خفضت المندوبية السامية للتخطيط نسبة معدل النمو المتوقعة برسم السنة الجارية إلى 2,4 في المائة، عوض 3,4 في المائة، التي حددتها الحكومة قبل أسبوع. ويرى عبد اللطيف العطروز، أستاذ المالية العامة في كلية الحقوق بمراكش، أن التضاربات المسجلة على صعيد الأرقام بين الحكومة وبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط في ما يخص معدل النمو، هو أمر مفهوم، بالنظر إلى أن الحكومة تعطي تقديرات متفائلة، لأن النمو مرتبط بمكونات أخرى، من قبيل التشغيل والاستثمار، أما المؤسسات الأخرى فليس لها الاعتبارات ذاتها، وتعطي نسبا تتطابق مع الواقع. وقال العطروز، في تصريح ل "المغربية"، إن هذه "السنة استثنائية بكل المقاييس، بدءا بالظروف الداخلية المتمثلة في موسم فلاحي صعب، وصولا إلى تأثيرات الأزمة الدولية"، مشيرا إلى أنه من الصعب التنبؤ بما قد يحدث خلال السنة المقبلة، وأن "المغرب يبقى تحت تأثير تطورات ومعطيات الظرفية الدولية". وذكر المندوب السامي للتخطيط، أحمد لحليمي٬ أول أمس الأربعاء بالدارالبيضاء٬ أن معدل النمو الاقتصادي الوطني يقدر ب 2,4 في المائة في 2012، مقابل 5 في المائة في 2011، مع فرضية إنجاز برامج الاستثمار العمومي ونفقات التسيير المعلنة في القانون المالي المصادق عليه بالبرلمان في ماي الماضي. وربط لحليمي٬ في نشرة حول "الوضعية الاقتصادية في 2012 وآفاقها في 2013"٬ توصلت "المغربية" بنسخة منها، هذا التراجع بالظروف المناخية غير الملائمة المسجلة هذه السنة، مقارنة مع السنة الماضية٬ التي أثرت سلبا على حصيلة الموسم الفلاحي، خاصة في ما يتعلق بإنتاج زراعات الحبوب. وأشار لحليمي إلى أن القيمة المضافة للقطاع الأولي ستشهد انخفاضا بحوالي 9,3 في المائة، نتيجة تراجع إنتاج الحبوب ب 42,8 في المائة، مقارنة بالمستوى المسجل في 2011، مبرزا أن الأنشطة الفلاحية الأخرى وتربية الماشية ستعرف انتعاشا، نتيجة تحسن الظروف المناخية بداية من أبريل الماضي. وأضاف المندوب السامي للتخطيط أن الأنشطة غير الفلاحية ستشهد نموا بنسبة 4,3 في المائة، عوض 5 في المائة في 2011، مؤكدا أن هذه "الوتيرة تبقى مهمة بالنظر إلى الصعوبات، التي عرفتها هذه الأنشطة خلال سنتي 2008 و2009، نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية". وحول القطاع الثانوي (المعادن٬ والطاقة٬ والصناعات التحويلية٬ والبناء٬ والأشغال العمومية)٬ ذكر لحليمي أن أنشطة هذا القطاع ستسجل تحسنا بنسبة 4,4 في المائة، عوض 4 في المائة سنة 2011، وأن هذا المنحى التصاعدي للقيمة المضافة للقطاع الثانوي يعزى إلى دينامية أنشطة البناء والأشغال العمومية وأنشطة الفوسفاط ومشتقاته. أما عن القطاع الثالث (الخدمات التسويقية والخدمات غير التسويقية)٬ فأشار لحليمي إلى أن قيمته المضافة ستعرف تراجعا في وتيرة نموها، لتستقر في حوالي 4,2 في المائة، عوض 6 في المائة في 2011. وحسب المندوب السامي للتخطيط٬ فإن سنة 2012 ستتميز، أيضا، بمواصلة تباطؤ الطلب العالمي الموجه للمغرب، من 7,8 في المائة في 2010 إلى 5,8 في المائة في 2011، ويتوقع أن يصل إلى 2 في المائة في 2012، و مداخيل السياحة الدولية من 6,8 في المائة في 2010 إلى 4,3 في المائة في 2011، وإلى 2 في المائة في 2012، وكذلك تراجع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج من 8,3 في المائة في 2010 إلى 7,3 في المائة في 2011، وإلى 4 في المائة في 2012. من جهة أخرى٬ ذكر لحليمي أن الطلب الداخلي سيواصل، خلال 2012، دعمه للنمو الاقتصادي٬ إذ ستصل مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي إلى 3,5 نقط٬ وسيسجل الطلب الخارجي مساهمة سالبة جديدة، تصل إلى 1,1 نقطة سنة 2012 و1,5 نقطة سنة 2011. وأضاف أن دينامية الطلب الداخلي تعزى إلى استهلاك الإدارات العمومية، والتكوين الإجمالي لرأس المال الثابت٬ مشيرا إلى أن حجم استهلاك الإدارات العمومية سيعرف تحسنا ب 12,5 في المائة، مساهما ب 2,3 نقطة في النمو الاقتصادي لسنة 2012 عوض 0,8 نقطة خلال السنة الماضية نتيجة ارتفاع نفقات التسيير ب 11,7 في المائة. وذكر أن التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت سيعزز الانتعاش الذي عرفه خلال 2011، ليسجل حجمه نموا بوتيرة 5,2 في المائة سنة 2012، إذ ستصل مساهمته إلى 1,6 نقطة في النمو عوض 0,8 نقطة في 2011، مبرزا أن الاستهلاك النهائي للأسر سيعرف خلال 2012 تراجعا ملحوظا، لتنتقل وتيرة نموه من 7,4 في المائة في 2011 إلى 2,3 في المائة سنة 2012، نتيجة انخفاض الاستهلاك الذاتي والمداخيل الفلاحية٬ لتبلغ مساهمته في النمو 1,4 نقطة عوض 4,2 نقط في 2011. وعن المبادلات الخارجية٬ ذكر لحليمي أن حجم الصادرات من السلع والخدمات سيعرف، في 2012، نموا بوتيرة 4,5 في المائة، عوض 2,1 في 2011، في حين، سترتفع الواردات بوتيرة أعلى، ستصل إلى 5,7 في المائة في 2012، عوض 5 في المائة في 2011. وأشار المندوب السامي للتخطيط إلى أن الاقتصاد العالمي سيسجل، خلال 2012، وتيرة نمو متواضعة، ستصل إلى 3,5 في المائة، عوض 3,9 في المائة في 2011، نتيجة التراجع الملحوظ لاقتصاديات الدول المتقدمة (1,4 في المائة عوض 1,6 في المائة سنة 2011)٬ وكذا لاقتصاديات الدول الصاعدة والنامية (5,7 في المائة عوض 6,2 في المائة في 2011). وبالنسبة للسنة المقبلة، أفاد المندوب السامي للتخطيط أن النمو الاقتصادي الوطني سيسجل خلال 2013 وتيرة ستصل إلى 4,3 في المائة، بفضل انتعاش أنشطة القطاع الأولي ب 5,8 في المائة، مقارنة مع 2012، وتعزيز دينامية الأنشطة غير الفلاحية.