صناع فيلم "البوز" يعرون النجومية الافتراضية وزيف "السوشل ميديا"    دول الساحل تثمّن مبادرة الملك محمد السادس وتعتبرها بوابة للتنمية والانفتاح    ارتفاع مبيعات الاسمنت بنسبة 4,5 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2025    وسام ملكي للسيد محمد البهجة الفاعل السياحي الكبير بطنجة    العفو الدولية تندد ب"إبادة جماعية" في غزة "على الهواء مباشرة"    مدرب مؤقت لريال مدريد    إحراق 19 طنا من المخدرات و652 قرصا مهلوسا كانت محجوزة لدى الجمارك بأسفي    استئنافية خريبكة تؤيّد الحكم بسنة حبسا في حق البستاتي بسبب تدوينات مناهضة للتطبيع وداعمة لفلسطين    موظفو السجن المحلي الجديدة 2يخلدون الذكرى17لتأسيس المندوبية العامة بحضور عامل الإقليم .    انتح.ار شرطي متقاعد بالقصر الكبير    بوريطة يتباحث مع رئيس الكونغرس ومجلس الشيوخ الكولومبيين    وزير النقل: انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا تسبب في إلغاء رحلات جوية بالمغرب    باريس سان جيرمان يهزم أرسنال في ذهاب نصف نهائي أبطال أوروبا    ال"PSG" يُسقط أرسنال في عقر داره ويقطع شوطا نحو نهائي دوري أبطال أوروبا    روديغر مدافع الريال يعاقب بالإيقاف    نقابي: البطالة سترتفع بتطوان بعد عزم شركة إسبانية طرد أكثر من 220 عامل وعاملة    هكذا انهارت الشبكة الكهربائية لإسبانيا في خمس ثوان.. أسباب محتملة    وزارة الأوقاف تحذر من إعلانات متداولة بشأن تأشيرة الحج    93 في المائة من مياه الاستحمام بالشواطئ المغربية مطابقة لمعايير الجودة    الحرس الإسباني يغلق "نفق سبتة"    أمريكا تهنئ حزب رئيس وزراء كندا    المغرب يساعد إسبانيا على تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء عبر تزويدها بطاقة كهربائية هامة    رئيس الحكومة يترأس اجتماعا لتتبع تنزيل خارطة طريق قطاع التشغيل    البيضاء…..ختام فعاليات الدورة السادسة من مهرجان إبداعات سينما التلميذ للأفلام القصيرة    ملتقى في الصويرة يناقش "المواسم التقليدية رافعة للاقتصاد في الوسط القروي... زوايا ركراكة نموذجًا"    القيدوم مصطفى العلوي يُكرَّم في منتدى الصحراء للصحافة بكلمة مؤثرة تلامس القلوب    البنك الدولي يتوقع انخفاض أسعار السلع الأولية إلى مستويات ما قبل كورونا    كيف يمكن لشبكة كهرباء أن تنهار في خمس ثوان؟    أورنج تهدي مشتركيها يوما مجانيا من الإنترنت تعويضا عن الانقطاع    حريق مطعم يودي بحياة 22 في الصين    إسبانيا.. ظهور السفينة الحربية المغربية "أفانتي 1800" في مراحل متقدمة من البناء    شراكة تجمع التعليم العالي و"هواوي"‬    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    كاميرات ذكية ومسرح في المدارس المغربية لمواجهة العنف    "البيجيدي" يطالب بتوسيع "الانفراج الحقوقي" ويؤكد أن البناء الديمقراطي بالمغرب شهد تراجعات    المغرب يدين أكاذيب الجزائر بمجلس الأمن: هوس مرضي وتزييف الحقائق    "النهج": الحوار الاجتماعي يقدم "الفتات" للأجراء مقابل مكاسب استراتيجية ل"الباطرونا"    خبر مفرح للمسافرين.. عودة الأمور إلى طبيعتها في مطارات المغرب بعد اضطرابات الأمس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    الديبلوماسية الموازية مهمة جوهرية للحزب    يضرب اليوم موعدا مع تنزانيا في النهائي القاري .. المنتخب النسوي للفوتسال يحقق تأهل مزدوجا إلى نهائي كأس إفريقيا وبطولة العالم    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: المؤرخ ابن خلدون … شاعرا    أخبار الساحة    موكوينا يخلط أوراق الوداد الرياضي    تنظيم ماراتون الدار البيضاء 2025 يسند إلى جمعية مدنية ذات خبرة    خبير اقتصادي ل"رسالة 24″: القطار فائق السرعة القنيطرة مشروع استراتيجي يعزز رؤية 2035    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتنياهو ورصاصة الرحمة
نشر في المساء يوم 05 - 04 - 2009

حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة يجب أن لا تخيفنا لا بل إنها تعطينا القوة والذريعة للتنصل من عملية سلمية خدمت إسرائيل
أطلق بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الجديد رصاصة الرحمة على عملية سياسية تحتضر، عندما أعلن أمام الكنيست عدم التزامه بحل الدولتين، ولم يتلفظ بكلمة دولة فلسطينية مستقلة، وجاء مهندس دبلوماسيته ليبرمان ليشيّعها إلى مثواها الأخير، عندما أكد رفضه لمسار أنابوليس ولكل ما تمخض عنه من مفاوضات وتفاهمات.
