طيلة أربعة أيام من هذا الأسبوع، سيلتقي سينمائيون شباب مغاربة مع نظرائهم من أوروبا والدول العربية للمشاركة في فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الدولي لفيلم الطالب. وصرح مدير المهرجان عبد الله الشيخ بأن الدورة ستعرف مشاركة 76 فيلما ستتيح للمخرجين الشباب المغاربة الاستفادة من دورات تكوينية في المهن السينمائية طيلة أيام المهرجان. - ماهو برنامج الدورة الثانية لمهرجان فيلم الطالب هذه السنة؟ < سيستفيد الطلبة الشباب من الحلقات التكوينية والمحترفات، وارتأت اللجنة المنظمة أن تنظم ورشة لإعداد »فيديو كليب» لأول مرة بالمغرب بالتنسيق مع معهد »جوته» الألماني وتشرف عليه المخرجة الألمانية المعروفة »روترو بارت»، وورشة المهن السينمائية الخاصة بالسيناريو وما بعد الإنتاج إلى جانب تكوين خاص بالفيديو تشرف عليها مؤسسة ايبيسوفت الدولية. وتدخل ثلاثة أصناف من الأفلام حلبة التباري، وهي الأفلام التوثيقية وأفلام التحريك والأفلام الروائية. يتمثل هدف هذه الدورة في ترسيخ قيم الحوار والتواصل بين الشباب المغاربة وشباب الضفاف العربية والأجنبية لتبادل التجارب المشتركة، ومن خلال هذا الانفتاح يطور الشباب مداركهم ومهاراتهم السينمائية، قد تكون ثمرتها إنتاجات مشتركة. أما الجانب الآخر فإننا نريد أن نقوي تكوين الطلبة المغاربة في المجال السمعي البصري الذين يتابعون تكوينهم الأكاديمي في المهن السينمائية. - كيف تقيم التكوين السينمائي للشباب المغاربة في المهن السينمائية؟ < ليس بإمكان أحد أن ينكر أن المغرب يشهد حاليا طفرة في المشهد السمعي البصري، والدليل هو رهان مضاعفة إنتاج الأفلام السينمائية ليتجاوز 40 فيلما في السنة، هذا التراكم الكمي يعرف هامشا من الجودة رغم وجود أفلام أخرى ليست جيدة بسبب الإكراهات المادية لارتفاع تكاليف الإنتاج.. الإنتاجات المشاركة في الدورة حققت هذا الرهان رغم أن المشاركين يشتغلون وسط غياب استثمارات في أسس الصناعة السينمائية، وترتفع مدارس التكوين في العديد من المدن المغربية، حيث تتوفر الدارالبيضاء وحدها على عشر مدارس متخصصة في السينما. نلاحظ أن مجموعة من الشباب المغاربة يقبلون على إنتاج أفلام تحريكية بتقنيات البعد الثاني والثالث عكس ما كان عليه الوضع في الماضي. - ما هي المواضيع التي يفضل الشباب معالجتها في أفلامهم؟ < يؤمن هؤلاء الشباب بهامش كبير من الحرية في تعاطيهم مع القضايا التي يعتبرها البعض قضايا من الطابوهات، من خلال سيرورة تنشئتهم الاجتماعية ونجد أنهم يحاولون في أفلامهم خلخلة مجموعة من القيم السلبية في البلاد، لذا فهم يناقشون مثلا السلطة بمختلف مستوياتها، الجنس والعنف، الإشكالات التي تهدد كيان الإنسان بشكل عام والإرهاب، مما يعكس أن الشباب المغاربة يتفاعلون مع محيطهم ويبحثون عن حلول لها. - لكن ما هي المشاكل التي تواجه هؤلاء المخرجين في عرض أفلامهم؟ < في المجال السينمائي المغربي نجد العرض أكثر من الطلب، وتركز المعاهد التكوينية على شعبة الإخراج، لكن يجد هؤلاء المتخرجون أنفسهم مجبرين على العمل كتقنيين في شركات الإنتاج أو التصوير ويضحون بتخصصاتهم التي درسوها.. - كيف ترى ظاهرة المخرجين المغاربة الذين يأتون من الخارج لتمويل أفلامهم بالمغرب؟ هناك مخرجون يستفيدون من علاقاتهم الأجنبية للحصول على الإنتاج المشترك، ورغم أن الفيلم يكون باللغة الدارجة فإن السيناريو يكون مكتوبا باللغة الفرنسية. معظم أفلامنا تتم كتابتها بعين الآخر لتستجيب للجهة الداعمة، كيف يرانا هو وليس كيف نرى نحن أنفسنا، مجموعة من الأفلام أعادت نسخ الواقع، فتجد الفيلم الروائي شبيها بفيلم وثائقي بالتركيز على الجانب الديني والسياسي، ليس من أجل طرحها ومعالجتها وإنما لتلبية طلب جهات داعمة. السينما هي الحلم وتعتمد على التشكيل والخيال والجمالية، الزمن السينمائي شعري وليس هو زمن الواقع... - هل نجحت السينما المغربية إذن في معالجة السياق السوسيولوجي للبلاد؟ < ضحينا بالسينما في المغرب من أجل الواقع، عندما نشاهد فيلما سينمائيا مغربيا نرى التحقيق الصحفي، السينما تحرك أفق انتظار المشاهدين وهي تنبني بالأساس على الإيحاء، العديد من «الأفلام» استفزت مشاعر المشاهدين المغاربة لأنها اعتمدت على التقرير، كان من الممكن معالجة مجموعة من اللقطات الحساسة من خلال عنصر الإيحاء دون الاستخفاف بسلم إدراك المتلقي المغربي الذي لا يريد مشاهدة الواقع بل الاستمتاع بالخيال عبر الاشتغال الجيد على الذاكرة. أين يجد كتاب السيناريو الشباب أنفسهم ضمن هذه الدينامية السينمائية؟ < لدينا كتاب سيناريو شباب ملمون بقواعد الكتابة السينمائية ويحتاجون فقط لمنحهم الفرصة ليكشفوا عن مواهبهم. للأسف هؤلاء يتيهون في متاهات الإدارة ويشتغلون في قنوات ووكالات الاتصال والإنتاج ويعملون في الظل. حلت مثلا مؤسسة «ايبيسوفت» بالمغرب التي تبنت هذه السنة عملية تكوين 30 شابا متخصصين في أفلام التحريك لمدة سنة وتضمن لهم فرص الشغل داخلها، ومازالوا يبحثون عن كفاءات مغربية أخرى. - متى يمكننا الحديث عن صناعة سينمائية بالمغرب؟ < لكي تكون لدينا تلك الصناعة يجب الاشتغال على مستويين: الأول يعتمد على هندسة المرافق السينمائية التي مازال المغرب يفتقر إليها بإمكانيات متطورة، أما الجانب الثاني فيتمثل في الأحداث السينمائية المرجعية، إذ رغم العدد الكبير من المهرجانات التي ينظمها المغرب إلا أنها مازالت تحتاج إلى أن تكون شهادة استحقاق للفنانين المغاربة..