«لقد راسلنا المندوب الجهوي لأكثر من مرة ليزور المستشفى، لكن دون جدوى»، الكلام هنا ليس لمواطنين يشتكون يوميا من تدهور أوضاع المستشفى بإقليم تنغير (يوجد الإقليم بين الراشيدية ووارزازات)، ولكنه لطبيب يشتغل بالمستشفى. الطبيب ذاته قال إنه لا يحلم بزيارة مرتقبة لوزير الصحة، كما يفعل مع عدد من المستشفيات المحسوبة على ما يعرف لدى سكان المنطقة ب»المغرب النافع»، وكل ما ينتظره، ومعه فريق الممرضين والأطباء، هو أن يزور المندوب الجهوي مرفق المستشفى ليقف على الوضع الصحي المتأزم لمستشفى يعاني من جميع «عوامل التعرية»، بينما العشرات من المرضى يعانون من تردي أوضاعهم، ووحدها الأسر التي تتوفر على بعض الإمكانيات المادية هي التي تنقل مرضاها إلى المستشفى الإقليمي للراشيدية، أو المستشفى الإقليمي لورزازات..وتلك قصص أخرى لرحلات طويلة تستغرق ساعات على متن سيارات خاصة، قبل أن تصطدم بواقع الاكتظاظ والمحسوبية، والمواعيد المؤجلة، وضعف التجهيزات، والبحث عن أماكن إيواء...وعدد من هذه الحالات تتم إحالتها من جديد على المستشفيات الجهوية لكل من مراكش وفاس، حيث تزداد محنة العائلات مع المصاريف الإضافية، وانتظار المواعيد، ومشاكل الإقامة.. الطبيب ذاته يورد بأن المندوبية الجهوية للصحة التي تشرف على مستشفى تنغير لها مقر بأكادير..ما يقرب من 12 ساعة على متن سيارة تستدعي التوفر على مؤهلات ميكانيكية عالية لقطع المسافة..والمندوب الجهوي للصحة لم يسبق له أن زار مستشفى تنغير، لأن هذا المستشفى لا يعتبر من أولويات مندوبية جهوية تمتد على مساحة شاسعة وتتبع لها العشرات من المستشفيات في كل من أكادير وتيزنيت وتارودانت، وورزازات، وزاكورة....وهو نفسه الوضع الذي جعل إقليم تنغير في أسفل أولويات جهة أكادير التي تتبع لها بموجب تقطيع إداري لم ينصفها، حسب الفعاليات المحلية. في المستشفى لا وجود لمخزن للتجهيزات والأدوية..وهو ما يجعل الأطقم الطبية تحتفظ بكل هذه اللوازم في المكاتب نفسها التي تشتغل فيها، حيث يختلط الحابل بالنابل..وتقدم العلاجات للمواطنين في مكاتب وقاعات تفتقد للحد الأدنى من التجهيزات، بينما تعجز أطقم المستشفى عن تقديم العلاجات الضرورية لعدد من الحالات الاستعجالية التي تستقبلها، ما يضطرها إلى إحالتها على مستشفيات إقليمية أخرى.. وأمام هذا الوضع، عمدت فعاليات تتحدر من الإقليم إلى تنظيم وقفة احتجاجية، نهاية شهر مارس الماضي، أمام وزارة الصحة. وحظي المحتجون هذه المرة بلقاء مع مدير ديوان وزير الصحة في حكومة بنكيران، حيث سلموه عريضة تطالب ببناء مستشفى إقليمي بهذه المنطقة التي أعلنت في الآونة الأخيرة «عمالة»، دون أن تتوفر المنطقة على بنيات تحتية أساسية مواكبة لتطلعات السكان الذين يشتكون من «عزلة» و»تهميش» سياسات يقولون إنها مازالت تعمل بمنطق «المغرب النافع» و»المغرب غير النافع»..