كشفت استجوابات قضائية أمرت المحكمة الابتدائية لفاس بإجرائها مع مسؤولين في المجلس الجماعي والوكالة الحضرية بفاس عن تضارب في تصريحات المسؤولين بخصوص الترخيص لشركة عقارية للبناء في قطعة أرضية، جزء كبير منها يوجد بجماعة أولاد الطيب القروية المجاورة لمدينة فاس. وطالبت عائلة السيدة محجوبة لخضر، ومن معها، وزير الداخلية بفتح تحقيق معمق حول الأطراف المتهمة بارتكاب تجاوزات قانونية في عملية الترخيص لهذه الشركة العقارية، التي باشرت أشغال البناء في قطعة تمتد على مساحة تقارب 16 هكتارا. ودافعت الشركة، في وثائق لها، عن قانونية الإجراءات التي قامت بها، وقالت إن جرها للقضاء بعد حصولها على رخصة للتجزيء «غير ذي موضوع». وأعادت القضية، من جديد، حرب «الحدود» بين الجماعة القروية أولاد الطيب، وبين الجماعة الحضرية لمدينة فاس. فيما اطلعت «المساء» على استجوابات قضائية بأمر قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية لمسؤولين في الوكالة الحضرية والمجلس الجماعي لفاس، في تواريخ متباينة، تتضمن تصريحات متناقضة بخصوص الترخيص لهذه الشركة لتجزيء القطعة. فقد أكد رئيس قسم الشؤون القانونية والعقارية بالوكالة، في استجواب يعود إلى 22 يناير 2013، على أن القطعة توجد حسب مقتضيات تصميم تهيئة الجماعة القروية بأولاد الطيب، ومقاطعة سايس، توجد في منطقة فلاحية. وأضاف بأن المنطقة التي تخص مقاطعة سايس هي منطقة محرمة من البناء. وذكر بأن شخصا سبق له أن تقدم بطلب للتقسيم، لكن هذا الترخيص بقي حبرا على ورق. ونفى المسؤول ذاته أن تكون الوكالة الحضرية قد توصلت بأي طلب يتعلق بالبناء فوق هذه القطعة الأرضية التي عاود التأكيد على أنها قطعة أرضية فلاحية لا تقبل التجزئة، «بل هي خاضعة للتقسيم». لكن مفوضا قضائيا آخر انتدبته المحكمة للغرض ذاته استجوب مسؤولة في الوكالة الحضرية بتاريخ 24 أبريل الماضي، فأكدت له بأن الوكالة الحضرية توصلت في الفترة ما بين شهر يناير وفبراير من سنة 2013 بطلب من الشركة العقارية المعنية بالنزاع بطلب إحداث تجزئة على هذه القطعة الأرضية. وبينت استجوابات قضائية أخرى أجريت مع مسؤولين في الجماعة الحضرية لفاس، وجود التناقضات نفسها، لكن هذه المرة بحدة أكثر. فقد صرح الكاتب العام للجماعة في استجواب أول يعود إلى 30 يناير 2013، على أن سؤال الترخيص لتصميم التجزئة يجب أن يوجه للجماعة القروية أولاد الطيب حيث يوجد العقار، فيما أكد نائب رئيس مصلحة التصميم في مقاطعة أكدال التابعة للجماعة، في استجواب قضائي، يوم 13 مارس الماضي، بأن الشركة حصلت على رخصة لتجهيز القطعة الأرضية، وقال إن هذه الرخصة يعود تاريخها إلى 24 دجنبر 2013، في تناقض صارخ مع ما سبق أن صرح به مسؤول الوكالة الحضرية، والتي تفيد بأن المنطقة فلاحية، جزء منها غير قابل للبناء، وبأنها منطقة فلاحية غير قابلة للتجزيء. وأوضحت الاستجوابات، من جهة أخرى، على أن المجلس الجماعي الذي أقر بأن القطعة لا توجد في نفوذها الترابي هو نفسه المجلس الجماعي الذي منح رخصة التجزئة للشركة العقارية، خاصة وأن تصميم التهيئة الجديد لم يحظ بعد بالموافقة النهائية. ونفى رئيس الجماعة القروية أولاد الطيب والتي يوجد جزء مهم من القطعة في نفوذها الترابي، في استجواب قضائي أجري معه، أن تكون هذه الجماعة قد توصلت بأي رخصة بخصوص القطعة الأرضية ذات الرسم العقاري عدد ف/2145. وعمد الممثل القانوني لهذه الجماعة إلى مباشرة إجراءات رفع دعوى قضائية ضد المجلس الجماعي لفاس، واعتبرت بأن الترخيص لهذه الشركة غير قانوني، وتخالف مقتضيات التحديد الترابي بين هذه الجماعة وبين المجلس الجماعي لمدينة فاس لسنة 1998، وهو التحديد الذي سبق له أن أدى إلى نشوب معارك سميت بمعارك «الحدود» بين رئيس الجماعة، رشيد الفايق، عن حزب الأصالة والمعاصرة، ورئيس المجلس الجماعي لفاس، عن حزب الاستقلال.