وصف القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالمغرب «روبير جاكسون» اتفاق التبادل الحر الموقع بين المغرب والولايات المتحدة بأنه «لم يصبح بعد اتفاقاً حراً»، بفعل استمرار وجود معوقات وحواجز تحول دون الاستفادة من المزايا التي تتيح زيادة حجم المبادلات بين البلدين والعلاقات الاقتصادية عموماً. و أوضح جاكسون أن تلك العوائق تتجلى أساساً في التشريعات والمعايير والعامل اللغوي، وعدم تأقلم المصدرين المغاربة مع خصوصية ومتطلبات السوق الأمريكية، مستثنين بعض التجارب المغربية الناجحة. وأضاف جاكسون، خلال مائدة مستديرة عقدت صباح الجمعة الماضي بالبيضاء حول العلاقات التجارية بين المغرب والولايات المتحدةالأمريكية، أن المطلوب هو العمل المشترك بين سلطات كلا البلدين للاستفادة من كل الفرص التي تتيحها اتفاقية التبادل الحر. وقد ارتفعت المبادلات التجارية بين المغرب والولايات المتحدةالأمريكية ب 20 % إلى غاية نونبر 2008 مقارنة بالفترة نفسها في 2007، ووصلت قيمتها مليارين و162 مليون دولار، مع ميلان الكفة لفائدة الأمريكيين، بحيث بلغت الصادرات الأمريكية خلال 2008 أزيد من مليار و300 مليون، بزيادة 9 % عن سنة 2007. وتتصدر الطائرات والحبوب والآليات وأعلاف الماشية والأجهزة الإلكترونية قائمة تلك الصادرات. وفي الجانب المغربي ناهزت قيمة البضائع التي دخلت السوق الأمريكية 812 مليون دولار بارتفاع قدره 42 % بين 2007 و2008، وتتضمن بنية تلك الصادرات أساسا المواد المعدنية والأجهزة الإلكترونية والأسمدة والفواكه والأحذية... وزير الصناعة والتجارة أحمد الشامي تحدث عن أبرز ملامح التغيير الذي عرفه المغرب سياسياً واقتصادياً، معتبرا أن الاستقرار السياسي الذي يوجد به معطى مهم بالنسبة للمستثمرين الأمريكيين، قبل أن ينتقل للحديث بتفصيل عن الأهداف الخمسة للميثاق الوطني للنهوض الصناعي، وتحسين مناخ الأعمال... وبخصوص اتفاق التبادل الحر، قال المسؤول الحكومي إن الطريق ما زال طويلاً للاستفادة الكاملة من الفرص التي يتيحها للمغرب للرفع من حضور المنتجات المغربية في السوق الأمريكية. وكانت النتائج الأولية لدراسة أنجزها مكتب الدراسات «رولاند بيرجر»، كشف عنها الأسبوع الماضي حول تقييم اتفاقات التبادل الحر التي وقعها المغرب، قد أشارت إلى أن مهنيي القطاعات التصديرية يجدون صعوبات جمة في تصدير السلع المغربية إلى السوق الأمريكية، ولخصتها في 7 نقاط هي: ضعف تنافسية أسعار السلع المغربية مقارنة بالدول التي تنافس المغرب، وجهل المصدرين المغاربة بشروط التصدير إلى السوق الأمريكية. يضاف إلى ذلك عدم استطاعة المصدرين المغاربة الاستجابة لحجم الطلبيات التي تأتي من الأسواق الأمريكية بفعل انحصار القدرة الإنتاجية للقطاعات التصديرية، والنقص في المجهود الترويجي للمنتجات المغربية لدى صناع القرار والمستهلكين الأمريكيين، وعدم الإلمام بالمعايير التقنية والصحية التي تفرضها السلطات هناك. كما تعوز الصادرات المغربية أدوات لوجيستكية للحضور بشكل أكبر، كغياب ربط مباشر بين البلدين في انتظار تشغيل الخط البحري بميناء طنجة المتوسط، كما تحول بعض الفوارق الثقافية (طغيان استعمال اللغة الفرنسية لدى المقاولات المغربية، وغياب اللغة الإنجليزية شبه الكامل) دون إقبال المصدرين المغاربة بكثرة على السوق الأمريكية. يشار إلى أن نحو 120 شركة أمريكية تستثمر في المغرب، موفرة ما مجموعه 100 ألف فرصة عمل في قطاع السيارات والطيران والشحن والمعادن والأدوية والنسيج... ومع ذلك لا تحتل الاستثمارات الأمريكية سوى 5 % من إجمالي الاستثمارات الأجنبية.