آلت نتيجة المعركة التي تدور رحاها داخل المؤسسة التشريعية بين وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، ونواب الأغلبية وفي مقدمتهم فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، حول إدخال الحسابات الخصوصية المعروفة بالصناديق السوداء، ضمن الميزانية العامة للدولة في إطار السعي نحو شفافيتها، إلى وزير الاقتصاد والمالية. الوزير بوسعيد، والذي رفض صيغة للأغلبية تؤكد "أنه يمكن أن تدرج في الميزانية العامة بعض الحسابات الخصوصية بنص تنظيمي"، ربح معركة إعداد تعديل جديد سيأتي به للجلسة العامة التي يرتقب أن تتم برمجتها في الأسبوع المقبل، وسيلغي بموجبه التعديل الذي قدمته الأغلبية، وينص على رقابة البرلمان على الحسابات الخصوصية باستثناء حسابات الجيش والأمن. وفي هذا السياق استطاع الوزير بوسعيد إخراج المعركة من المؤسسة التشريعية، حيث سيتكلف بإعداد الصيغة النهائية التي يرتقب أن تتداول بشأنها الأغلبية الحكومية المجتمعة اليوم الأربعاء في اجتماعها الدوري، والتي تتجه إلى عدم الحديث عن استثناءات تخص قطاعات حيوية كالجيش والأمن. وبررت فرق الأغلبية تراجعها عن تعديلها وقبولها بالصيغة التي سيأتي بها وزير الاقتصاد والمالية، بكون الاستثناء الذي ورد فيه والذي يخص الجيش والأمن، يجعل هذه الحسابات الخصوصية محل شبهة "وهو ما لا يمكن للأغلبية أن تنخرط فيه"، على حد قول برلماني من داخلها. وحصلت الأغلبية بموجب تراجعها عن تعديلها الذي أجلت على إثره جلسة المصادقة، بسبب رفض وزير المالية مقترح الأغلبية الذي صادقت عليه لجنة المالية، مقابل تمسك النواب بحقهم في التشريع، على التزام حكومي بتطبيق ما نصت عليه المادة 18 مكرر من قانون المالية لسنة 2013. وتنص المادة المذكورة على أنه "تدرج ضمن مكونات ميزانية الدولة، ابتداء من فاتح يناير 2015، المداخيل والنفقات الناتجة عن العمليات المتعلقة بحسابات الخزينة التي يتم تدبيرها من طرف الوزارة المكلفة بالميزانية، والتي لا ترتبط بتطبيق نص تشريعي خاص أو التزامات تعاقدية أو اتفاقيات دولية، أو بقروض ذات الأمدين القريب أو المتوسط، أو بتدبير سندات صادرة لفائدة الدولة، وكذا بمداخيل أو نفقات مؤقتة في انتظار التنزيل النهائي لها.