أعظم خبر قد تسمعه المرأة في حياتها هو خبر حملها وانتظارها لمولود يتوج ويعزز علاقتها بزوجها، غالبا ما تكون فترة الحمل من أحسن الفترات التي تمر بها المرأة. فنظام حياة الأم يتغير كليا، بحيث تصبح أكثر اهتماما بمأكلها ومشربها أكثر من أي وقت مضى. إن الأم تصل إلى ذروة سعادتها لما تترصد حركات الجنين بين أحشائها. فلا تتردد ولو لهنيهة واحدة في نسج تلك العلاقة الوطيدة بفلذة كبدها الذي لم ير نور الله سبحانه وتعالى بعد. ينتظر الأب والأم وصول ولي العهد أو الأميرة المدللة على أحر من الجمر. عادة ما يكون في انتظار المولود الجديد ملابس جديدة وألعاب مختلف أشكالها وألوانها و غرفة صغيرة تكون هي بيته وعنوانه. وغالبا ما تكون مشاعر الأمومة موحدة لدى جميع أمهات العالم. إلا أن بعض الأمهات ينزل عليهن خبر الحمل كالصاعقة ؛ فتلجأ بعض النساء الميسورات ماديا إلى الإجهاض لدى بعض الأطباء عديمي الضمير الذين غضوا الطرف عن القسم الذي دشن مشوارهم المهني. أما النساء ذوات المكانة الاقتصادية المتدهورة فيلجأن إلى بعض الخلطات الغريبة وأبسط مثال لها « أسبرو ASPRO» ممزوج بالقليل من مشروب غازي وفي بعض الأحيان يلجأن إلى « الحرمل « أو بعض الأعشاب السامة التي أفضل عدم ذكرها.وإن لم تنجح هذه الطرق تلجأ بعض النساء إلى سبل أشد خطورة على الجنين ، كضرب البطن بقوة شديدة أو القفز العشوائي وغيرها كثير. إذ تحاول الأم في هذه الحالة التخلص من أمومتها بصفة عامة ومن آثار الجريمة التي تتحمل عواقبها وحدها بصفة خاصة. عندما تبدأ آثار الحمل تسترعي الانتباه، تهرع الأم إلى المداراة عبر حزم البطن بشدة وارتداء ملابس فضفاضة أملا في إخفاء آثار جريمة ارتكبت في يوم نحس. عيون لا تنام، وقلوب تخشى ما سيصير.(خائفات من فجر الغد الذي سينشر قميصه الأبيض في الفضاء). خائفات من نظرات المجتمع التي تدمي مشاعرهن. (خائفات على فلذات كبدهن من الجوع والتشرد، يعشن في كابوس تقشعر منه النفوس ولا ينتظرن إلا يدا ترأف بحالهن فتوقظهن). إنهن يعشن في خوف لا حدود له، خوف من المستقبل، خوف من الضياع، خوف من المجتمع، خوف من العار الذي حل بالعائلة. إنهن الأمهات العازبات اللاتي يتجرعن ظلم القانون وقساوة المجتمع . هذه هي الحقيقة المرة التي يتفادى المجتمع المغربي مواجهتها أو التصدي لأسبابها ، على اعتبار أن الأمهات العازبات لسن مومسات ، بل هن ضحايا الاغتصاب أو الاستغلال الجنسي الذي تتعرض له المراهقات . للأسف الشديد القانون المغربي لم ينصف الأم العازبة المغتصبة على الإطلاق. فغالبا ما تتحمل الأم العازبة نتائج الجريمة المرتكبة بمفردها. فهي التي تهجر بيت العائلة، وهي التي تتحمل نظرات الناس، وهي التي تهرع إلى البحث عن عمل يحفظ لها ماء وجهها، وهي التي لا يغمض لها جفن، وهي التي تفكر في أهوال المستقبل، وهي التي تتحمل المهانة والذل والاحتقار. أصبح اليوم طفل الأم العازبة ينتسب لأمه بعد موافقة أبيها، وفي حالة عدم الموافقة تختار الأم اسما من أسماء الله الحسنى فيصبح نسب الطفل كالتالي: عبد الجبار، عبد الرزاق، عبد الرحمن... فحسب مدونة الأسرة في المادة 153 تعتبر بنوة الأمومة شرعية في حالة الزوجية والشبهة والاغتصاب . ولكن ألا تظنون معي أن رغم هذه التعديلات القانونية فإن طفل الأم العازبة تزداد معاناته مع توالي الأيام . لهذا أقترح في هذا الصدد أن يعاد الاعتبار للأم العازبة وابنها بما يضمن لهما حقوقهما في المواطنة وفي العيش الكريم . فضلا عن تشديد العقوبات ضد جريمة الاغتصاب بما يحفظ حقوق الفتاة المغتصبة التي تعرضت كرها لجريمة دنست شرفها وعذريتها. تؤكد السيدة محجوبة إذبوش مؤسسة جمعية « أم البنين» لرعاية الأم والطفل التي تقع في مدينة أكادير، أن الأمهات العازبات ظاهرة تتحكم فيها الظروف وينقسمن إلى فئات متعددة: الفئة الأولى هي: خادمات المنازل مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الأعمار. الفئة الثانية هن الفتيات المغتصبات من طرف وحوش بصورة إنسان. الفئة الثالثة هن طالبات الجامعات اللواتي لم يمنعهن مستواهن التعليمي والثقافي من معرفة حدود العلاقة بين الجنسين. الفئة الرابعة والتي لم يتم رصد الكثير منها في الجمعية وهن فتيات مراهقات يتملصن من سيطرة الآباء فيهربن إلى الشارع. وهنا يفاجأن بالواقع المر فهن يقعن في يد المتشردين فيتلاعبون بهن كما يشاءون. إن من حق الطفل أن يحافظ على ماء وجهه أمام المجتمع وأن لا ينعته أحد بابن الحرام، أو ابن الزنا والتسميات كثيرة لا تعد ولا تحصى. والطريقة الوحيدة التي قد تضمن للطفل حقه أمام المجتمع هي إرغام الأب على الاعتراف بابنه إذ غالبا ما يرفض الأب ذلك لعدة أسباب من أهمها أن المادة 157 من مدونة الأسرة تنص على التالي ( تترتب على النسب جميع نتائج القرابة ويمنع الزواج بالمصاهرة أو الرضاع وتستحق به نفقة القرابة والإرث). لهذا السبب يجب أن يرغم القانون الأب على إجراء تحاليل الحمض الوراثي من أجل انتساب الطفل لأبيه وبذلك قد يعيش الطفل حياته نسبيا عادية على الأقل في المجتمع الذي لا يمكن أن يعيش خارجه. وتجدر الإشارة مرة ثانية أن الأم العازبة المغربية ليست مومسا ولكن احتقار المجتمع لها وإهمال القانون لوضعيتها ووضعية طفلها العسيرة قد يجعلانها تمتهن أقدم مهنة في العالم لعلها توفر كسرة خبز لطفلها.