بدأت أولى خيوط الاعتداء المسلح الذي تعرض له لاعبو فريق الوداد البيضاوي لكرة القدم يوم الخميس الماضي، بملعب بنجلون تتضح، خصوصا بعد إلقاء القبض على بعض المشتبه فيهم، ممن يمكن أن يكونوا متورطين في الأحداث، وأيضا بعد العثور على أحدهم، وبحوزته الهاتف النقال للاعب الوداد أيوب الخالقي. لذلك، يمكن القول إن الخيوط المتشابكة اليوم، لن تظل كذلك في الأيام المقبلة، وأن تحقيقا نزيها وموضوعيا يمكن أن يقود إلى من قاموا بهذا الاعتداء، وأيضا الجهة التي دفعتهم إلى ذلك. وإلى أن ينتهي التحقيق، ويتم الكشف عن المتورطين في هذا الهجوم غير المسبوق في تاريخ الكرة المغربية، فإنه لابد من التأكيد اليوم أن هناك الكثير من الأطراف تتحمل المسؤولية في ما يجري، وأن الأمر لا يعني فقط فريق الوداد، ولكنه يعني عددا من الفرق التي أصبحت تجري تداريبها تحت رحمة «مثيري الشغب» ومن يقدمون أنفسهم على أنهم محبون للفرق. لقد أصبح مشهد اقتحام هؤلاء لملاعب التداريب مألوفا، وأصبح التهديد والسب والشتم، وتهديد أرواح المتدخلين في اللعبة أمرا عاديا. لقد تابعنا قبل أزيد من سنتين، كيف أن محسوبين على جمهور الرجاء اقتحموا ملعب الفريق بلوازيس، بعد خسارة الفريق بخماسية أمام تشيلسي الغاني، وكيف توقفت الحصة التدريبية، وصعد اللاعبون وأفراد من الطاقم التقني إلى المدرجات ودخلوا في حوار مع هؤلاء الغاضبين الذين لم يترددوا في تأنيب اللاعبين، وفي تحويلهم إلى تلاميذ كسالى، بمباركة أعضاء في المكتب المسير الذي كان يقوده أنذاك عبد السلام حنات، مع أنه كان من المفروض وضع شكاية لدى السلطات الأمينة. اليوم تكرر السيناريو بشكل بشع بملعب بنجلون حيث يجري الوداد تداريبه، وقبلها عشنا وقائع اعتداء على حارس «الواف» محمد أمين البورقادي، هذا ناهيك عن ما كان يحدث للمدرب فؤاد الصحابي لما كان يشرف على تداريب أولمبيك خريبكة، إذ كان هناك من يأتي ليهاجمه دون أن يحرك المسؤولون ساكنا، ودون أن يوفر الأمن الحماية للمدرب واللاعبين. لقد أصبح هناك من يؤجج فتيل الشغب، ومن يقوم بالتحريض على الاعتداءات، بل إن هناك شرائط على «اليوتوب» وتصريحات في إذاعات خاصة يمكن العودة لها، لكشف بعض من ملامح خريطة الدم في الكرة المغربية. بالأمس حملت كتائب بعض مسيري الفرق، لافتات تهدر أرواح صحفيين يقومون بعملهم أمام أنظار الأمن، وأمام مرأى ومسمع من مسؤولي هذه الفرق. واليوم، هناك تحريض مباشر وسفك للدماء وتهديد للأرواح، والمفروض وقف هذا العبث، فالهزيمة في كرة القدم يجب ألا تكون مبررا للعنف. في الدوري الإنجليزي انهزم فريق أرسنال بسداسية نظيفة أمام تشيلسي، وفي العام الماضي خسر بثمانية أهداف لاثنين أمام مانشستر يونايتد، ولا أحد أهدر دم المدرب أو رئيس الفريق، بل إن الجمهور يواصل التشجيع بشكل غير منقطع، ويحزن ويتأسف لكنه يملأ المدرجات. لدينا نحن أصبح التشجيع حرفة للبعض، أما تهديد الأرواح، فإن هناك تطبيعا غير معقول معه، لذلك المفروض وضع حد لهذا العبث وعدم التساهل مع من يسفكون الدماء.