لم تعد احتجاجات فئة من جمهور كرة القدم بالمغرب، تقتصر على الشجب والتنديد ودق ناقوس الخطر، والمطالبة بدفع الفرق إلى المضي قدما وتحقيق نتائج إيجابية، بل إنها أخذت منحى آخر، فقد أصبح التهديد بالقتل في مباريات الكرة أمرا عاديا، بل ووصل الأمر إلى حدود التطبيع مع هذه الظاهرة. قبل أيام وجد عبد الإله أكرم رئيس الوداد الرياضي لكرة القدم، لافتات تهدده بالقتل، إذ رفع بعض المحسوبين خطأ على جمهور الكرة، لافتة تخير أكرم بين «الرحيل أو القبر»، مما دفع رئيس الوداد إلى وضع شكاية لدى السلطات الأمنية يطالب من خلالها بالتحقيق في الموضوع ومحاكمة المتورطين في تهديده. وفي مباراة الرجاء والعربي الكويتي في نصف نهائي كأس الاتحاد العربي التي جرت بملعب العبدي بالجديدة، رفع بعض المحسوبين على جمهور الرجاء لافتة تهدد أنصار الجيش الذين سيحلون بالبيضاء لمتابعة مباراة الفريق أمام الرجاء ب»التصفية الجسدية». وإذا كان العقلاء من جمهور الرجاء والوداد شجبوا الأمر، وأكدوا أن كرة القدم هي مسرح للمتعة والفرجة ورسم الفرحة على الوجوه، وليس للتقتيل ولترويع المشجعين، إلا أن هذا التصاعد في وتيرة الاحتجاج، وهذا الاحتقان الذي أصبح يطبع سماء الفرق المغربية يثير الكثير من علامات الاستفهام ويفرض التعامل معه بالحزم المطلوب. عندما تزايدت أعمال الشغب في الملاعب المغربية، وخرج قانون الشغب إلى الوجود، كان الهدف هو أن يشكل هذا القانون درعا لمحاربة الظاهرة، لكن للأسف، يبدو أن هذا القانون لا يطبق بالشكل الأمثل، أو أنه يطبق بانتقائية، علما أن الأمور «تتفاقم» يوما بعد الآخر، وبعض جماعات المشجعين التي من المفروض أن تقوم بدورها في التأطير والتشجيع يريد البعض أن يحولها إلى جماعات للضغط، أو إلى عصابات تقطع الطريق وتحصي أنفاس المتفرجين، وتشحنهم بقنابلها الموقوتة وتوظفهم على هواها. هذا العنف المتزايد وهذه التهديدات اللفظية بالتصفية الجسدية التي أصبحت تتخذ شكل منظما، يجب ألا يكون هناك أي تسامح معها، مثلما أن على السلطات أن تطبق القانون بعدل، شريطة ألا يطال الظلم أي طرف، أما الصمت وعدم التعامل مع ظاهرة التهديد بالقتل في الملاعب بما يلزم من صرامة، فإنه سيؤدي إلى أمور عكسية، وسيحول كرة القدم، إلى مسرح للدمار والتقتيل، بدل أن تكون مسرحا للفرجة والمتعة ولربط أواصر المحبة بين الجماهير كيفما كانت انتماءاتها.