ما فعله نتنياهو «الليكودي»علناً، هو ما مارسه سلفه إيهود أولمرت سراً، فالأول تنصل من عملية سلمية من المفترض أن تقود إلى دولة فلسطينية مستقلة، وكشف عن نواياه مبكراً وبوضوح، أما الثاني فقد كان يريد التوصل إلى الهدف نفسه، ولكن عبر الخداع وبيع الأوهام.
عامان من المفاوضات المباشرة، التقى خلالهما الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع زعيم «كاديما» أكثر من عشرين مرة، بعضها على انفراد، في جلسات مغلقة، دون مشاركة الوفود المرافقة، وبعضها الآخر بمشاركتها، ناهيك عن ضعف هذا العدد من اللقاءات بين السيد أحمد قريع رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض مع نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني وزيرة الخارجية. والنتيجة المزيد من المستوطنات، والمزيد من مصادرة الأراضي، والمزيد من مضيعة الوقت وخداع الشعب الفلسطيني.
الإدارة الأمريكية السابقة شاركت في عمليات الخداع والتضليل هذه بفاعلية، عندما تسترت على الممارسات الاستيطانية الإسرائيلية، وإذلال الشعب الفلسطيني عند الحواجز، ومباركة العدوان الوحشي الأخير على قطاع غزة، وما سبقه من حصارات تجويعية.
من الواضح أن نتنياهو لا يضع «السلام» مع الفلسطينيين ضمن أولويات حكومته المتطرفة، ولا يعير أي اهتمام بالتالي لردود فعل الدول الغربية، والولايات المتحدة على وجه التحديد، التي استثمرت في عملية المفاوضات الكثير من الجهد والمال. فالرجل وصل إلى سدة الحكم وفق برنامج انتخابي يتعهد فيه بمواصلة الاستيطان، وتحقيق «السلام الاقتصادي» أي تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين في الضفة الغربية، ولا شيء آخر.
نتنياهو مشغول بالبرنامج النووي الإيراني الذي أقسم على تدميره، ومنع أصحابه من دخول النادي النووي العالمي مهما كلف الأمر، مثلما أكد أكثر من مرة أثناء حملته الانتخابية، ومن يريد شن عدوان على إيران، وتوريط العالم بأسره في حرب قد تتطور إلى حرب نووية تدمر المنطقة، وربما اقتصاد العالم بأسره، لا يمكن أن يضع السلام مع الفلسطينيين ضمن مخططاته، وحتى لو فعل ذلك، فإن شركاءه في الائتلاف الحاكم، ومعظمهم من الأحزاب اليمينية والدينية المتطرفة، لن يسمحوا له بذلك.
ردود الفعل الفلسطينية، وخاصة من قبل السلطة في رام الله، محيرة، إن لم تكن مخجلة، فالدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين الذي سيجد نفسه عاطلاً عن العمل، وصف مواقف نتنياهو بأنها تعني نهاية العملية السلمية، بينما قال السيد أحمد قريع، رئيس الوفد المفاوض، إن تنكر الحكومة الإسرائيلية الجديدة لمسار أنابوليس، ورفض التسوية وحل الدولتين هو «عودة إلى نقطة الصفر، وخطة لتصفية العملية السلمية».
تصريحات السيد قريع (أبو العلاء) هذه توحي بأن العملية السلمية التي يترحم عليها قد تحركت، وحققت تقدماً، وهي في واقع الحال لم تغادر نقطة الصفر على الإطلاق، وظلت تدور حولها، بدليل أنها وعلى مدى عامين، لم تفكك مستوطنة واحدة، ولم تزل حاجزاً أمنياً واحداً، بل إن هذه المستوطنات والحواجز تناسلت، وتوسعت، بعد كل جولة مفاوضات، إن على مستوى القمة، أو على مستوى الوفود.
التباكي على عملية سلمية خادعة ومهينة لن يفيد، كما أنه ليس الحل المطلوب، وإنما كيفية البحث عن استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة هذا التطور الجديد في توجهات الدولة العبرية، استراتيجية تعتمد على الذات، وتقوم على أساس مراجعة شاملة ونقد ذاتي معمق، لاستخلاص العبر وتحديد الخيارات وخطط العمل.
