تعيش الدبلوماسية المغربية هذه الأيام حالة استنفار قصوى ..وهي تسابق الزمن من أجل كسب مواقف دول مجلس الأمن بخصوص تصويتها المقبل على قرار تعاطي الأممالمتحدة مع مشكل الصحراء الذي تجاوز عقده الثالث..ولم تكتف حكومة عباس الفاسي بوزرائها القادرين على تقديم يد المساعدة لزميلهم الفاسي الفهري للقيام بمهام وساطة لدى الدول المؤثرة على القرار الأممي، بل استنجدت برؤساء أحزاب أغلبيتها غير المستوزرين مثل إسماعيل العلوي ومحمد الشيخ بيد الله.. إنها قضية المغاربة الأولى..تقتضي تلاحم القصر والشعب. وحين يستقبل رئيس الحكومة الإسبانية أمينا عاما صحراويا لحزب حرق جميع المراحل وأصبح في رمشة عين ضامن استمرارية حكومة عباس في تمتعها بالأغلبية البرلمانية، ويجده مكلفا بنقل رسالة ملكية إلى حكومة جارتنا الشمالية، يفهم جيراننا أن أصحاب القرار في هذه المملكة السعيدة يقفون في نفس الصف على مستوى تدبير ملف وحدتنا الترابية. أليست هذه هي الرسالة التي يريد مهندسو سفريات رؤساء أحزاب الأغلبية الحكومية أن تصل إلى من يهمه الأمر؟ لنترك مستجدات قضية الصحراء على المستوى الدولي، ولننظر إلى الجديد على أرض الواقع.. جندي يصوب رشاشه نحو زملائه ويردي أحدهم قتيلا قبل أن ينهي حياته برصاصة من نفس السلاح.. أبناء ودعوا طفولتهم قبل سنوات طويلة لا زالوا ينتظرون معرفة مصير آبائهم الذين حاربوا في الصحراء دفاعا عن وحدة تراب أجدادهم..ضباط وجنود عادوا من زنازين الأسر في سجون الجزائر ومخيمات البوليساريو لم يسمعوا كلمة شكر واحدة على تضحياتهم.. الأسباب التي دفعت بالجندي إلى إطلاق رصاصه في الاتجاه الخطأ لن تكون سوى الشجرة التي تخفي غابة مشاكل آلاف الجنود الذين أصبحوا يواجهون مصيرا مجهولا لن تغيره قرارات الأممالمتحدة التي تحولت إلى حرب بيانات لا تغير شيئا على أرض واقع العزلة والنسيان التي يعاني منها جنودنا المنسيون. صحيح أنه لعالم الجيش خصوصيته..وليس من السهل أن نحدث تغييرات عميقة في صفوفه دفعة واحدة..لكن نظرة المدنيين إلى العسكريين وحاجة بعضهم إلى بعض عملة لا مفر لنا منها إذا أردنا إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. لنتصور أن مواطنين مدنيين حملوا الطعام أو الورود إلى جنود وسط رمال الصحراء تعبيرا لهم عن شكر الشعب لحماة حدوده..كيف ستكون ردة فعل هؤلاء الذين يضحون بالغالي والنفيس من أجل الوطن..؟ ألن تكون أبلغ رسالة إلى كل من يهمه أمر قضية الصحراء..؟ قبل عشر سنوات استنجد المدنيون بالعسكر لتسليم مفاتيح المخابرات المدنية إلى الجنرال العنيكري..وبعد أن استعادوها من يده وتسلمها الحموشي أحد أبناء الدار..وجدنا أن المخابرات العسكرية بدورها قد سلمت إلى المدني ياسين المنصوري. اليوم أصبح بإمكان المدنيين أن يستعيدوا مفاتيح جامعة كرة القدم..لكن متى نقدم على خطوتين إلى الأمام؟