قبل سنوات، كان سعيد، مواطن في الدارالبيضاء، يحلم بحياة سعيدة، اجتهد لتحقيق جميع أحلامه التي كانت تراوده في الطفولة، لكن كل شيء انقلب في آخر لحظة فقد أصيب سعيد بمرض عقلي، حارت عائلته كثيرا إزاء المصيبة التي حلت بابنها، ولم تتردد في عرضه على أحسن الأطباء المختصين في الأمراض العقلية، إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل، ليجد سعيد نفسه في آخر المطاف رفقة أفواج كثيرة من المختلين عقليا الذين يتجولون بكل حرية في شوارع المدينة، بسبب عدم توفر المدينة على مراكز إيواء كثيرة لهذه الفئة من المواطنين. حالة سعيد هي نفسها التي يعيشها مجموعة من المختلين عقليا في العاصمة الاقتصادية، فقد تحول هؤلاء المرضى إلى قنابل موقوتة تهدد سلامة سكان المدينة، حسب إفادة مجموعة من المواطنين الذين يؤكدون أنه ليس من المعقول استمرار هذه الظاهرة في العاصمة الاقتصادية، لأن ذلك يهدد سلامتهم، على اعتبار أن الإنسان الذي يعاني خللا عقليا لا يمكن التحكم في تصرفاته، الشيء الذي يجعل من يحيطون به في خطر داهم. وقالت إحدى السيدات من مقاطعة ابن امسيك بالدا رالبيضاء "لقد حاولت أن أجد لأحد الأقارب المصاب بخلل عقلي مكانا في مركز لإيواء المختلين عقليا، لكن دون جدوى والمبرر دائما هو عدم وجود مكان شاغر"، وتضيف أنه اختفى حاليا عن الأنظار ولا أحد يعرف مصيره، قبل أن تضيف "ليست هذه المرة التي يختفي فيها عن الأنظار، لقد سبق أن رحل عن المنزل، إلا أن أحد الجيران عثر عليه مرميا في الشارع وهو في حالة سيئة جدا، لكن بعد مرور شهور اختفى من جديد دون أن نعرف حاليا وجهته". ورغم الخطورة القصوى لهذه القضية، إلا أنه لا يتم التعامل معها كواحدة من الأولويات التي يجب الانكباب عليها، حسب بعض المتتبعين لهذه الظاهرة، الذين يؤكدون أن مسؤولية السلطات المركزية ثابتة، إذ لابد من بذل مجهود كبير من أجل توفير أكبر عدد من مراكز الإيواء لهذه الفئة من المواطنين، الذين يشكلون خطرا على أقاربهم وباقي المواطنين، فالمكان الطبيعي لأي مختل عقليا هو مستشفى الأمراض العقلية، وليس البيت أو الشارع العام. ليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها الإشكال المتعلق بالمختلين العقليين، بل سبق في مناسبات كثيرة التأكيد على أن هذه القضية واحدة من المشاكل التي تؤثر على صورة المدينة الساعية إلى أن تتحول في السنوات المقبلة إلى قطب مالي، وهو ما يستدعي تناول هذا الملف بكل جدية عبر الإسراع بإنجاز المزيد من مراكز الإيواء في الدار البيضاء، تنضاف إلى هذه الظاهرة أفواج الكثير من المتسكعين و"الشمكارة" الذين ينتشرون كالنار في الهشيم في العديد من الشوارع الرئيسة بالدارالبيضاء، حيث أصبح منظر هؤلاء المتشردين يثير تذمر الكثير من المواطنين ويتسبب في مخاوف كثيرة بالنسبة إلى العديد من هؤلاء المواطنين الذين يتوجسون من أي سلوك صادر من هذه الفئة التي تتصرف دون حسيب ولا رقيب.