في خطوة جديدة يمكن أن تجر انتقادات واسعة على وزارة الفلاحة والحكومة، أطلقت وكالة التنمية الفلاحية عملية كبرى لتفويت أزيد من 1900 هكتار من الأراضي الفلاحية للدولة إلى مستثمرين خواص، وسط مخاوف من تكرار سيناريو الاختلالات التي شابت العمليات السابقة لتفويت أراضي «صوديا» و»سوجيطا». والمثير في العملية الجديدة، التي تقوم على كراء أراضي الدولة للخواص لمدد طويلة، أنها ستشمل جميع أنواع الأراضي الفلاحية التابعة لإدارة الأملاك المخزنية بما فيها الإقطاعيات الصغيرة، بدل الاقتصار فقط على الأراضي الفلاحية المتوسطة، كما كان عليه الأمر خلال العمليات السابقة للشراكة بين الدولة والخواص. وأكدت وكالة التنمية الفلاحية أن تدبير العملية الجديدة سيتم على المستوى الجهوي لضمان مزيد من القرب بالنسبة إلى الشركات المستفيدة من العملية، موضحة أنه سيتم خلق لجان في الجهات للوقوف على تنفيذ هذه العملية، التي تهم 872 مشروعا، في أحسن الظروف. وقد لجأت الوكالة إلى تخفيف شروط الاستفادة من العملية الجديدة لكراء الأراضي الفلاحية للدولة، إذ قلصت المساحة الدنيا للأراضي المعنية إلى 1000 متر مربع، كما خففت الشروط الواردة في دفاتر التحملات عن طريق إلغاء شهادة القدرة المالية، وتقليص مبلغ الضمان إلى 3000 درهم، بدل ما بين 5000 و50 ألف درهم، بالإضافة إلى تقليص مبلغ الضمان الخاص بتأمين الاستثمار إلى 1 في المائة، عوض ما بين 2.5 و5 في المائة بالنسبة إلى المساحات التي تتجاوز 10 هكتارات. وأطلقت وكالة التنمية الفلاحية في السنوات الأخيرة ثلاثة أشطر من عملية الشراكة بين الدولة والخواص همت مساحة إجمالية تناهز 97372 هكتارا، وتتوقع هذه الأشطر وضع برنامج لتطوير القطاعات الأساسية لمخطط المغرب الأخضر، عبر زرع 21 ألف هكتار من الحوامض و21 ألف هكتار من أشجار الزيتون و4600 هكتار من الكروم و4600 هكتار من الأشجار المثمرة. غير أن ما ورد في تقارير المجلس الأعلى للحسابات حول هذه العمليات يؤكد بالملموس أنها لم تحقق أهدافها، وحادت في ظل الخروقات التي شابتها عن الطريق المرسوم لها، إذ عوض أن تمنح هذه الأراضي لذوي الاختصاص من أجل استغلالها في تطوير الفلاحة الوطنية، فوتت، في ظروف غامضة لسياسيين وبرلمانيين وأصحاب نفوذ استغلوها في تحقيق مصالحهم الشخصية. وانتقد محمد المسكاوي، رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام، العملية الجديدة لتفويت الأراضي الفلاحية للدولة، مؤكدا أن الدولة يجب أن تكشف عن نتائج تقييم عمليات التفويت السابقة وأن تضع الرأي العام في الصورة بخصوص الأراضي التي سيتم تفويتها، خاصة من حيث مواقعها. وقال المسكاوي: «إن الأراضي التي سبق أن تم تفويتها كان بإمكانها أن تسهم في الأمن الغذائي الوطني من خلال الحرص على زراعة القمح بمختلف أنواعه وكل ما يهم الاستهلاك الوطني، ومن ثم تخفيف الفاتورة المكلفة للاستيراد، لكننا نرى أنه يتم تسليم تلك الأراضي إلى النافذين والمحظوظين مع إعفائهم من الضرائب، وهناك فئة أخرى تحول تلك الأراضي إلى منتزهات للترفيه والترويح عن النفس، إضافة إلى الخرق المسجل على مستوى الحقوق الاجتماعية للعاملين بتلك الأراضي، إذ يتم طرد أغلبهم وهضم حقوقهم، وهو ما يخلق إشكالا جديدا يتعلق بتفاقم الفقر والبطالة وكل أشكال الحرمان الاجتماعي، وبالتالي يهدد السلم الاجتماعي».