سنة بعد الهجوم الفرنسي على الدارالبيضاء، سيختار الفرنسي بروسبير فتح ماخور كبير بهذه المدينة وتحديدا بأنفا القديمة، وهو الماخور الذي عرف عند المغاربة بحي «بوسبير». كان الحي يمتد على مساحة 24 ألف متر مربع، وكان يضم في المعدل 1000 امرأة تشبع الرغبات الجنسية لزبائن قدر عددهم يوميا ب1500 زبون. وظلت هذه النسوة ينقلن من مختلف جهات المملكة، كما ضم «بوسبير» فرنسيات وإسبانيات ويهوديات أيضا. لقد أدرك المستعمر الفرنسي أن الظاهرة موجودة في المجتمع، رغم مظهره المحافظ، لذلك سعى إلى تقنينها وجعلها مهنة يجب أن تحترم ويحترم زبناؤها، كما يجب أن تؤدي المتعاطية لها ضريبة عن الدخل الذي تحققه. ظلت وزيرة حقوق المرأة، الناطقة الرسمية باسم الحكومة الفرنسية، منذ تحملت هذه المسؤولية، تتمنى أن تعمل فرنسا على إيجاد كافة السبل المساعدة على إلغاء البِغاء في البلاد من خلال فتح ورش للتداول في حيثيات هذه الظاهرة. وأكدت بلقاسم بأن المشروع يتطلب نفسا طويلا ومعالجة على المدى البعيد، مضيفة أنه من السذاجة تصور عكس ذلك. وارتباطا بنفس الموضوع، فقد سبق لعدة أحزاب فرنسية، كالحزب الاشتراكي وحزب الخضر، أن طالبت بشدة بالمصادقة على قرار ينص على «إلغاء البغاء في فرنسا من أجل الوصول في نهاية المطاف إلى مجتمع بعيد عن ممارسة الدعارة». كما اقترح النائب الاشتراكي الفرنسي دانييل بوسكيه إضافة بند جديد إلى قانون العقوبات الفرنسي، يجعل «اللجوء إلى الدعارة» جريمة يعاقب عليها القانون بدفع غرامة قدرها 3000 أورو والسجن لمدة ستة أشهر، تضاف إليها شهور من إعادة التأهيل عبارة عن إقامة إجبارية تعمل على التوعية في المجال الصحي. في غضون ذلك، ارتفعت أصوات مناوئة لدعوات تجريم البغاء والقوانين العقابية، باعتبارها مسا بالحرية الفردية، حيث طالب البعض بإعادة نظام «البيوت المغلقة»، التي كانت منتشرة في فرنسا قبل عقود مضت، والتي كانت تعتبر من تقاليد الحياة الاجتماعية في البلد. يأتي هذا المقترح بغية إيجاد حل جراء اجتياح وانتشار بائعات الهوى المواطنات والوافدات للشوارع والغابات والطرقات. وأعاد هذا الملف قضية البغاء إلى واجهة الأحداث باعتباره أقدم مهنة في العالم. لذلك كان لا بد ان يطرح السؤال عن وضع هذه المهنة في مغرب الاستعمار الفرنسي على الخصوص. توفير المتعة للرعايا الفرنسيين
سعت الإدارة الفرنسية، سنوات قبل التوقيع على وثيقة الحماية في 1912، وبموازاة مع هجوم الحربية الفرنسية على شواطئ الدارالبيضاء في 1907، إلى التفكير في فتح مواخير بهذه المدينة العملاقة. وسنة بعد الهجوم الفرنسي على الدارالبيضاء، سيختار الفرنسي بروسبير فتح ماخور كبير بهذه المدينة وتحديدا بأنفا القديمة، بكل ما يلزم من غرف وحمامات ووسائل نقل تقل منه وإليه، وهو الماخور الذي عرف عند المغاربة بحي «بوسبير». كان «بوسبير» يمتد على مساحة 24 ألف متر مربع. وكان يضم في المعدل 1000 امرأة يشبعن الرغبات الجنسية لزبائن قدر عددهم يوميا ب1500 زبون. وظلت هذه النسوة ينقلن من مختلف جهات المملكة ليقع التنوع الذي يراهن عليه الزبون، فكانت القادمات من الشاوية ومن دكالة ومن سوس ومن الأطلس المتوسط. كما ضم «بوسبير» فرنسيات وإسبانيات ويهوديات أيضا. وبالإضافة إلى إشباع الرغبة الجنسية للزبون، كان «بوسبير» يقدم خدمات أخرى كالأكل والاستحمام. وبذلك استحق أن ينال شهرة كبيرة كأول ماخور رسمي يفتح بقوة القانون، وتحت المراقبة الرسمية للسلطة. بموازاة مع «بوسبير»، أنشأت فرنسا، بتوجيه من الجنرال ليوطي، الذي كان من أشد المتحمسين لتنظيم الظاهرة، أكثر من مرقص كانت تمارس فيها الدعارة والرقص كما هو حال «إيدين كونسير» أو نادي أنفا قبله. ومع تغلل الاستعمار وفرض سياسته في مختلف المجالات، زاد حضور البغاء في جل المدن المغربية. وسجلت الظاهرة، بعد الحرب العالمية الثانية، توسعا كبيرا، خصوصا بعد التغلغل الأمريكي في منطقة القنيطرة والرباط، التي عرفت بحيها الشهير «وقاصة»، الذي كان يضم أكثر من ألف امرأة. وفي مراكش اشتهر حي «عرصة موسى» بنسائه القادمات من الجنوب. وفي المحمدية كان ماخور «سفانكس» من أشهر مواخير شمال إفريقيا من خلال غرفه المفروشة، ونسائه القادمات أساسا من الأطلس المتوسط. وقد كسب «سفانكس» شهرته لأن الساهرين عليه ظلوا يغيرون نسوته كل شهر، مما كان يوفر لزبائنه من الجنود الفرنسيين والأمريكيين التنوع الذي كانوا يبحثون عنه. والخلاصة أن جل المدن المغربية كانت بها أحياء شهيرة تقدم خدمة الجنس في الدارالبيضاءومراكش والرباط وفاس. غير أن الجديد في العملية هو أن المستعمر الفرنسي نجح في تقنين الظاهرة لحماية زبائنها. وبذلك جعل منها بقوة الفعل «أقدم مهنة في العالم»، قبل أن يقرر تجريم ممارسة الدعارة والقوادة بقانون «مارت ريشارد» الصادر في 1946. دعارة في الشمال وفي الجنوب راهن المستعمر الفرنسي على تقنين الحرفة أكثر مما زاد في نشرها خوفا على زبنائها من الإصابة بالمرض، خصوصا أن نسبة كبيرة من الجنود الفرنسيين كانوا في حاجة لهذه الدور المقننة. ولذلك كتب أحد الفرنسيين عن البغاء في العاصمة فاس بأن البغاء كان يشمل أغلب البيوت في قصبة بوجلود وقصبة تامريرت وبالقرب من باب الفتوح وكل الأحياء الفقيرة التي كانت تعج بالنساء القادمات من البادية.. وقد اشتهر حي مولاي عبد الله، وهو اسم باشا المدينة آنذاك عبد الله احماد. وفي البيوت التي تكترى، كان ممثل السلطة يتقاضى مبالغ مالية معينة. لم تكن هذه الحرفة خاصة بالمدن الكبيرة، كما هو حال العاصمة فاس أو جارتها مكناس أو الدارالبيضاء، التي ستعرف بحيها الشهير «بروسبير»، أو مراكش، ولكن الظاهرة امتدت إلى جل المناطق المغربية. ففي الجنوب المغربي كان الوسطاء يبيعون النساء الجميلات لكبار القياد والباشوات في الحوز ولأثرياء المدن هنا وهناك. وعرف عن الباشا الكلاوي أنه كان من أكبر تجار النساء في الجنوب المغربي، حيث ظل يراقب عددا كبيرا من دور الدعارة، التي كانت تضم وقتها أكثر من ستة آلاف امرأة. وكان على كل واحدة من هؤلاء النسوة أن تدفع للباشا الكلاوي مائة فرنك يوميا، كما كتب جي دولا نوي في كتابه « ليوطي، جوان، محمد الخامس ونهاية الحماية». وظل اليهود المغاربة يقدمون إلى قناصل أوروبا وتجارها أجمل ما يملكون من نسوة طمعا في الحصول على الحماية من قنصلياتهم. لقد أدرك المستعمر الفرنسي أن الظاهرة موجودة