قالت دراسة أنجزها مركز أمريكي مختص في تقصي الظاهرة الدينية في العالم، إن ظاهرة النزاعات التي تقوم على أساس ديني هي الأكثر انتشارا في السنوات الأخيرة، مقارنة بالفترة الماضية، نتيجة المتغيرات الإقليمية والدولية وتصاعد موجات التطرف الديني في مختلف الأديان، وامتزاج التعصب القومي بالتعصب الديني. وذكر مركز «بيو» الأمريكي للأبحاث في دراسة أجراها على 198 دولة، خلال فترة زمنية امتدت لست سنوات من منتصف 2007 إلى 2013، وصدرت نتائجها مؤخرا، أن حجم النزاعات الدينية التي تعرضت لها الدول المعروفة بالتمييز الاجتماعي والديني بلغت أعلى معدلاتها في 2012. وأشار المركز إلى أن 33في المائة من إجمالي الدول التي شملتها الدراسة بلغت بها النزاعات الدينية أقصى معدلاتها في 2012 مقارنة بالسنوات الست الماضية، في ارتفاع ملحوظ عن نسبتها في 2011 حيث لم تتجاوز ال29في المائة، وهو الارتفاع الناتج عن تصاعد النزاعات الدينية في كبرى مناطق العالم، عدا الأمريكيتين التي انخفضت بهما معدلات النزاع الديني إلى أدنى حد، فيما كانت معدلاته صارخة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي لا زالت تعاني آثار أحداث ثورات الربيع العربي التي شهدتها في 2011، كما ارتفعت معدلاتها في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وسجلت الصين أعلى نسبة للمضايقات الدينية من بين دول المنطقة. وأوضحت الدراسة أن 46في المائة من الدول التي شملتها ارتفع بها حجم القيود الدينية المفروضة بشكل عام، سواء الناتجة عن السياسات التي تنتهجها الحكومة أو النزاعات الاجتماعية، إلى 76في المائة في 2012، مقارنة ب 74في المائة في 2011، و68في المائة منتصف 2007، ولأن معظم تلك الدول هي من ذات الكثافة السكانية العالية، فهذا يعني أن أكثر من 5.3 مليارات شخص، أي ما يعادل 76في المائة من سكان العالم، يعانون قيودًا بسبب دياناتهم أو مذاهبهم الدينية. وأشارت الدراسة إلى أن عدد الدول التي تنتهج حكوماتها سياسات التقييد الديني ارتفع إلى 24 في 2012، مقارنة ب20 دولة في 2011، وحددت خمس دول تعد بالنسبة للمركز الأكثر انتهاجا لسياسات التقييد الديني، وهي أذربيجان وطاجيكستان والمغرب والعراق وكازاخستان، وخرجت اليمن التي كانت ضمن قائمة الدول الأعلى فرضا لتلك السياسات في 2011، من تلك القائمة في 2012، وهناك 97 دولة، أي ما يعادل 49في المائة من إجمالي الدول، سجلت انخفاضا في وضع سياسات التقييد الديني في 2012، مقارنة ب 100 دولة (51في المائة) في 2011. وأشار المركز إلى أنه من بين دول العالم الأكثر كثافة سكانية، تعد مصر، إندونيسيا، روسيا، باكستان، وبورما (ميانمار)، الدول الأكثر فرضا للقيود الدينية في 2012، سواء تلك التي تفرضها الحكومات أو التي تفرضها الاعتبارات الاجتماعية، وفيما تعد باكستان هي الأكثر معاناة من القيود الدينية بسبب العداءات الاجتماعية، فإن مصر هي الأكثر معاناة من القيود الدينية بسبب السياسات الحكومية. ورصدت الدراسة كذلك ارتفاع معدلات المضايقات والتحرش الديني الذي تعرضت له بعض الفرق الدينية، ووجدت أن فريقين من الفرق السبعة التي شملتهم الدراسة، وتحديدا المسلمين واليهود، هم الأكثر معاناة من التحرش الديني في 2012 مقارنة بالسنوات الست الماضية، سواء من كانت معاناتهم سببها سياسات حكومات البلاد التي يعيشون بها، أو من طرف أفراد وفصائل مجتمعية أخرى تمارس ضدهم التمييز الديني، واعتبر أن مجتمع المسلمين والمسيحيين الذين يشكلون أكثر من نصف العالم مورس التمييز الديني ضد عدد كبير منهم في عدد كبير من الدول كما كان الحال في 2011، ففيما كانت المعاناة حاضرة في 110 دول في 2011، عانى الفريقان التمييز الديني في 109 دول في2012. وكشفت الدراسة كذلك عن ارتفاع نسبة الدول التي تلجأ إلى العنف كوسيلة لتهديد المواطنين وإلزامهم باتباع القواعد الدينية إلى 39في المائة في 2012، مقارنة ب33في المائة في 2011، و18في المائة منتصف 2007. كما جاء في الدراسة أن نسبة الدول التي تعاني الإرهاب الديني بلغت 20في المائة من إجمالي الدول التي شملتها الدراسة، في ارتفاع طفيف عن 2011 حين كانت نسبتها 19في المائة، ولكنه ارتفاع ملحوظ مقارنة ب9في المائة منتصف 2007.