كشف تقرير أمني فرنسي عن ارتفاع عدد المسلمين الفرنسيين الذين التحقوا بميادين القتال في سوريا لكي يصل إلى حوالي 700 شخص، ما بين مسلمين من جذور عربية ومغاربية، وآخرين من جذور فرنسية اعتنقوا الدين الإسلامي. التقرير أثار زوبعة إعلامية بخصوص المجلس الفرنسي للديانة الفرنسية، الجهة الراعية لأوضاع المسلمين بفرنسا والمكلفة بالإشراف على شؤون المسلمين الدينية. وجاء في التقرير، الذي كشفت عنه صحيفة «لاكروا» المقربة من الكنيسة في الأسبوع الماضي، أن عدد المسلمين الملتحقين بسوريا قد ارتفع بشكل ملحوظ ويظل مرشحا لكي يتزايد في الأيام المقبلة، مما يعني أن التطرف الديني حسب التقرير قد بدأ يغزو التراب الفرنسي. وقال التقرير إن الأسر الفرنسية التي يلتحق أبناؤها بالجماعات الجهادية ظلت تلتزم الصمت طيلة الفترات الماضية قبل أن تبدأ في التحرك، لكن اعتمادا على وسائلها الخاصة بعيدا عن الدولة، لمعرفة مصير أبنائها، قبل أن ترفع النقاب عن مأساتها وتعرضها أمام الرأي العام بعدما أصبحت عاجزة عن العثور على آثار أبنائها. وكانت أسرة الشابين جان دانيال بونس (30 عاما) ونيكولا بونس (22 عاما) المقيمة في تولوز أعلنت عن وفاتهما في سورية، فيما تمكنت الاستخبارات الفرنسية من ضبط شابين لا يتجاوز سنهما 15 و16 سنة كانا متجهين إلى سورية عبر تركيا، وحققت معهما قبل إحالتهما على القضاء، ما زاد من موجة القلق العام من انتشار التشدد السلفي لدى الشباب. وقال وزير الداخلية الفرنسي مانوال فالز، تعليقا على التقرير، إن أعداد الجهاديين الفرنسيين الذين توجهوا إلى سورية يقدر حتى الآن بسبعمائة عنصر، مضيفا بأن هؤلاء يخضعون لمراقبة الاستخبارات الفرنسية أثناء وجودهم في سورية. وحسب التقرير فإن فرنسا لا تملك أي خطة لمتابعة أوضاع المتأثرين بالأفكار المتشددة لدى اكتشاف أمرهم من أجل مساعدتهم على الخروج من ذلك الوضع. واعتبر التقرير أن فرنسا «ليست لديها سياسة وقائية لمنع تمدد ظاهرة التطرف الديني، مما جعلها تلجأ فقط إلى القمع كوسيلة للحد من هذه الظاهرة. واقترح التقرير اعتماد الطريقة البريطانية المعروفة بخطة «شانل» لمكافحة التشدد، وذلك بإقامة خط هاتفي أخضر تستخدمه الأسر المعنية، بالإضافة إلى إشراك البلديات والدوائر الرسمية في رصد هؤلاء الشباب. وأولى التقرير الفرنسي أهمية خاصة لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي والمشاركة في الحوارات الدائرة على صفحاتها بطرح أفكار مناهضة للتشدد والغلو الديني، حيث كشف التقرير أن السلطات الأمنية الفرنسية رصدت بعض المواقع المتطرفة التي يجلها المسلمون الفرنسيون ووضعتها تحت المراقبة. ووجه التقرير نقدا لاذعا إلى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المخاطب الوحيد للسلطات الفرنسية فيما يتعلق بقضايا الإسلام والمسلمين، حيث أشار إلى أن المجلس»لم ينخرط أبدا» في ملف المسلمين الفرنسيين الذين يلتحقون بسوريا للقتال «في الوقت الذي كان يجب أن تحتل مكافحة التطرف الديني رأس الأولويات». ونصح التقرير بضرورة انخراط وزارة التعليم من خلال تشجيع التلاميذ والطلبة على الحس النقدي لما يبث وينشر على شبكة الأنترنت. وهاجمت الصحف الفرنسية المجلس، متهمة إياه بالتزام الصمت تجاه هذه الظاهرة التي تخترق المجتمع الفرنسي، وقالت بعض الصحف وبعض المحللين الفرنسيين إن المجلس الذي يعتبر المثل الوحيد للمسلمين في فرنسا لا يريد خسارة موقعه أمام من يمثلهم من المسلمين، لكي لا يزيد في الانقسام حول مشروعية تمثيليته للإسلام في فرنسا، خاصة في وجود جهات منافسة. وأرجعت بعض الانتقادات سبب صمت المجلس إلى منافسته القوية مع «التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا»، الذي أنشئ من أجل مكافحة ظاهرة الهجوم على الإسلام والمسلمين، متهمة المجلس بالرغبة في القيام بنفس الدور الذي يقوم به التجمع وإهمال دوره الحقيقي وهو نشر الإسلام المعتدل ومكافحة خطاب التطرف.