في المجتمع، رغم مظهره المحافظ، لذلك سعى إلى تقنينها وجعلها مهنة يجب أن تحترم ويحترم زبناؤها. كما يجب أن تؤدي المتعاطية لها ضريبة عن الدخل الذي تحققه. الدعارة في كتابات المختار السوسي والوزان حينما وجدت الإدارة الفرنسية أن جنودها، الذين يوطنون مبادئ الحماية في المغرب، في حاجة لمن يوفر لهم متعة مفتقدة، ستصدر في 16 أبريل من سنة 1924 مرسوما يرخص بموجبه فتح منازل رسمية للمتعة، قبل أن تعود في 1954 لتحينه من جديد. وكانت بذلك تراهن على تطبيق ما ظلت تطبقه منذ قانون أبريل من سنة 1903 الذي ينظم مهنة البغاء بداخل الجمهورية الفرنسية. غير أن البغاء، أو العهارة التي تصنف على أنها أقدم مهن العالم، لم يكن حديثا في مغرب الحماية فقط، بل إنها الظاهرة التي عرفها المجتمع المغربي مثل كل المجتمعات التي عرفت تطورا حضاريا ما، على الرغم من أن الدارسين للظاهرة يتحدثون عن أنها نشطت بشكل كبير بدخول المستعمر الفرنسي. لقد كتب المختار السوسي في مؤلفه «المعسول» ما يفيد هذا المعنى: «لم تشع الأخلاق الفاسدة إلا بعد الاحتلال الذي جر كل وبال على المغرب». غير أن هذه الأخلاق الفاسدة كانت من علامات بعض المدن المغربية في علاقتها بهذه المهنة. ففي القرن السادس عشر كتب الحسن الوزان في وصف إفريقيا أنه «شاهد دورا عمومية تمارس فيها الدعارة بثمن بخس، بل وتحت حماية الشرطة وحاكم المدينة». وقد كان يعني مدينة فاس، عاصمة البلاد وقتها. وكتب عبد الرحمان بن زيدان في مؤلفه «اختلاف أعلام الناس لجمال أخبار حاضرة مكناس» أن السلطان عبد الرحمان كان في القرن الثامن عشر كتب عن الظاهرة، وأضاف: «لقد تسلط الشيوخ على نساء رعاياهم بالاحتيال والقبض على من كانت عنده زوجة حسناء حتى توصلوا لإفسادها». وجاء في كتاب «تاريخ الضعيف الرباطي» أن «القائد الحبيب الملكي سيطر على قرية بأكملها سنة 1767 وجعلها خاصة به. وهي قرية ليس فيها إلا النساء. لقد كانت ممنوعة على الرجال ولا يدخلها إلا بمفرده. كما كان يأتي النساء بالإكراه. وقد اعتقله السلطان محمد بن عبد الله وظل في السجن إلى أن وافته المنية». وزاد محمد غريط في مؤلفه «فواصل الجمان في أنباء وزراء زمان» أن «الناس صاروا بالعاصمة فاس يوم الجمعة كما كان أهل الأندلس يفعلون فعائل أصحاب الطاغوت.. من خلال اختلاط النساء بالرجال متعطرات متبرجات كأنهن بكل ناظر متزوجات». الدعارة في الجزائر أقدم سجلت الدراسات أن ظاهرة البغاء برزت في مدينة الجزائر منذ القرن 16، حيث تحدثت هذه الدراسات عن كيفية تنظيم هذا النشاط واندماجه في قضايا الضرائب العثمانية. ففي كتاب أ. دشين حول البغاء في مدينة الجزائر المنشور سنة1853، وصف المؤلف كيف أن «القاضي المسمى مزوار هو الذي كان يقوم بعملية التسجيل من خلال إثبات أسماء البنات العموميات وجنسيتهن. وكان يذر على صاحبه أموالا طائلة، فإنه يعد من أبشع المهن، ذلك أن هذا القاضي نفسه كان يقوم أيضا بوظيفة الجلاد. ومن ثمة يشنق ويخنق أو يغرق المجرمين من الجنسين. فأن يقوم المسؤول العام للشرطة شخصيا بمراقبة هذا القطاع، فهذا يبدو أمرا عاديا بالنظر إلى كون الدعارة دخلت على الدوام في اختصاص شرطة الأخلاق. لكن