ساد التوتر أجواء الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات، الذي انطلق أول أمس في جولة جديدة، بسبب الخلافات بين الطرفين حول جدول الأعمال ومطالب النقابات والمقترحات التي تقدمت بها الحكومة. واستمرت جلسة الحوار من الساعة الثالثة بعد الزوال إلى الساعة الواحدة صباحا، ومنعت الحكومة جميع وسائل الإعلام من الحضور لتغطية الأشغال، كما منعت التصوير، تجنبا للتضارب في التصريحات والتصريحات المضادة، الذي كان يحصل في الجلسات السابقة لدى النقابات التي تدلي بتصريحات للإعلام مغايرة لتلك التي تدلي بها داخل الاجتماعات، حسب ما قال مصدر مطلع. وشارك في اللقاء عبد الحميد الفاتيحي، عن الفدرالية الديمقراطية للشغل، التابعة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وإبراهيم زيدوح، عن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، التابع لحزب الاستقلال، وعبد القادر الزاير، عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وخديجة الغمري، عن الاتحاد المغربي للشغل، ومحمد يتيم، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، النقابة التابعة لحزب العدالة والتنمية. ومثل الجانب الحكومي محمد عبو، الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة، ونزار بركة، الوزير المكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة، وجمال أغماني، وزير التشغيل والتكوين المهني، والكاتب العام لوزارة الاقتصاد والمالية عبد اللطيف الوديي، والمفتش العام لوزارة التشغيل ميمون بن طالب، والكاتب العام بنفس الوزارة عبد الواحد خوجة، وأطر وزارتي المالية والتشغيل ومدراؤها المركزيون. واعتمدت الحكومة في هذه الجلسة منهجية جديدة، حيث تم الاجتماع مع كل مركزية نقابية على حدة. وعلمت «المساء» أن نقابة العدالة والتنمية، التي كانت آخر نقابة جالست الوفد الحكومي، دخلت في مشادة قوية مع جمال أغماني، الذي بدا عليه التوتر بعد منتصف ليلة أول أمس، بسبب الخلاف بين الجانبين حول الترقية الاستثنائية، حيث اقترحت الحكومة تأجيل تلك النقطة إلى 2010، مبررة ذلك بأن الترقية الاستثنائية ستكلف ميزانية الدولة مبلغا قدره 16 مليار درهم، وأن هذا المبلغ يجب أن يذهب أولا إلى الاستثمار لخلق فرص شغل جديدة بدل الزيادة في أجور موظفين لديهم مناصب مالية، وتوظيفه في مشروعات اقتصادية مثل المخطط الاستراتيجي للإقلاع، الذي تقول الحكومة إنه يمكن أن يعمل على خلق 220 ألف منصب شغل في أفق عام 2015، وسيكلف فقط 12 مليار درهم، أي أقل من تكلفة الترقية الاستثنائية. وتركز الاجتماع بين الحكومة والنقابات على تحديد جدول أعمال دورة أبريل وشتنبر 2009، ودورتي 2010 و2011، والمنهجية المتبعة في الحوار الاجتماعي. ووقع كل من الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل على محضر الاتفاق مع الحكومة، في الوقت الذي امتنعت عن التوقيع كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب اللذين اقترحا أخذ مهلة لدراسة مقترحات الحكومة ومناقشتها قبل الرد. وقال عبد القادر الزاير، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريحات ل»المساء»، إن الخلاف الذي وقع مع الحكومة يتعلق بقضية الزيادة في الأجور، لأن الحكومة تقترح تأجيل النظر فيه إلى 2010. وقال إن الكونفدرالية ترى أن موجة الغلاء والإكراهات التي تواجه الشغيلة تفترض عدم تأجيل ذلك المطلب، مضيفا بأن نقابته أخذت مهلة أسبوع قبل تقديم ردها إلى الحكومة. وثمن الزاير المنهجية الجديدة التي اتبعتها الحكومة في هذه الجلسة من الحوار الاجتماعي، من خلال مناقشة جدول الأعمال والاتفاق عليه، مضيفا: «نتمنى من الجميع أن يتفهم مشاكل الطبقة الشغيلة». أما محمد يتيم، الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فقد أكد حصول توافق مع الحكومة بخصوص بعض النقاط المدرجة في جدول أعمال الحوار لدورة أبريل، لكنه أكد وجود بعض النقاط الخلافية التي قال إنه سيتم التوافق بشأنها قريبا. وأوضح يتيم في تصريح ل»المساء» أن جوهر الخلاف انصب على النقاط التي يجب إدراجها في الدورة الحالية للحوار الاجتماعي والنقاط التي ينبغي تأجيلها إلى الجلسات اللاحقة.