شكلت الحسابات الخصوصية في ميزانية الدولة على الدوام موضوع نقاش عميق بخصوص مدى خضوعها للمراقبة البرلمانية و احترامها لمبادئ الشفافية والحكامة الجيدة، خاصة و أن الأمر يتعلق بأكثر من 70 حسابا خصوصيا وصندوق، هذا النقاش الذي ازداد قوة في ظل الدستور الجديد بما يحمله من توجهات لضمان الشفافة و النزاهة في تدبير الشأن العام و حماية المال العام بما يضمن تحصين مالية الدولة من أي تلاعب أو نهب كما حصل في الماضي في العديد من المؤسسات العمومية و شبه العمومية و القطاعات الحكومية دون الحديث عن الصناديق و الحسابات الخصوصية التي تعددت بتعدد أوجه صرفها . و يمكن القول أن مناقشة مشروع القانون المالي 2013 على مستوى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب عرفت تدخلات من مختلف الفرق النيابية ، وفي مقدمتها فرق الأغلبية النيابية بخصوص الحسابات الخصوصية وكيفية ضمان تحصينها حتى لا تستغل لأغراض بعيدة عن أوجه الصرف المحدثة من أجلها، حيث لوحظ أن بعض الصناديق يتم صرف اعتماداتها في نفقات التسيير بما في ذلك أداء أجور الموظفين في الوقت الذي من المفروض أن تخصص هذه الاعتمادات لميزانية الاستثمار فقط . و هذا ما جعل الحكومة تتقدم بتعديل على المادة 18 مكررة بهدف اعتماد منهجية تسعى إلى تأمين عمليات إدراج حسابات الخزينة ضمن مكونات ميزانية الدولة مع مراعاة خصوصيات العمليات التي لا ترتبط بتطبيق تشريع أو تنظيم خاص أو التزامات تعاقدية أو اتفاقيات دولية أو بأموال خصوصية موضوعة رهن إشارة الدولة أو بقروض ذات الأمدين القريب أو المتوسط أو بتدبير سندات صادرة لفائدة الدولة و كذا بمداخيل أو نفقات مؤقتة في انتظار التنزيل النهائي لها. و ما يتطلب ذلك من ضرورة مباشرة تدبير مرحلة انتقالية من أجل الإدراج النهائي للحسابات المعنية بميزانية الدولة في أفق بداية سنة 2015 و ذلك بعد أخذ التدابير الكفيلة بتصفية العمليات السالفة الذكر وفق إجراءات سيتم تحديدها بمرسوم . و في نفس السياق جاءت فرق الأغلبية النيابية بتعديل يرمي إلى تحسين هذا المقتضى ليتم في نهاية المطاف التوافق بشأن تعديل المادة 18 المكررة تدرج ، بمقتضاها مكونات ميزانية الدولة، ابتداء من فاتح يناير 2015، المداخيل و النفقات الناتجة عن العمليات المتعلقة بحسابات الخزينة، التي يتم تدبيرها من طرف الوزارة المكلفة بالمالية، و التي لا ترتبط بتطبيق نص تشريعي خاص أو التزامات تعاقدية أو اتفاقيات دولية، أو بقروض ذات الأمدين القريب أو المتوسط، أو بتدبير سندات صادرة لفائدة الدولة و كذا بمداخيل أو نفقات مؤقتة في انتظار التنزيل النهائي لها ، على أساس أن يتم تحديد أحكام تطبيق هذه المادة بنص تنظيمي (عوض مرسوم كما جاء في التعديل الذي جاءت به الحكومة ) . كما أثير هذا الموضوع خلال مناقشة مشروع القانون المالي بمجلس المستشارين بعد إحالته من مجلس النواب، مما يبين بجلاء حرص أعضاء البرلمان على ضمان تحصين المال العام ، من كل ما من شأنه أن يمس بمبدأ الحكامة الجيدة في تدبير السياسات العمومية مادامت الميزانية العامة للدولة تشكل الأداة التنفيذية لتدبير الشأن العام .