دمج وظيفتين هما وظيفة حامي العاهرات، ووظيفة الجلاد الذي يمكنه، بالتالي، أن يشنقهن في أي لحظة بمنحهن الوضع الاعتباري للزانيات مع أن التمييز بين الوضعين الاعتباريين للعاهرة والزانية في الفقه الشرعي غالبا ما يصعب تبينه بدقة». إنه موظف سامٍ للدولة العثمانية يزاول مهمته. وحسب المصادر نفسها، فقد كان يملك قائمة بأسماء النساء العموميات اللواتي كن جميلات، منهن من تدفع له غرامة شهرية تصل إلى 11 فرنكا، وهو ما يعادل 2 دورو إسبانيين في تلك المرحلة، فيما لا يتلقى من الأخريات سوى نصف هذا المبلغ. ولا تذكر المصادر، للأسف، معايير للجمال واضحة ودقيقة، وهو عنصر قد يكون نفيسا لدى محاولة إعادة تكوين، ولو جزئيا على الأقل، الأذواق الجمالية وملامحها في ذلك العصر. الحفصيون شجعوا الدعارة في تونس ظلت الفترة الحفصية في تونس مرجعا أساسيا لتنامي ظاهرة الدعارة في هذا البلد المغاربي. فقد كان المجتمع الحضري يعرف أشكالا خاصة من البغاء الأنثوي وحتى الذكوري متمثلا في المخنثين. وكانت تونس العاصمة الحفصية معروفة في مجموع أنحاء الدولة العثمانية كمركز كبير للفجور. لقد قبلت الدولة الحفصية أن تدمج في نظامها الضريبي المداخيل المتأتية من هذه الأوساط، وبالتالي وجود مثل تلك الأنشطة في الحاضرة. ومن الصعب إعادة رسم صورة دقيقة جدا لتطور البغاء عبر مختلف العصور. لكن فحص مختلف المصادر يتيح العثور على هذا النشاط بطريقة شبه متواصلة وبأشكال تنظيمية موروثة من الحقبة الحفصية. ويثبت المؤرخ التونسي ابن أبي ضياف علاقة التنظيم في الفترة العثمانية. ففي معرض الحديث عن وظيفة مزوار وعلاقته بالبغاء، يعود المؤلف إلى المذهب الحنفي الذي أدخله العثمانيون إلى إفريقيا الشمالية، وهو يعتبر أكثر ليونة من المذهب المالكي المنتشر في مجموع أنحاء المغرب العربي. لقد كان المذهب الحنفي أكثر تسامحا بكثير من المذهب المالكي بخصوص بعض الممارسات مثل زواج المتعة «الذي لم يكن في الحقيقة سوى شكل مقنع من البغاء المتساهل معه في الوسط الإسلامي. في هذا الصدد، يمكننا تقديم فرضية أنه بنوع من المواربة لهذه الممارسة، الخاضعة مع ذلك للقواعد والضوابط، كان البغاء يتمتع بحق الإقامة في مدينة إفريقيا الشمالية في ظل احتلال الأتراك الذين كانوا كلهم على المذهب الحنفي. سنجد إذن هذه الدعارة المقننة في القرن 17 في غمرة الفترة العثمانية. وفي الكتاب الصادر لبول صباغ حول تونس في القرن17، يذكر المؤلف أشكال التنظيم والتقنين التي تذكرنا بنظيرتها في مدينة الجزائر، ويمكننا أن نقرأ أن «النساء العموميات كن يخضعن لمراقبة صارمة. كان ملازم أول بالشرطة يسمى مزوار يقوم بدور بنات المتعة اللواتي كن يدفعن ضريبة على قدر جمالهن وسنهن، وكان يعاقب بشدة اللواتي كن يتاجرن بجمالهن دون الحصول على ترخيص بذلك. وفي القرن 18ستسجل الظاهرة نفسها بنمط التنظيم نفسه. فقد حملت مذكرات سان جرفي، بالخصوص، شهادات بليغة. فكل شيء منظم، بما في ذلك متعة البنات العموميات، فهن لا يستطعن ممارسة البغاء إلا إذا سجلن أنفسهن لدى تركي يؤدي بدوره من هذه الجباية الضريبية 4000 بياسترة للباي. وصاحب المكوس هذا يستخلص حقا من كل واحدة