ما يميز مختلف مدن الجهة الشرقية، وخاصة وجدة، خلال إحياء ذكرى المولد النبوي، هو الاحتفال بطقوس خاصة تستعمل فيها المفرقعات والشهب النارية وغيرها من «المواد المتفجرة» الخطيرة أحيانا والمزعجة كثيرا، في جميع الأماكن وأغلب الأوقات حتى ساعات متأخرة من الليل. وبالمناسبة، تزدهر تجارة هذا النوع من «المواد المتفجرة» المهربة من الجزائر أو من مليلية المحتلة، وتغرق أسواق مدينة وجدة، خاصة منها أسواق ساحة سيدي عبد الوهاب والأسواق الأسبوعية، حيث يتم عرضها على المواطن، وتتمثل في عدد متنوع من المفرقعات مختلفة من حيث الأحجام وقوة الانفجار ودويه، من «الصواريخ» الطويلة والعريضة، والشهب النارية متنوعة الألوان والمفرقعات الصغيرة وغيرها مما ينتجه الصينيون ويتم تسويقه في الجزائر، قبل أن يعبر الشريط الحدودي الجزائري المغربي وتصل إلى أيدي هؤلاء الأطفال. ورغم ارتفاع أسعارها، هذه السنة، حسب بعض الشبان المتاجرين فيها، تعرف هذه المواد المتفجرة، التي أصبحت تحمل أسماء وصور نجوم مثل «زيدان» و«ميسي»، رواجا قلّ نظيره ويجلب زبناء من مختلف الأعمار، أغلبهم أطفال ومراهقون, أما الآباء فيرضخون لرغبات أبنائهم، ومنهم من يكتفي لصغاره بهدايا من لُعب عبارة عن أسلحة نارية وصوتية كهربائية، فيما تلجأ البنات إلى صخب الدفوف و«التعاريج». يتباهى الأطفال بقوة دوي انفجارات «أسلحتهم» وعبورها لمسافات طويلة، بل يستعملونها، في أحيان كثيرة، في لعبهم على طريقة «حروب» غير معلنة ويتراشقون بها وينصبون كمائن لبعضهم البعض وللمواطنين وللتلاميذ وحتى للأساتذة في بعض المؤسسات التعليمية. ينصب هؤلاء المشاغبون، على حين غفلة، «قنابلهم» بين أرجل زملائهم، أو يعمدون إلى رميها وسط جموع التلاميذ المتجمهرين أمام المؤسسات أو خلال فترات الاستراحة، وحتى داخل الأقسام أثناء الدرس، ويستمتعون بردود أفعال ضحاياهم كلما نجحت خططهم في إفزاعهم وإرباكهم، وقد تتسبب، في كثير من الأحيان، في العديد من الحوادث غير محمودة العواقب منها ما وصل إلى مستعجلات مستشفى الفارابي بوجدة. عبّر العديد من المواطنين، غير ما مرة، عن تخوفاتهم من استفحال هذه الظاهرة التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي السمح الذي ينبذ العنف، والتمسوا من السلطات المسؤولة، الأمنية والمحلية والمنتخبة والتربوية، التدخل العاجل بعمليات تحسيسية ومنع ترويج هذه المفرقعات والضرب بقوة على مستعمليها، وذلك لما تشكله من أخطار على السلامة البدنية والصحية وحتى النفسية للمواطنين, صغارا وكبارا، دون الحديث عن الأضرار المادية التي تتسبب فيها كاحتراق الملابس وتمزيقها. ومن جهة أخرى، يعمد بعض شبان الأحياء إلى صنع مفرقعاتهم بأنفسهم وبطريقة تقليدية محلية بوضع مادة «الكاربيل» التي تستعمل في الإنارة التقليدية، في قنينات يضيفون إليها قليلا من الماء ويشعلون فتيلة متصلة بالغاز المنبعث من القنينة حيث تنفجر تحت ضغط الغاز المتكدس، محدثة دويا يروع الحي ويوقظ الغارق في نومه ويفزع الرضيع ويربك النساء والفتيات ويضحك الأطفال والمراهقين ويسعدهم.