وجه أحمد لحليمي المندوب السامي للتخطيط صفعة جديدة للتدبير الحكومي، عندما كشف، أول أمس الأربعاء، عن معطيات خطيرة بخصوص المديونية العامة للدولة، مؤكدا أن اللجوء المكثف للتمويل الداخلي لتغطية عجز الميزانية، الذي استقر في حدود 6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2013، سيؤدي إلى ارتفاع معدل الدين العمومي الإجمالي إلى 77.4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2013، وإلى حوالي 83.7 في المائة من الناتج الداخلي الخام خلال سنة 2014، الشيء الذي سيؤثر على السوق النقدي وبالتالي سيؤدي إلى رهن القطاع الخاص، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة. واعتبر الحليمي، خلال ندوة صحافية نظمت بالدار البيضاء، أن هذه الوضعية تؤكد أن المغرب سقط في فخ اقتصادي نتيجة عدم استشراف التدبير الماكرواقتصادي، مشيرا إلى أنه أصبح من الضروري إعادة النظر في سياسات الميزانية والصرف والنقد، من خلال فتح حوار وطني يحدد أدوار جديدة للميزانية ولمكتب الصرف ولبنك المغرب، ويتيح القيام بالتعديلات المتناسقة على المستوى العملي والزمني للسياسات والبرامج العمومية لكي تكون مقبولة من طرف المواطنين. ودعا المندوب السامي للتخطيط المسؤولين الحكوميين إلى البحث عن نموذج تدبيري جديد وجريء بعيدا عن الحسابات «السياسوية»، مؤكدا أن المغرب انخرط بما فيه الكفاية في المقاربة «الفقهية» للسياسة، وآن الأوان لينتقل إلى المقاربة «الاقتصادية» للسياسة المعمول بها في البلدان المتقدمة. وأشار أحمد لحليمي إلى أن القيام بالإصلاحات الآنية المتعلقة بصندوق المقاصة ونظام التقاعد هو خيار ملح وضروري، ولابد لبعض فئات المجتمع من التضحية لتسهيل القيام به. غير أنه اعتبر أن هذه التضحية يجب أن تكون إلى جانب إصلاحات جوهرية اقتصادية واجتماعية تتيح للمواطنين مواجهة التداعيات السلبية للإصلاحات المرتقبة. على مستوى آخر، أكد المندوب السامي للتخطي أن حجم الناتج الداخلي الإجمالي لسنة 2013 سجل، حسب توقعات المندوبية، ارتفاعا ب 4.4 مقابل 2.7 في المائة سنة 2012. وأوضح لحليمي أن ارتفاع الناتج الإجمالي يتوقع أن يكون قد أسهم في خلق حوالي 84 ألف منصب شغل، فيما يرتقب أن يكون معدل البطالة، على المستوى الوطني، قد بلغ 9.1 في المائة في السنة الماضية بدل 8.2 في المائة في السنة التي سبقتها. وأضاف أنه وفق معطيات الظرفية المتعلقة بسنة 2013، فإن أهم أنشطة القطاع غير الفلاحي ستعرف تراجعا، خاصة أنشطة القطاع الثانوي كالمعادن وبعض الصناعات التحويلية والبناء والأشغال العمومية، مستدركا أن النتائج الجيدة للقطاع الفلاحي وتعزيز بعض أنشطة القطاع الثالثي لوتيرة نموها، ستمكن من تغطية تأثير تراجع أنشطة القطاع الثانوي. وفي هذا الصدد، أبرز أن الأنشطة غير الفلاحية ستعرف تراجعا في وتيرة نموها، لتستقر في حوالي 2 في المائة عوض 4.3 سنة 2012، فيما ستسجل أنشطة القطاع الثانوي انخفاضا جديدا ب 0.7 في المائة، ويواصل قطاع الصناعات التحويلية منحاه التنازلي مسجلا وتيرة نمو لن تتجاوز 0.5 في المائة بدل 1.5 في المائة سنة 2012. وبالموازاة مع ذلك، سيعرف القطاع الثالثي تراجعا في وتيرة نموه، لتنتقل من 5.9 في المائة سنة 2012 إلى 3.3 في المائة سنة 2013. وبخصوص الطلب الداخلي، أشار لحليمي إلى أنه سيساهم ب 2.8 نقط في النمو بدل 2.4 نقط سنة 2012، بينما سيعرف استهلاك الأسر زيادة ب 3.6 في المائة، وهي الوتيرة نفسها المسجلة سنة 2012، واستهلاك الإدارات العمومية انخفاضا في وتيرة نموه لتستقر في 4.7 في المائة عوض 7.9 سنة 2012، مبرزا أن الاستهلاك النهائي الوطني يتوقع أن يرتفع ب 3.9 في المائة لتصل مساهمته في النمو إلى 3.1 نقطة. وبالإضافة إلى ذلك، سيسجل الطلب الخارجي مساهمة موجبة في النمو ستصل إلى 1.6 نقطة، حيث سيسجل حجم الصادرات من السلع والخدمات زيادة ب 3.5 في المائة مقابل 2.7 في المائة سنة 2012، مستفيدا من بعض القطاعات الصاعدة كصناعة السيارات وصناعة الطائرات، في حين ستعرف الواردات انخفاضا ب 0.7 في المائة مقابل 2 في المائة سنة 2012