فجرت نقطة تتعلق بإقالة النائب السابع لعمدة مدينة الرباط سلسلة اتهامات متبادلة بالفساد بين عدد من أعضاء المجلس الجماعي، خلال الدورة التي عقدت أول أمس، والتي كشفت عن بداية انهيار التنسيق القائم بين «البام» والحركة الشعبية داخل المجلس. وتحولت قاعة الاجتماعات إلى محاكمة هدد فيها عدد من الأعضاء بكشف ملفات فساد زملاء لهم، خاصة بعد أن تدخل المستشار سعد بنمبارك، وقال إن بعض الأحزاب تجلب أشخاصا دون المستوى، وهو ما جعله في مواجهة عاصفة من الاتهامات بالتورط في سلسلة من الخروقات، في إشارة إلى علاقته بشركة «الرباط باركينغ»، التي تحوم حولها علامات استفهام كثيرة بخصوص طريقة تسييرها المالي والإداري. كما طالت الاتهامات أيضا رئيس مقاطعة اليوسفية إبراهيم الجماني من طرف نائب العمدة المعني بطلب الإقالة، حيث فاجأ هذا الأخير الجميع وهو يقف أمام العمدة فتح الله ولعلو، ويوجه كلامه للجماني، قائلا إن خلفيات الإقالة «واضحة ومفضوحة»، وتتمثل في تصديه للفساد داخل مقاطعة اليوسفية. وأضاف: «أنت من يجب فتح تحقيق معك حول ما تقوم به من فساد داخل المقاطعة»، قبل أن يؤكد بأن الهدف من الإقالة هو معارضته بشكل علني لما يحدث من ممارسات خارج القانون. ولم يتردد عدد من المستشارين خلال نفس الدورة في تأكيد أن المجلس غرق في الابتذال، وتحولت دوراته إلى «شوهة علنية»، وقال المستشار الجيراري إن المجلس «يجتر فشله وفضائحه ولا فائدة من معارضته أو إقالة أي شخص». كما طالب إدريس الرازي، رئيس مقاطعة حسان، بوقف «العبث الحاصل» وكشف ملابسات إدراج نقطة الإقالة، ليأتي الرد في شكل تلميح من مستشار آخر أكد بأن من يقف وراء ذلك معروف، وأن هناك أشخاصا آخرين قدمت لهم وعود بالوصول إلى هذا المنصب بعد الموافقة على الإقالة. وكان عدد من المستشارين حذروا من تكرار سيناريو الدارالبيضاء، بعد التراجع الخطير الذي عرفته مدينة الرباط خلال السنوات الماضية بفعل انشغال المجلس بالتطاحنات السياسية والسعي نحو المصالح الشخصية. وكان المجلس قد وضع نقطة إقالة النائب السابع على رأس جدول أعماله ل«ارتكابه خطأ جسيما»، قبل أن تتم مباشرة بعد عقد الدورة مناقشة مدى قانونية هذه النقطة، حيث تمت المطالبة بسحبها بدعوى عدم الإدلاء بما يفيد ارتكاب النائب خطأ جسيما، مع التوجه إلى تشكيل لجنة سياسية للبحث في الموضوع. وبدا واضحا أن نقطة الإقالة تسببت في شرخ كبير في التنسيق القائم بين الحركة الشعبية والأصالة والمعاصرة، نتيجة تباين الطموحات الشخصية لعدد من الأسماء، بعد أن كشفت مصادر مطلعة أن طلب الإقالة تم تبينه من طرف الجماني، الذي تلقى ضربة سياسية قوية جعلته في وضع حرج، بفعل المعارضة الشديدة التي واجهها هذا الطلب، خاصة من طرف مستشاري حزب الحركة الشعبية، وهو الأمر الذي دفعه إلى محاولة إنقاذ الموقف من خلال تجنب الرد على الاتهامات الموجهة إليه، ومحاولة تنسيق المواقف بشكل مكشوف بين مستشاري الأصالة والمعاصرة بعد أن اتضح أن طلب الإقالة لم ينجح في المرور وفق سيناريو تم إعداده سلفا.