من هذه النساء، ويصب جام غضبه، عن طريق السجن والعقاب، على اللواتي يباغتهن وهن يمارسن هذه المهنة الدنيئة بدون ترخيص. وبذلك لم تكن للمال رائحة عند دولة الباشوات والبايات بتونس كما في الجزائر، وكانت الأهمية الضريبية للدولة تبدو في مقام أسبق من تصور النظام والتوازن الأخلاقي الذي يدافع عنه علماء الحاضرة الإسلامية. وبذلك كانت معارضة الفقهاء هاته نسبية، بل ظاهرية لا غير، وأن تنظيم البغاء كان يساهم كذلك في الانشغالات الأمنية وفي نظام السلطة السياسية. وقد كان يرخص لمزوار، وهو المكلف بتتبع ملف العهارة في كل من تونسوالجزائر، في عدد من المرات في السنة بتنظيم نوع من الاستعراء الكرنفالي لأولئك النساء في حفلات رقص عمومية، كان يستأثر منها بجميع الأرباح. وتذكر هذه الحفلات الراقصة العمومية ببعض الاحتفالات الشعبية القديمة قليلة الشيوع في التقاليد الإسلامية المعروفة. ففي كتاب «المؤنس» يصف ابن أبي دينار، وهو مؤرخ تونسي شهير عاش في القرن 17، حفلا ربيعيا ينظم مرة واحدة في كل عام، ابتداء من فاتح ماي، في ساحة عمومية تسمى ساحة «الوردة»، وتقع على مقربة من أحد الأبواب الأساسية للمدينة، هو باب الخضراء. يتحدث المؤلف عن هذه العادة باحتقار واندهاش في آن واحد، إذ يقول: «بعد عام 1050 ه، عرفت إحدى ساحاتهم تقع بجانب باب الخضراء، ويسمونها» الوردة». وهي نقطة التقاء أهل الانحراف والفجور والبطالة. كان شعارهم هو الملاهي الدنيئة. نجد فيها المغنين، والراقصين والمشعوذين، وتباع فيها الفاكهة الجافة والحلويات. وبعد صلاة عصر كل يوم، يهجم أهل الفجور على الساحة حيث ينظمون فرجات أكثر بهجة من فرجات أيام العيد، على طوال 15 يوما كل عام. وقد انتقلت هذه العادة جيلا عن جيل إلى نظام الأستا مراد الذي منعها. لكن ما مضى وقت طويل حتى ظهرت من جديد ليمنعها الداي أحمد خوجة منعا نهائيا. بلقاسم.. مغربية تريد القضاء على الدعارة في فرنسا حينما نقرأ اليوم مسار أقدم مهنة في العالم وعلاقتها بما خططت له فرنسا خصوصا في المغرب، وقبل ذلك في كل من تونسوالجزائر، نكتشف كيف أن الاستعمار لم يكن يبحث فقط عن الاستفادة من خيرات البلد الاقتصادية فقط، ولكنه سعى للاستفادة من مؤهلاتها البشرية أيضا ولو من خلال الدعارة التي أراد أن يوفرها لرعاياه في كل المناطق. ولذلك اختار أن يقوم بتقنينها ويجعل لها ضرائب تستخلص من لدن الممتهنات اللواتي يخضعن بين الفينة والأخرى للمراقبة الطبية لحماية الزبائن من الأمراض الجنسية. غير أن إعلان استقلال دول المغرب العربي سيسرع بإنهاء العمل بهذه المواخير التي فتحت بقوة القانون، وإن ظلت تمارس عملها بالكثير من السرية قبل أن تغلق نهائيا. وحده بورديل العاصمة التونسية ظل يفتح أبوابه إلى وقت قريب ولم يغلق إلا حينما تفجرت ثورة الياسمين التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بنعلي. اليوم تعود فرنسا، التي رعت الظاهرة في مستعمراتها وقننتها، إلى الحديث عن إمكانية إلغائها ومعاقبة المترددين على بيوتها بغرامات مالية وعقوبات حبسية. ومن غريب الصدف أن تكون وزيرة من أصول مغربية هي التي فتحت هذه الجبهة، التي تعترف بأنها لن تكون سهلة.