انتقدت بعض فرق المعارضة بمجلس المستشارين عدم تعاون الحكومة مع المجلس الأعلى للحسابات، خصوصا وزارة الاقتصاد المالية. إذ قال محمد دعيدعة، رئيس الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية، إن مجلس جطو لم يستطع القيام بمهامه فيما يتعلق بافتحاص الحسابات الخصوصية بسبب عدم تعاون مصالح وزارة الاقتصاد والمالية وامتناعها عن تسليمه الوثائق المطلوبة. وقال دعيدعة، خلال مناقشة تقرير جطو لسنة 2012 أول أمس بالغرفة الثانية: «كنا نعتقد أن المنع وحجب المعلومات يطال البرلمان والمجتمع المدني فقط، فإذا به يطال أيضا مؤسسة رسمية موكول لها دستوريا مراقبة المالية العمومية». وأوضح أن المجلس الأعلى للحسابات لم يتوصل أيضا بالتقارير الخاصة بنجاعة تنفيذ الميزانيات القطاعية، ولا بتقرير الخازن العام للملكة حول ظروف تنفيذ قانون المالية طبقا للنصوص التنظيمية ذات الصلة، وهو ما يعطل دور المؤسسات. من جهة أخرى، تطرق دعيدعة إلى طبيعة الخلاف بين فريقه والحكومة فيما يخص إصلاح أنظمة التقاعد، إذ قال إن «الحكومة والمجلس الأعلى للحسابات يريدان اختزال الإصلاح في إجراءات تتعلق بالرفع من الاشتراكات وتمديد سن الإحالة على التقاعد والتقليص من المعاش عبر إعادة النظر في وعاء الاحتساب، وهي كلها إجراءات سيؤدي فاتورتها الأجراء الذين لا ذنب لهم فيما آلت إليه أوضاع صناديق التقاعد». واعتبر رئيس الفريق الفيدرالي أن الإجراءات ذات الطابع الميكانيكي، خصوصا بالنسبة لنظام المعاشات المدنية، أبانت عن غياب كلي للإبداع السياسي وللقراءة السياسية الواعية، التي تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي الهش من خلال الاجتهاد والتقويم والمواكبة بقرارات جريئة في مجالات أخرى تتعلق بالضرائب والأجور ونظام الترقي والمقاصة والتشغيل تحفظ للمنخرطين المستوى اللائق للعيش والكرامة كما ينص على ذلك الدستور المغربي وكذا المعايير الدولية ذات الصلة. من جهته، انتقد حكيم بنشماس، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، استمرار الحكومة في الاستدانة المفرطة من الخارج، وهو ما تترتب عنه عدة مخاطر، مؤكدا خلال مناقشته لتقرير المجلس الأعلى للحسابات أن «الجانب المخيف في تدبير الحكومة للمديونية يبقى بدون شك حجم التحملات المختلفة المرتبطة بالدين العام، والتي تستنزف ما يقارب 58 مليار درهم برسم سنة 2014 ». ودعا رئيس فريق الأصالة والمعاصرة إلى «لجم الحكومة من خلال سن تشريعات لتسقيف حجم الدين بهدف تجنب التجاوزات المالية الصادرة عن حكومات لا تعير اهتماما بالغا للتوازنات ولا تتقيد بمبادئ الحكامة المالية الجيدة». ووجه سهام نقده إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، قائلا: «لا زلنا نتذكر جلسة المساءلة الشهرية المنعقدة شهر دجنبر، حين أجابنا رئيس الحكومة بسخريته المعتادة بأن التحذيرات والأرقام التي تضمنتها مداخلاتنا غير صحيحة، وبأن «الأجهزة» تمدنا بمعطيات غير صحيحة. غير أن عرض الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات جاء ليؤكد أن ما تضمنته مداخلات فريق الأصالة والمعاصرة بشأن تدبير المديونية كانت عين الصواب». وأكد بنشماس أن المجلس الأعلى للحسابات تحدث بدوره عن سوء تدبير الدين من طرف الحكومة، سواء تعلق الأمر بالدين الداخلي الذي شهد ارتفاعا مطردا، حيث انتقل من 37.4 بالمائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2007 إلى 47.9 بالمائة سنة 2013، مما ساهم في الضغط على السيولة البنكية، وبالتالي المنحى التصاعدي لنسب الفائدة، أو تعلق ذلك بالدين الخارجي الذي يتشكل بالأساس من ديون ميسرة، حيث إن جزءا لا يستهان به من هذه القروض يطبعه عدم الاستعمال أو ضياع بعض الأقساط بسبب التأخر في إنجاز السحوبات أو إلغاء جزء منها مع ما يترتب عن ذلك من تكاليف ناتجة عن أداء عمولات الالتزام.