المنطق يقول إن السلطة في رام الله كانت تعرف جيداً أن حظوظ نتنياهو وأحزاب اليمين المتطرف في الفوز في الانتخابات النيابية الإسرائيلية أكبر من حظوظ خصومه في حزب «كاديما»، الأمر الذي يتطلب وضع «خطة ب» مبكرا للتعاطي مع هذه المسألة. ولكن ما نلاحظه حاليا هو أن هذه السلطة ورئيسها وأركانها يتصرفون وكأنهم أُخذوا على حين غرة، ولهذا بدت خياراتهم محدودة، إن لم تكن معدومة، وتتلخص في الاستمرار في النهج العبثي السابق، وكأن شيئا لم يحدث، والأمور تسير وفق المخططات المطلوبة.
توقعنا أن تؤدي تصريحات نتنياهو وليبرمان الاستفزازية هذه إلى حرص أكيد على إنجاح اللقاء الذي تم بين طرفي المعادلة الفلسطينية، أي حركتي «فتح» و«حماس» الذي انعقد أخيرا في القاهرة، ولكن ما حدث هو العكس تماما، حيث انهار اللقاء، بسبب الهوة الواسعة بين مواقف الطرفين، وجرى الاتفاق على اللقاء مجددا بعد ثلاثة أسابيع.
المعلومات التي تسربت عن أسباب انهيار اللقاء قليلة، ويمكننا أن نتكهن أن أبرزها إصرار الأشقاء في وفد «فتح»المفاوض على «التزام» حركة «حماس» بالعملية السلمية، والاتفاقات الموقعة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، بما فيها اتفاقات أوسلو ومسار أنابوليس، والاعتراف بدولة إسرائيل.
فإذا كانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت عدم التزامها بهذه الاتفاقات علنا، فهل من المنطقي إجبار «حماس» على القبول بها، وفي مثل هذا التوقيت بالذات؟
نتوقع من حركة «فتح» التي أطلقت الرصاصة الأولى، وحملت القضية الفلسطينية على أكتافها طوال أكثر من أربعين عاما الماضية، مقدمة التضحيات الجسام أن تقترب أكثر من حركة «حماس»، وخيار المقاومة الذي تتبناه، خاصة أن الكوادر الفتحاوية، التي لا يشك أحد في وطنيتها، تدفع في هذا الاتجاه، وتطالب، بل وتضغط لاسترجاع الحركة من الذين خطفوها وحرفوها عن خطها الوطني الصحيح، إلى متاهة عملية سلمية مهينة، أضرت بالحركة قبل أن تضر بالمصالح الوطنية للشعب الفلسطيني.
لا نريد أن نبدو منفعلين، ونكرر مطالبنا السابقة بحل السلطة فورا، على اعتبار أن هناك التزامات دولية، وأطرافا عربية لا بد من التشاور معها، ولذلك نطالب بأن يدعو الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مؤتمر صحافي عالمي، يعلن فيه إعطاء مهلة للحكومة الإسرائيلية، والمجتمع الدولي في الوقت نفسه، لمدة ثلاثة اشهر كأقصى حد، فإما العودة إلى عملية سلمية جدية بسقف زمني محدد، ووفق قرارات الشرعية الدولية والثوابت العربية الفلسطينية، وإلا حل السلطة والعودة إلى خيار المقاومة بكل الطرق والوسائل، وإعادة إحياء منظمة التحرير الفلسطينية على الأسس نفسها التي قامت عليها، وبمشاركة كل الفصائل الفلسطينية الجديدة مثل حركتي «حماس» و«الجهاد» ولجان المقاومة الشعبية، وكتائب شهداء الأقصى.
حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة يجب أن لا تخيفنا، لا بل إنها تعطينا القوة والذريعة للتنصل من عملية سلمية خدمت إسرائيل، وحسِّنت صورتها، وكسرت عزلتها عربيا ودوليا، بينما لم تحقق للشعب الفلسطيني غير الهوان والإذلال والحصارات التجويعية.
الشعب الفلسطيني الذي قاوم حربا شرسة لثلاثة أسابيع تعرض خلالها للقصف الوحشي من كل الاتجاهات، برا وبحرا وجوا، ودون أي مساعدة من أحد، بل تواطأ بعض الأشقاء مع العدوان، هذا الشعب يستطيع بمقاومته وصموده أن يواجه حكومة نتنياهو ويهزمها، ويعمق من مأزق الدولة العبرية السياسي والأخلاقي، مثلما فعل أثناء حكم «كاديما»، وكل ما يحتاجه هو قيادة ترتقي إلى مستوى تضحياته، وشهدائه.
من تابع القمة العربية الأخيرة في الدوحة يخرج بانطباع أن الوفد الفلسطيني كان أقل الوفود حركة وتأثيرا ويعيش حالة من الانكسار وكلمته الأضعف، رغم أنه من المفترض أن يكون الرقم الصعب ونجم هذه القمة بسبب قضيته ومكانتها العربية والعالمية، لدرجة أنني تمنيت لو أن هوغو تشافيز كان رئيس الوفد، وليس الرئيس محمود عباس، لما اتسمت به كلمته من شجاعة وقوة وتحدي لإسرائيل وجرائمها، ولكن التمنيات شيء والواقع شيء آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.