قررت محكمة الاستئناف بفاس تبرئة شاب متهم باعتناق المسيحية وزعزعة عقيدة مسلم. وقال المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إنه تلقى منطوق الحكم بارتياح، بعدما كان هذا الشاب الذي يتحدر من ضواحي تاونات متابعا بمقتضيات الفصل 220 من القانوني الجنائي، وهو الفصل الذي وصفته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ب»المثير للجدل». وطالبت السلطات بتحمل مسؤوليتها في «حماية حرية المعتقد والضمير، وترسيخ ذلك مجتمعيا، مع العمل على نبذ و تجريم كل أشكال الكراهية و التكفير» . الشاب المسيحي، بعد النطق بالحكم الاستئنافي بفاس، في 13 فبراير الجاري، لن يكون مجبرا كما في السابق، على ارتياد إحدى دوائر الأمن بمدينة فاس للتأكد من عدم مغادرته للنفوذ الترابي للمحكمة، كقرار قضائي اتخذ في حقه بعدما قررت المحكمة متابعته في حالة سراح، عوض الاحتفاظ به رهن الاعتقال الاحتياطي في سجن عين عيشة بضواحي تاونات، في بداية الأمر، ولاحقا في السجن المحلي عين قادوس بمدينة فاس. وجرى اعتقال الشاب «محمد البلدي» في قرية «عين عيشة» بنواحي تاونات يوم الأربعاء 28 غشت الماضي 2013 ، حيث عمدت السلطات المحلية إلى مداهمة منزلة عائلته، وتم الاستماع إليه من قبل عناصر للدرك، وتقرر تقديمه في حالة اعتقال أمام المحكمة الابتدائية لتاونات، ولم تمض سوى أيام قليلة حتى نطقت في حقه بالسجن 30 شهرا وغرامة محددة في 500 درهم، بعدما توبع بمقتضيات الفصل 220 من القانون الجنائي. وينص الفصل على أن « من استعمل العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبادة ما أو على حضورها، أو لمنعهم من ذلك، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. ويعاقب بالعقوبة نفسها كل من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم، ويجوز في حالة الحكم المؤاخذة أن يحكم بإغلاق المؤسسة التي استغلت لهذا الغرض، وذلك إما بصفة نهائية أو لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات .» لكن قضية الشاب المسيحي عادت لتأخذ مجرى مغايرا عندما أحيل ملفه على محكمة الاستئناف بفاس. فقد تم تمتيع محمد البلدي بالسراح المؤقت يوم الخميس 26 شتنبر 2013 بعد قبول طلب دفاع المتهم والذي ضم 7 محامين. ويحكي الشاب المسيحي، وهو ابن شرطي متوفى، يعاني أوضاعا اجتماعية صعبة، تفاصيل مثيرة عن اعتناقه للمسيحية، إذ سبق له أن مر بظروف نفسية قاسية، أفضت، في سنة 2002، إلى دخوله لمستشفى الأمراض العقلية والنفسية ابن الحسن بمدينة فاس، بعدما تعرض لهزة نفسية، عاودته لأكثر من مرة، قبل أن يستقر به الحال كمسيحي. الشاب الذي اضطر للتوجه نحو كتامة، في سنة 2002، من أجل العمل كمياوم، سبق له أن تعاطى للمخدرات، ما أدى إلى إصابته بهزة نفسية، ولدى عودته إلى بلدته، ظل يؤنس عزلته بمذياع تم استقطابه بواسطة برامج إذاعية تروج للدين المسيحي. وتمكن لاحقا من نسج علاقات مع عدد من الشبان الذين اعتنقوا هذا الدين، قبل أن تتوصل السلطات المحلية بقريته ب»إخبارية» تتهمه بنشر الدين المسيحي في أوساط بعض القاصرين في الدوار، ما دفعها إلى اقتحام بيت عائلته، حيث حجزت عددا من الكتب والأقراص الدينية، ونفى هذا الشاب تهمة التبشير عنه، دون أن ينفي اعتناقه للدين المسيحي، في جميع أطوار التحقيقات التي أجريت معه.