سنة بعد تعيينه على رأس أمنيوم شمال إفريقيا خلفا لسعد بنديدي، كشف معتصم بلغازي عن الرؤية الاستراتيجية الجديدة التي ستسترشد بها أول مجموعة اقتصادية خاصة في المغرب، حيث تم تحديد القطاعات التي ستشكل الدعامات الأساسية التي ستعول عليها في المستقبل، والقطاعات التي ستكون روافد للتطور، والقطاعات التي يفترض أن تنسحب منها المجموعة. الرؤية الجديدة التي أعلن عنها بلغازي، خلال ندوة صحفية عقدها أول أمس الخميس بالدارالبيضاء، جاءت ثمرة دراسة تولى إنجازها مكتب دراسات دولي، تناولت بالبحث والدراسة 104 قطاعات بالمغرب، حيث خلصت في البداية إلى تعيين حوالي 20 قطاعا تحتل ترتيبا متقدما، قبل أن يتم تحديد القطاعات، التي تتطلع المجموعة إلى إعادة التموقع فيها ما دامت تتحكم فيها، وتحديد تلك التي تحتاج إلى إعادة صياغة استراتيجيتها بحكم محدودية إمكانيات تطورها الحالية، والتوجه نحو التخلي عن تلك التي أصبحت تشكل عبئا على المجموعة. وأفضى هاجس إعادة التموقع بمجموعة « أونا» إلى محورة استراتيجيتها حول ثلاثة قطاعات ترى أنها تتوفر على إمكانيات قوية للنمو في المقبل من السنوات، فهي تراهن على تركيز حضورها في قطاع الأشغال العمومية والعقار، خاصة عبر ذراعها العقاري «أونابار»، الذي يتوفر على وعاء عقاري يصل إلى 3500 هكتار، بحيث ستركز نشاطها بالخصوص على السكن الموجه للطبقة الوسطى، بالإضافة إلى السكن الفاخر الذي تختص فيه. تلك رافعة تحاول من خلالها المجموعة التحول إلى رائد في قطاع العقار بالمغرب، غير أنها ليست الوحيدة، فهي تسعى إلى ترسيخ إشعاعها المحلي والجهوي، من خلال دعامة ثانية تتمثل في التوزيع عبر «مرجان» التي ترعى الفضاءات التجارية الكبرى، والتي لم يستبعد بلغازي إدراجها في بورصة الدارالبيضاء عندما تنضج الظروف لذلك، ناهيك عن توزيع السيارات والتجهيزات من خلال «سوبريام» و«أوبتورغ» اللتين يراد لهما حضور جهوي قوي، لاسيما في إفريقيا. وتتمثل الدعامة الثالثة التي تعول عليها المجموعة في رؤيتها الجديدة في القطاع المالي، عبر بنك التجاري وفا بنك وتأمينات الوفاء، حيث يبدو أن التوجه الجديد يلتقي مع الاستراتيجية التي صاغتها مجموعة التجاري وفا بنك، والتي تتطلع في أفق 2012 إلى تحقيق متوسط أرباح سنوية ب15 في المائة، وهو ما سيتأتى لها من خلال توسيع حصصها في السوق المحلي ومواصلة استراتيجيتها الرامية إلى تعزيز تواجدها الدولي، خاصة في القارة السمراء، التي يفترض أن تساهم في الخمس سنوات القادمة بحوالي الثلث في الأرباح التي تجنيها المجموعة. وفي الوقت الذي ترى المجموعة في الصناعات الغذائية عنصرا حاسما في تثبيت محفظتها في الأوقات المضطربة، تعتبر أن ثمة قطاعين يمكن أن يشكلا رافدين مهمين للنمو، ويتمثلان في الطاقة والاتصالات، بحيث تبدي المجموعة طموحا كبيرا في البروز كفاعل رئيسي في قطاع الطاقة عبر فرعها «ناريفا» الذي سيتدخل بشكل خاص في مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية. وعزز رفع رأس مال شركة «وانا» عبر ضخ شركة «زين» 2.85 مليار درهم في رأسمالها، وضعها كرافد للنمو وفي الرؤية الجديدة للمجموعة. لكن ماذا عن قطاع المعادن؟ الرؤية الجديدة تعتبر أن شركة «مناجم» تتوفر على إمكانيات محدودة للتطور، بالنظر للطابع الدوري للقطاع الذي تعمل فيه، مما أضعف الشركة، وهذا يفرض في تصور معتصم إنجاز دراسة تساهم في إفراز دراسة جديدة لإعادة التموقع في القطاع، غير أنه إذا كانت المجموعة حريصة على إعادة بعث ذراعها المعدني من جديد، فإنها تعتزم تفويت بعض القطاعات، دون أن تعينها بالاسم، بحيث إن الانسحاب منها يبقى رهينا بالمنحى الذي ستتخذه الأزمة الاقتصادية التي يعرفها العالم. السعي إلى ترتيب أواق المجموعة لم يوله القائمون عليها اهتماما بنفس الصورة التي تكونت عنها لدى الناس، فقد خلص استطلاع أنجزته المجموعة، وشمل 770 شخصا، إلى أنها «قوية، لكنها بعيدة ومحافظة شيئا ما، وهي تفرض الاحترام، لكن لا تستدر تعاطف الناس». تلك صورة تحاول أكبر مجموعة اقتصادية خاصة في المغرب تحسينها، بحيث كانت أول مبادرة قامت بها هي عرض فيلم حول ما تنجزه في المجالات التي تتدخل فيها لصالح المحيط، في نفس الوقت عرضت، لأول مرة، حجم الضرائب التي تساهم بها في خزينة الدولة والاستثمارات التي تنجزها وعدد مناصب الشغل التي توفرها، حتى تظهر بمظهر المقاولة المسؤولة اجتماعيا.