قال محمد الطوزي، باحث في العلوم السياسية والاجتماعية مساء أول أمس الخميس، خلال اللقاء العاشر ل«خميس الحكامة» الذي ينظمه مجلس مدينة الدارالبيضاء، إن المقاربات المركزية التي تم اعتمادها طيلة السنوات السابقة أثبتت محدوديتها، ليس فقط في المدن الكبرى، بل طالت كذلك جماعات قروية لا يتعدى عدد سكانها 10 آلاف نسمة. وطالب الطوزي، خلال اللقاء الذي أداره التهامي الغرفي، الرئيس المدير العام ل«راديو أصوات» وخصصه مجلس المدينة للتداول في موضوع الأقطاب ذات الامتياز التي على مدينة الدارالبيضاء أن تمنحها الأولوية، بالعمل على إعادة الاعتبار للشرعية السياسية الكفيلة بالرفع من نسبة المشاركة، مؤكدا على أن فتح النقاش ضروري بالموازاة مع عودة الشرعية إلى السياسي الذي يحدد مرجعيات التدبير، لأن التعاقد في نظره يتم مع الأشخاص الذين يتخذون القرارات، وأبرز الطوزي أن نظريات التدبير المحلي في إطار التصور النيوليبرالي محدودة، خصوصا المقاربة التي تحول المواطن إلى زبون في علاقته بالمدينة. وأبرز الطوزي أن مدينة الدارالبيضاء تفتقد إلى بطاقة هوية تعرفها بشكل جيد نظرا للتداخل الحاصل في عدة مجالات، مبرزا أن النقاش اليوم هو من يمتلك السيادة لتصور مشروع للمدينة. في نفس السياق أبرز عبد العالي مستور، رئيس منتدى المواطنة، أن «النخب بالمدينة تسير المجال الحضري بعقلية قروية»، مؤكدا أن وحدة المدينة يجب تدبيرها كوحدة سياسية، «لأنه في المدينة لا نتداول المواقع بل نتداول الوظائف والأدوار». ولاحظ المتدخل أن علاقة السلطات العمومية والمنتخبين بالمواطن تنبني على أساس تقديم الخدمات والعكس صحيح. وأكد أن المواطن يتم التعامل معه على أساس مستهلك ولديه حاجيات، مؤكدا على أن جميع المقاربات التي يتم اعتمادها لتدبير المدينة لن تكون ناجحة بدون رضى المواطن. فالمدينة في رأيه ليست وعاء عقاريا وليست صخبا ضريبيا بل هي مجال العيش للإنسان وبالتالي فهي قضية سياسية». من جانبه قال رشيد الوزاني مهندس معماري ونائب رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين، إن الدارالبيضاء أصبحت عبارة عن مختبر للهندسة المعمارية. وكال الوزاني عدة انتقادات لعمل المجلس الحالي حيث أبرز الاختلالات وغياب تصور لتدبير عدة قطاعات كالنقل والتنقل والمجال المعماري، حيث تحولت الضواحي كسيدي معروف بعمالة عين الشق إلى مدن إسمنتية صغيرة بدون مجالات العيش. كما انتقد الوزاني غياب استراتيجية للتدبير البيئي على مستوى المدينة وطالب بإجبار الشركات خصوصا شركات بيع السيارات بالمساهمة في التدبير البيئي للمدينة. وطالبت نزهة الحريشي، برلمانية سابقة عن حزب الاتحاد الاشتراكي، بالاهتمام بالبحث العلمي والإبداع، عبر تقوية الشراكات بين الجامعات والمقاولات، والاهتمام بالطاقات البديلة، وفي هذا الصدد قدمت الحريشي للحاضرين تجارب مجموعة من المدن التي قطعت أشواطا كبيرة في مجال الصناعات البيوتكنولوجية، منها تجربة كاطالونيا بإسبانيا. وأكدت المتدخلة على أن المدينة تم تدبيرها أمنيا وهذا ما نتج عنه عدة تراكمات انعكست على المستوى الاجتماعي. وقالت الحريشي إن «المدينة تضم نصف الشركات المصدرة في المغرب، وبالتالي يجب مواكبة هذا التدبير على مستوى تدبير مخلفات المنازل أو الشركات». يذكر أن مجلس المدينةبالبيضاء خصص اللقاء العاشر لخميس الحكامة لتقييم اللقاءات السابقة، وجاء في أرضية اللقاء أن «مدينة الدارالبيضاء تواجه إكراهات مركبة مما يجعلها في حاجة إلى مقاربات مركبة كذلك، مقاربات تستحضر البعد الاقتصادي باعتباره الضامن لرفاهية العيش وللتوازن الاجتماعي، لكن ذلك يبقى رهينا بانخراط جماعي يساهم فيه المنتخبون والمسؤولون والقطاعان العمومي والخاص».