لم تمر سوى أيام قليلة على حادث الانتحار المدوي للمندوب الإقليمي لوزارة الصحة بإقليم الراشيدية، «احتجاجا» على تردي القطاع بالإقليمي، و»عجزه» عن «الاستجابة» لتطلعات الأمهات والأطفال في المستشفى الإقليمي، خرج والي جهة مكناس تافيلالت، أثناء ترأسه لأشغال دورة عادية للمجلس الإقليمي لمكناس، يوم الخميس الماضي، بانتقادات لوضعية القطاع في الجهة، فاجأت عددا من المنتخبين الحاضرين، ونعت القطاع في الجهة ب»المعطوب». الوالي أحمد الموساوي، وهو من مسؤولي وزارة الداخلية الذين لا يكثرون من الكلام، أشار إلى أنه وجه مراسلات في شأن أزمة قطاع الصحة بالجهة إلى وزارة الصحة، وضمنها معطيات صادمة حول «الأعطاب» التي تعاني منها المستشفيات والمراكز الصحية في إحدى أكبر جهات المغرب، وإحدى أكبر المناطق التي تعاني فئات واسعة من سكانها من الهشاشة الاجتماعية. ووجه والي الجهة انتقادات إلى «طرق» عمل بعض الأطر الطبية، وقال إنها لا تلتزم بمواقيت العمل، وبعضهم يسافر من مساء يوم الجمعة، ولا يعود إلى المدينة إلى غاية يوم الاثنين. وأضاف، في معرض «تشريحه» لوضعية القطاع، إلى أن بعض الأطر أصبحت منشغلة ب»كنز» الأموال، واقتناء الضيعات، عوض تركيز الاهتمام على تقديم الإسعافات والعلاجات الضرورية للمرضى، وأقسم بأغلظ الأيمان بأنه «لن يرحم» أيا كان ضبط متلبسا بتلقي رشاوى من المرضى الذين يتوافدون على مختلف أقسام ومصالح مستشفيات الجهة. ولم يكتف والي جهة مكناس ب»التقارير الرسمية» التي تستعرض وضعية القطاع بالجهة في «الكشف» عن مكامن «الداء» في القطاع. وقال، وهو يشد انتباه الحاضرين إليه، إنه زار «خلسة» وبشكل مفاجئ عددا من المستشفيات، ووقف على اختلالات تعاني منها، إلى حد أن المواطن يمكنه أن يدخل إليها معافى، ويخرج منها مريضا منهكا. وشبه مستشفى مولاي إسماعيل، وهو من أكبر مستشفيات العاصمة الإسماعيلية، ب»الغابة»، في إشارة إلى كونه «يحتضن» بيوت صفيح، وأعشابا تغطي بعض أرجائه. ولقي اقتراح تقدم به يقضي بتشكيل لجنة مكونة من مستشارين جماعيين وأعضاء المجلس الإقليمي ومندوب الصحة، بغرض إنجاز تقرير شامل حول أعطاب قطاع الصحة ترحيبا من قبل فعاليات نقابية في القطاع، أوردت بأنها سبق لها أن استعرضت، في مراسلات لها، عددا من مكامن الضعف في قطاع الصحة بالجهة، وتطرقت إلى النقص الحاد في الموارد البشرية، وضعف بنيات الاستقبال المخصصة للمرضى، وعدم وضوح عدد من الصفقات التي ترمي إلى تشييد بنايات طبية، لكن دون جدوى. وتميز هذا اللقاء بتقديم عرض حول القطاع الصحي بمكناس، استعرض خلاله النائب الإقليمي السيد كريم الطيبي، المشاريع المنجزة في هذا المجال على مستوى عمالة مكناس وإكراهات القطاع وآفاقه. وقال كريم الطيبي، النائب الإقليمي لقطاع الصحة، في عرض له، إن المدينة تتوفر على حوالي 85 من البنيات الصحية العمومية، موزعة على خمسة مستشفيات للأنكولوجيا و64 مؤسسة صحية أساسية، ومركز واحد لتصفية الدم ومركز مرجعي واحد للصحة الإنجابية ومصلحتي ولادة وخمس دور للولادة وستة مختبرات موزعة على ثلاثة مختبرات للتحليلات الطبية، ومختبر واحد للتشخيص الوبائي، وواحد لمحاربة الأمراض الطفيلية، وواحد لداء السل والأمراض الصدرية، فضلا عن مركز واحد لتحاقن الدم. أما عدد البنيات الصحية الخاصة فيبلغ عددها، حسب المندوب الإقليمي، حوالي 603 مؤسسة موزعة على 11 مصحة خصوصية و229 عيادة طبية وأربع عيادات للفحص بالأشعة و11 مختبرا للتحليلات الطبية و40 عيادة للأسنان و300 صيدلية. وأشار الطيبي إلى أن القطاع في المدينة يعاني من تشتت المصالح الصحية التي تؤدي الخدمات وتقادم البنيات الصحية، وعدم استجابتها للمعايير الحديثة وصعوبة الولوج للخدمات الصحية، خاصة بالنسبة لسكان العالم القروي، والنقص الحاد في الموارد البشرية وارتفاع معدل شيخوخة الأطر.