خصص مجلس النواب، أمس الاثنين، جلسة عمومية لمناقشة العرض، الذي تقدم به إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات حول أعمال المحاكم المالية في ماي الماضي، طبقا لمقتضيات الفصل 148 من الدستور. (كرتوش) وتناول عرض جطو، على الخصوص، أهم خلاصات تقارير مراقبة التدبير، التي أنجزها المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، بما فيها التقريران الموضوعاتيان المتعلقان بإشكالية التقاعد وبمنظومة المقاصة، بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى لهذه المحاكم، كمراقبة مالية الأحزاب، وتلقي وتتبع التصاريح الإجبارية بالممتلكات. وأشاد رؤساء الفرق النيابية في مناقشتهم للعرض، بالدور الدستوري المحوري والحيوي للمجلس الأعلى للحسابات، باعتباره الهيئة الدستورية العليا لمراقبة المالية العمومية، بما يدعم مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة. ودعا عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية، إلى وضع تصور واضح من أجل الحد من عجز الميزانية، مطالبا بإحداث مؤسسة واحدة تتكلف باستخلاص الغرامات والضرائب. من جهته، انتقد عادل بنحمزة، رئيس الفريق الاستقلالي، "تسرب تقرير المجلس إلى الصحافة قبل مروره عبر القنوات التشريعية، ما أدى إلى إعطائه قراءات خاطئة"، مبرزا أن وزرة العدل والحريات لم تفتح تحقيقا حول هذا التسريب، وأن التقرير" يعطي انطباعا بأن الفساد يرتبط بالمؤسسات المنتخبة، بينما يتعلق الأمر بمراقبة المجالس المحلية ومجالس العمالات، وهو ما لا يساعد على تعزيز المشاركة في السياسة، ويساهم في فقدان المواطنين الثقة في البلاد". واعتبرت ميلودة حازب، رئيسة فريق الأصالة والمعاصرة، أن ملاحظات التقرير جاءت منسجمة مع ملاحظات حزبها حول غياب الشفافية والحكامة والانضباط في تدبير ميزانية الدولة، داعية إلى استقلالية السلطة القضائية، وتسريع خروج القانون الذي ينص على استقلاليتها، حتى لا تستغل الأموال العمومية لأغراض انتخابية. أما إدريس اليزمي، الوزير المكلف بالميزانية، فأكد في عرض له عزم الحكومة على "التعاون والتفاعل مع ملاحظات وتوصيات المجلس، بما يعزز هذه المبادئ والقيم، تطبيقا للمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمانا لحماية المال العام وتدبيره بشكل سليم وفعال وناجع وحرصا على تخليق الحياة العامة، وعلى الرفع من أداء وفعالية الموارد والنفقات العمومية، بما يمكن من توفير خدمات عمومية ذات جودة عالية لفائدة المواطنين والمواطنات، ويوفر بنيات تحتية ولوجستيكية بمعايير عالية ترفع من جاذبية بلادنا وتعزز نموذجها التنموي". وبخصوص تقارير المجلس حول تنفيذ قوانين المالية، أبرز الوزير أن المصالح المختصة لوزارة الاقتصاد و المالية أنهت كل الأعمال، وأعدت جميع الوثائق المتعلقة بقانون التصفية برسم السنة المالية 2012، الذي تعتزم الحكومة تقديمه هذه السنة، علما أن الأشغال المرتبطة بتهيئة مشروع قانون التصفية برسم السنة المالية 2013 شرع فيها منذ أبريل 2014، موضحا أن الآفاق، التي يفتحها إدماج التكنولوجيات المعلومياتية في مسلسل تحضير الوثائق المالية والمحاسباتية من شأنها أن تشكل تقدما نوعيا من حيث تقليص الآجال المرتبطة بتقديم هذه القوانين والرفع من جودتها. وعن ملاحظات المجلس حول تنفيذ الميزانية، أوضح الوزير أن إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية شكل بالنسبة للحكومة فرصة لمعالجة مجموعة من هذه الاختلالات، مذكرا بإجراءات الحكومة لمعالجة الاختلالات التي تضمنها التقرير. وبالنسبة لإصلاح ديمومة أنظمة التقاعد، قال اليزمي إن الحكومة كانت سباقة إلى الإعلان عن عزمها مباشرة هذا الإصلاح لمعالجة العجز المالي الكبير للصندوق المغربي للتقاعد، والذي سيؤدي إلى نفاد احتياطياته في أفق 2022، معلنا أن هذا الإصلاح سيكون عبر مرحلتين، مرحلة أولى، تستجيب للحالة الاستعجالية لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، من خلال إرساء تعديلات على مستوى مقاييسه، تهم سن الإحالة على التقاعد، ومساهمات الدولة والموظفين، وطريقة احتساب المعاشات. ومرحلة ثانية، سيقع فيها تفعيل الإصلاح الشمولي لقطاع التقاعد، من خلال تجميع أنظمة القطاع العام وشبه العام في قطب عمومي واحد وتشكيل قطب خاص يغطي، بالإضافة لأجراء القطاع الخاص، فئة غير الأجراء، التي لا تستفيد في الوقت الراهن من أي تغطية. وعن نفقات المقاصة، أفاد أن الحكومة شرعت في الإصلاح الفعلي لنظام المقاصة، عبر تفعيل نظام المقايسة الجزئي لأسعار بعض المواد النفطية السائلة، وإلغاء أو تقليص الدعم لبعض المواد في مرحلة ثانية، وتنزيل الإصلاح في بعده الاجتماعي من خلال استهداف الفئات الهشة، مضيفا أن المداخيل المترتبة عن الإصلاح ستوجه لدعم الاستثمار المنتج، وتعزيز شبكة الخدمات الاجتماعية. وبخصوص نفقات الدين العمومي، قال اليزمي إن الحكومة ستواصل مجهوداتها للتحكم في عجز الميزانية لضبطه في حدود 3,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2016، الذي يعد مستوى يمكن من التحكم في المديونية في مستويات مستدامة، دون المساس بمتطلبات التنمية.