وجد عبد الله بها، وزير الدولة، نفسه أمام سيل من الانتقادات لمشروع القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة، والوضع القانوني لأعضائها، في شقه الخاص بحالات التنافي والقواعد المتعلقة بالحد من الجمع بين المناصب، حيث تحالفت أصوات من الأغلبية والمعارضة على حد سواء للمطالبة بالفصل التام للسلطة عن الثروة بالنسبة لأعضاء الحكومة، فيما وصف برلمانيون مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة ب»المحافظ». وطالب فريق العدالة والتنمية، في مداخلة لرئيس الفريق عبد الله بوانو والنائبة آمنة ماء العينين، أول أمس أمام لجنة العدل والتشريع، بعدم النزول عن الحد الأدنى الذي وضعه الدستور في الحديث عن حالات تنازع المصالح، وضمان المنافسة الشريفة، وما يتعلق بالتسريبات المنصوص عليها في الفصل 36 من الدستور. واقترح فريق العدالة والتنمية، على غرار عدد من الفرق، توسيع حالات التنافي لتشمل أيضا رئيس جهة ورئيس جماعة، «وألا يتوقف فقط الوزير عن إدارة مؤسسة خاصة ذات أهداف ربحية خلال تقلده لمنصب حكومي، بل ألا يكون طرفا في إبرام أي صفقات مع الدولة»، ووصفت النائبة آمنة ماء العينين المشروع الحكومي ب»الضيق جدا». من جهته، أكد الشرقاوي الروداني، النائب البرلماني عن فريق الأصالة والمعاصرة، أنه «فيما يخص حالات التنافي لأعضاء الحكومة يجب القطع بين السلطة والثروة، لكن المشروع الحكومي محافظ أكثر من اللازم». وأكد الشرقاوي أن «الوزراء يجب أن يكونوا في مستوى تطلعات تحمل المسؤولية بشكل هادف وعقلاني، وعلى أي عضو له صفة حكومية أن يكون في منأى عن أي عمل تجاري أو مالي قد يستفيد منه، خاصة أن أعضاء الحكومة يجب أن تتوفر فيه صفة الحياد والمسؤولية». وأضاف أن «المنصب هو منصب سياسي وعلى أعضاء الحكومة تحمل كامل مسؤوليتهم، ومن يريد أن يكون رجل أعمال فله ذلك، لأن القانون المغربي يعطيه الحق في تأسيس شركة أو في ممارسة الأعمال التجارية، دون أن يكون ذلك له ارتباط بالممارسة الحكومة، لأن من شأن ذلك أن يكون له تأثير». لكن وزير الدولة عبد الله بها كان له رأي آخر عندما قال: «ما تحدثتم عنه هو المعضلة منذ زمان، لكن يجب أخذ الأمور بوسطية، لأن مساهمة الناجحين في الحكومة هو تضحية وليس امتيازا بالنسبة إليهم، بل هناك من وصل إلى الحكومة أو البرلمان وتضرر، وبالتالي فما قيل من حيث المبدأ هو صحيح، لكن يجب مراعاة الواقع، لأن بعض الناس إذا تم التنصيص على كل هذا لن يهتموا لذلك المنصب الحكومي، وفي المقابل ستضيع المصلحة العامة للبلاد، فيما ستستمر أعماله بشكل عادي». وأضاف أنه «إذا أردنا رفع مستوى تدبير الشأن العام فيجب أن تكون هناك حوافز مادية ومعنوية لمن سيأتي للحكومة، فهناك من له وضع اجتماعي، وحتى إن كان مستعدا للتضحية، فإن محيطه لا يسمح بذلك»، حيث أكد «إمكانية مراجعة النص الحكومي لكن باعتدال»، مشيرا إلى أنه «بدل التنصيص على القيود، يجب الاجتهاد في تتبع ومراقبة تعارض المصالح». إلى ذلك، طالب محمد حنين، النائب التجمعي والرئيس السابق للجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، بتحسين الوضعية المالية الوزراء، لأنه «لا يعقل أن يتقاضى وزير أجرا لا يتجاوز 50 ألف درهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، ومساهمة بعضهم ماديا مع أحزابهم السياسية»، متسائلا في سياق آخر عن ردود الفعل التي ستثيرها المادة المتعلقة بتحديد الحكومة بنفسها، عبر نص تنظيمي، للأجرة الشهرية والتعويضات الممنوحة لأعضاء الحكومة.