حرص عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، خلال مروره للسنة الثانية على التوالي بمنتدى دافوس العالمي بسويسرا، على بعث رسائل مباشرة وأخرى غير مباشرة إلى معارضي حكومته، دون أن ينسى لعب ورقة الملكية والاستثناء المغربي. أولى رسائل بنكيران، خلال تدخله يوم الجمعة الماضي في ندوة «شمال إفريقيا الواعدة»، كانت تلميحه إلى إمكانية مغادرته منصبه حين حديثه عن بعض من شارك في منتدى دافوس السنة الماضية ولم يعودوا في السلطة هذه السنة، بقوله: «لا أريد أن أتدخل في قضايا الدول، فكل دولة أدرى بظروفها وشعبها، لكن لا بد حينما نحضر مثل هذه الملتقيات، التي حضرتها السنة الماضية رفقة بعض الإخوة الذين لم يعودوا في المسؤولية ولعله (منشط الندوة) يشير إلى أنه ربما في السنة المقبلة سيأتي الدور علي، لكن ليس هذا مهما، فالمهم هو أن الإنسان والهيئة والدولة تتقدم إلى الأمام». ثاني رسائل رئيس الحكومة وجهها إلى معارضي حكومته، كاشفا أن المغرب عرف السنة الفارطة دعوات، لم يحدد مصدرها، لحل الحكومة التي يقودها، وتوقيفها، وقال: «كأن القضية كانت عدوى تنتقل في المنطقة. من وراءها؟ الله أعلم. كان هناك من يطالب بزوال حكومتنا وتوقيفها، ولكن الشعب المغربي وعلى رأسه صاحب الجلالة صرف الأمر بطريقة حكيمة»، قبل أن يضيف: «وقعت مشكلة لدى حزب سياسي غادر الحكومة وتم تعويضه بحزب سياسي آخر، والآن نحن في الحكومة الثانية التي أترأسها والأمور تسير بكل صدق من حسن إلى أحسن. السيناريوهات التي تمر وفقها الأشياء ليست مهمة، وإنما المهم هو أن تشعر الشعوب بأن ما يقع معقول وطبيعي وينسجم مع ما قيل لها في البداية». إلى ذلك، حذر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية مما سماه الإقصاء، في رد على دعوات معارضي الإسلاميين، وقال إن «الإقصاء لا يجب أن يكون. لا أعتقد أنه يمكن إقصاء جهة حقيقية جاءت من رحم المجتمع»، قبل أن يستدرك قائلا إن القوة لها مدى قصير في النهاية». ولم يفوت بنكيران الفرصة لرفع ورقة الديمقراطية في وجه خصوم الإسلاميين، وقال إن «الشعوب تحب الوضوح فإذا آمنت بالديمقراطية وذهبت إلى الانتخابات وارتضت الأشخاص الذين تفرزهم صناديق الاقتراع يكون من حقها أن تلاحظ أن ما آمنت به يذهب في نفس الاتجاه وإلا سنصبح في عنت شديد لشرح أشياء يصعب شرحها. والشعوب من حقها، اليوم، أن تتساءل إن كانت تملك، حقيقة، مصيرها أم لا. إحباط آمال الشعوب تنتج عنه أمور غير ايجابية لها ولغيرها». من جهة أخرى، عاد بنكيران للتأكيد على الاستثناء المغربي، حينما أشار إلى أن الشارع المغربي تحرك إبان الربيع العربي بدرجة أقل مقارنة بالحراك الذي عرفته بعض الدول كتونس ومصر، «لأنه لم يشهد بالتأكيد العديد من الاختلالات على غرار ما شهدته دول أخرى»، معتبرا أن خصوصية التجربة المغربية استمدت مقوماتها من دينامية الإصلاحات التي تم الانخراط فيها تحت قيادة الملك محمد السادس، والتي تجسدت بشكل كبير من خلال خطاب 9 مارس 2011، الذي استجاب، حسبه، لمطالب الحركة السياسية منذ الاستقلال، سواء تعلق الأمر بالديمقراطية أو بحقوق الإنسان أو الحريات وفصل السلط.