يبدو أن وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد قد ربح، فعلا، معركة الحسابات الخصوصية المعروفة ب«الصناديق السوداء»، والتي دارت رحاها بقوة خلال الأيام الأخيرة في مجلس النواب مع نواب المعارضة والأغلبية أيضا، وفي مقدمتهم فريق العدالة والتنمية. لقد استطاع بوسعيد إخراج المعركة من المؤسسة التشريعية بعدما نجح في الضغط من أجل إعداد تعديل جديد سيأتي به إلى الجلسة العامة التي يرتقب أن تتم برمجتها في الأسبوع المقبل، وسيلغي بموجبه التعديل الذي قدمته الأغلبية، وينص على رقابة البرلمان على الحسابات الخصوصية باستثناء بعض الحسابات التي اعتبرها حساسة واستراتيجية. المجريات الجديدة تؤكد، بالملموس، أن حزب العدالة والتنمية يقترب بشكل كبير من فشل جديد في محاربة الفساد بالمغرب، خاصة وأن الإذعان والخضوع للتعديل الجديد الذي جاء به وزير الاقتصاد والمالية سيكون بمثابة رمي المنشفة في آخر جولة من النزالات التي خاضها حزب «المصباح» من أجل دمج الصناديق السوداء في نطاق مراقبة البرلمان للميزانية العامة. إن التنزيل الديمقراطي للدستور يحتم على الحزب الحاكم ضمان التدبير الشفاف لأموال الشعب ودافعي الضرائب، ولا يمكن أن يتم ذلك من خلال استثناء مؤسسات من رقابة البرلمان، حتى لو كانت ذات طبيعة خاصة أو استثنائية، وأي تراجع عن هذا المسار سيكون بمثابة استسلام لفلول الفساد التي مازالت تحاول، بشتى الطرق، الدفاع عن حصونها الأخيرة.