في الموضوع لسفير المغرب بالديار الفرنسية، يطالبون من خلاله ببذل كافة الجهود في سبيل إزالة الاحتقان الذي لا يزال مسيطرا على المدينة، رغم الاستجابة الرسمية لبعض المطالب التاريخية للساكنة، كما ينتظر أن يسلم البعمرانيون المتواجدون بإسبانيا في نفس يوم المحاكمة رسالة مماثلة لسفير المغرب بالديار الإسبانية. كما طالبت فعاليات بعمرانية تقطن بمدينة العيون بالإطلاق الفوري لكافة المعتقلين دون قيد أو شرط وإسقاط جميع التهم التي وصفوها ب«الباطلة» ووقف المتابعات، كما عبروا عن إدانتهم «للتدخل الهمجي والقمع الوحشي وانتهاك حرمات البيوت، وكل خرق سافر لحقوق الإنسان، واعتبروا الأحداث التي شهدتها المنطقة «جحودا لتاريخها الكفاحي في طرد الاستعمار الإسباني»، مضيفين أنهم ينتظرون «فتح تحقيقات جدية لمعرفة الأسباب الممتدة لأربعة عقود من الحكرة والإقصاء والتهميش، في ظل المتابعات القضائية الجائرة التي لا تبشر بطي كلي لهذا الملف نحو الأحسن»، كما ثمنوا كل الجهود المبذولة لإنماء المنطقة مع اقتناعهم بأنه «لا تنمية بدون حريات عامة وحقوق الإنسان». من جهته، جدد المركز المغربي لحقوق الإنسان بسيدي إفني مطالبته لأجهزة الدولة بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين على ذمة الأحداث، تجسيدا لإرادتها المعلنة في الطي الكامل والشامل لملف سيدي إفني آيت باعمران، ومساهمة في إزالة الاحتقان السائد بالمنطقة، بسبب استمرار اعتقال أبناء المدينة، كما أعلن، في البيان الذي حصلت «المساء» على نسخة منه، التزامه الكامل بمتابعة «الملف الحقوقي لمعتقلي أحداث سيدي إفني والدفاع عنهم بكل ما أوتي من قوة وبما يلزم الوضع من اهتمام ومسؤولية»، مشيرا إلى تقديره للمجهودات التي تبذلها هيئة الدفاع والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية من أجل الاستجابة لمطلب إطلاق سراح المعتقلين.